...
Show More
- افضل الروايات، بالنسبة لي، تلك التي تذكرني بروايات قريبة الى قلبي او عقلي، فكيف اذا كانت البداية قد وضعتني في جو "اسم الوردة"، والتفاصيل ذكرتني بـ "اله المتاهة"، والديالكتيك اعادني الى "المعلم ومرغريتا"، وتعدد السبل احالني الى ابن طفيل ورائعته "حي بن يقظان"!هذا العبق اللذيذ مع السرد البسيط والإستطرادات الفلسفية المبنية على ثنائيات عديدة (سأفصلها لاحقاً) جعل من هذه الرواية احدى الكلاسيكيات الرائعة التي ستبقى في ذاكرتي لوقت طويل جداً!
- تبدأ القصة مع وصول غولدموند الى الدير حيث نرسيس، نرسيس فرّيسي (يمتلك الفراسة) فيسبر اعماق غولدموند وينصحه بإيجاد مسلكه فلا هو راهب وليس بإستطاعته ان يكون مفكراً، يغادر غولدموند وتبدأ مغامراته التي لا تنتهي، ينغمس بمتع الحياة ويتخلل مساره الكثير من الحب والجنس والتشرد والسير والموت والفن والنحت والرسم كما يتخلله استنتاجات من كل تجربة حياتية مرّ بها واستخلاص نتائج وتفسيرات... يلتقي الصديقان بعد سنوات فينقذه نرسيس من الموت ويعود به الى الدير حيث يعصر غولدموند خلاص تجربته في بعض المنحوتات ويستقر اخيراً مطمئناً على فراش الموت تاركاً نرسيس ليبدأ رحلته الخاصة من دون اي تفاصيل من الكاتب.
- القصة بظاهرها قصة صديقان تجمعهما المحبة ورغم ان القسم الأكبر كان عن غولدموند الا ان نرسيس كان حاضراً بين سطور الرواية بمجملها. هذان الصديقان متناقضان احدهما يمثّل العقل (نرسيس) او الفكر والجانب الأبوي والآخر (غولدموند) يمثّل العاطفة والجانب الأمومي (او الانثوي)، نرسيس يمثّل المجردات الباردة وغولدموند يمثّل المحسوسات الدافئة، نرسيس يمثّل الفكرة وغولدموند يمثّل الصورة!
- القصة بباطنها تحمل العديد من التفسيرات والطبقات، خصوصاً مع الفلسفة الدائرية التي اعتمدها "هيسه" مع غولدموند حيث بدأ من الدير ولفّ الأرجاء وعاد الى نقطة الإنطلاق بإرتكازه على محور "الأم" والعاطفة. كما ان الإعتماد على الديالكتيك والثنائيات وفلسفات نيتشة من جهة وتصوف إيكهارت من جهة ثانية قد اغنى الرواية واعطى لها ابعاداً جديدة وتمخّض عنها اسئلة كثيرة.
- نرسيس قد يمثّل الفكر المجرّد لكنه بذات الوقت قد يمثّل التديّن السلبي حيث لا تجارب حياتية بل انعزال وابتعاد وانعتاق، على النقيض لغولدموند الذي قد يمثّل الطريق الى التديّن الإيجابي او "الشك في اتجاه اليقين" حيث خاض غمار كل التجارب الممكنة من اجل الحصول على الخلاص! لكن بذات الوقت فإن نرسيس يمثّل الفكر المتنور الصافي الذي يترك الناس تعبر عن ذاتها بدون فرض واكراه وتخويف وابتزاز ( ص330"لا تحاول ان تقلد الزهاد والمتفقهين، بل كن ذاتك، واعمل على تحقيق ذاتك") كما انه لا يتصرّف كمن يمتلك الحقيقة المطلقة بل ان تواضعه يسمح له بقول الآتي (ص344:"كم من دروب تؤدي بنا الى المعرفة، وان الدراسة ليست الدرب الوحيد المؤدي اليها. ولعلها ليست ألأفضل في ذلك")
- اما على الصعيد الشخصي فقد رأيت نرسيس وغولدموند يشكلان جزئين لإنسان واحد، العقل والعاطفة، وهذان الجزءان لا يتوقفان عن العبث داخل كل انسان فأما ان يجذبه نرسيس اليه واما ان يسحبه غولدموند بإتجاهه، لكن هذه العملية ليست بعملية ارتقاء او انحدار بل مسلكين اثنين يؤديان الى النتيجة عينها، المعرفة والخلاص. ولا شكّ بأننا نحتاج لقليل من نرسيس وقليل من غوادموند في هذه الرحلة القصيرة على الأرض.
- ختاما، هل كان غولدموند هو هيرمان هيسة الذي ترك الدير في صباه؟! ام كان نرسيس بما يمتلكه هيسة من نرجسية ام انهما اقنومان لهيسة واحد!؟
- الترجمة كانت جيدة جداً، لدي تعليق بسيط على استعمال كلمة "الحب" فقد اتت بمعنى: المحبة، والعشق، والشهوة، والوله وكان من الأفضل استعمال المفردات المتاحة (والكثيرة) للغة العربية الا اذا كان هيسة قد عبّر بمفردة واحدة (الحب) عن كل هذه الأحاسيس!
- تبدأ القصة مع وصول غولدموند الى الدير حيث نرسيس، نرسيس فرّيسي (يمتلك الفراسة) فيسبر اعماق غولدموند وينصحه بإيجاد مسلكه فلا هو راهب وليس بإستطاعته ان يكون مفكراً، يغادر غولدموند وتبدأ مغامراته التي لا تنتهي، ينغمس بمتع الحياة ويتخلل مساره الكثير من الحب والجنس والتشرد والسير والموت والفن والنحت والرسم كما يتخلله استنتاجات من كل تجربة حياتية مرّ بها واستخلاص نتائج وتفسيرات... يلتقي الصديقان بعد سنوات فينقذه نرسيس من الموت ويعود به الى الدير حيث يعصر غولدموند خلاص تجربته في بعض المنحوتات ويستقر اخيراً مطمئناً على فراش الموت تاركاً نرسيس ليبدأ رحلته الخاصة من دون اي تفاصيل من الكاتب.
- القصة بظاهرها قصة صديقان تجمعهما المحبة ورغم ان القسم الأكبر كان عن غولدموند الا ان نرسيس كان حاضراً بين سطور الرواية بمجملها. هذان الصديقان متناقضان احدهما يمثّل العقل (نرسيس) او الفكر والجانب الأبوي والآخر (غولدموند) يمثّل العاطفة والجانب الأمومي (او الانثوي)، نرسيس يمثّل المجردات الباردة وغولدموند يمثّل المحسوسات الدافئة، نرسيس يمثّل الفكرة وغولدموند يمثّل الصورة!
- القصة بباطنها تحمل العديد من التفسيرات والطبقات، خصوصاً مع الفلسفة الدائرية التي اعتمدها "هيسه" مع غولدموند حيث بدأ من الدير ولفّ الأرجاء وعاد الى نقطة الإنطلاق بإرتكازه على محور "الأم" والعاطفة. كما ان الإعتماد على الديالكتيك والثنائيات وفلسفات نيتشة من جهة وتصوف إيكهارت من جهة ثانية قد اغنى الرواية واعطى لها ابعاداً جديدة وتمخّض عنها اسئلة كثيرة.
- نرسيس قد يمثّل الفكر المجرّد لكنه بذات الوقت قد يمثّل التديّن السلبي حيث لا تجارب حياتية بل انعزال وابتعاد وانعتاق، على النقيض لغولدموند الذي قد يمثّل الطريق الى التديّن الإيجابي او "الشك في اتجاه اليقين" حيث خاض غمار كل التجارب الممكنة من اجل الحصول على الخلاص! لكن بذات الوقت فإن نرسيس يمثّل الفكر المتنور الصافي الذي يترك الناس تعبر عن ذاتها بدون فرض واكراه وتخويف وابتزاز ( ص330"لا تحاول ان تقلد الزهاد والمتفقهين، بل كن ذاتك، واعمل على تحقيق ذاتك") كما انه لا يتصرّف كمن يمتلك الحقيقة المطلقة بل ان تواضعه يسمح له بقول الآتي (ص344:"كم من دروب تؤدي بنا الى المعرفة، وان الدراسة ليست الدرب الوحيد المؤدي اليها. ولعلها ليست ألأفضل في ذلك")
- اما على الصعيد الشخصي فقد رأيت نرسيس وغولدموند يشكلان جزئين لإنسان واحد، العقل والعاطفة، وهذان الجزءان لا يتوقفان عن العبث داخل كل انسان فأما ان يجذبه نرسيس اليه واما ان يسحبه غولدموند بإتجاهه، لكن هذه العملية ليست بعملية ارتقاء او انحدار بل مسلكين اثنين يؤديان الى النتيجة عينها، المعرفة والخلاص. ولا شكّ بأننا نحتاج لقليل من نرسيس وقليل من غوادموند في هذه الرحلة القصيرة على الأرض.
- ختاما، هل كان غولدموند هو هيرمان هيسة الذي ترك الدير في صباه؟! ام كان نرسيس بما يمتلكه هيسة من نرجسية ام انهما اقنومان لهيسة واحد!؟
- الترجمة كانت جيدة جداً، لدي تعليق بسيط على استعمال كلمة "الحب" فقد اتت بمعنى: المحبة، والعشق، والشهوة، والوله وكان من الأفضل استعمال المفردات المتاحة (والكثيرة) للغة العربية الا اذا كان هيسة قد عبّر بمفردة واحدة (الحب) عن كل هذه الأحاسيس!