...
Show More
رواية محيرة، مستفزة، شيقة أيضاً في تصوريها لشخصية غريبة الأطوار، منكمشة، تبحث عن المخبأ الابدي، عن السلام عن السكون، رواية عن الأناس الذين يظنون أن العالم قد خُلق من السكون فحسب ولا يجب أن تدنس مساحتهم الصغيرة، عن الناس الذين يخشون الالتفاتات، التجمعات، حكاية لطيفة عن شخص ممسوس بمساحة صغيرة تغنيه عن ضجيج العالم، شخص كهذا، إنسان بهذه النفسية قد تقضي عليه أتفه التفاصيل ..
حين تتحول الوحدة إلى ملاذ، يصبح كل شيء ما عداه مزعجاً وسليطاً وخارجاً عن المألوف حين يعيش كائن مثل "جوناثان" في رتابة حياتية مملة يصبح كل شيء غير قابل للاتزان، كل الأشياء التي تأتي لا تكون عفوية، حتى ولو كانت حمامة بريئة، حمامة مملة وبليدة من شأنها تعكير صفو حياة إنسان يناهز الخمسين عاماً، تلك الحمامة التي صفقت حياة صديقنا "جوناثان" بعرض الحائط، من مثله لا يملك أدنى فكرة عن الأشياء التي تزعجه، التي تربك سكونه، يفزع كالجحيم لرؤية الحمامة، يفكر في الانتحار، يريد الهروب من حياته ولأول مرة منذ سنوات عديدة من التشبث بركنه الصغير، يتضاءل حجمه، يفتقد حتى ثقته الصغيرة في نفسه، كما لو أن العالم قد تحول إلى عدو ينبغي عليه مواجهته، يضعف جوناثان، يتضاءل في شكل غريب وممل، يعرب عن سخطه وجنونه ..
هذه الرواية هي الحقيقة التي نهرب منها، إنها النقطة الفاصلة التي قد تشكل إنحرافاً واضحاً لحياة لا رجعة فيها، مثلما يشعل أحدهم عود ثقاب، لا يعود شيء لسابقه، تتغير حياة جوناثان، يبدأ السخط الداخلي ينمو، رويتنه اليومي يتحطم، ينفجر من الداخل، يحاول أن يحطم كل شيء، يسخر من كل يحيط به، يستشعر مما حوله، يكره التفاصيل التي يراه، كمشهد نادل يقدم طبقاً للزبائن، إن من يشعر بالوحدة الشديدة فجأة ينغمس في كره التفاصيل والعالم ربما ، توجعه الضحكات والتسليات، يريد الهروب، يخبر نفسه بأنه سينتحر غداً، هو غير متعود على الانتحار، لذلك لن يفعل، لم يتعود حتى على حمامة مستأنسة، فكيف بقتل نفسه ..
لن نعرف أبداً ما سيحدث لبطلنا جوناثان ولكنه بالتأكيد لن يعود كما عاش حياته لمدة خمسين سنة، لن يعود الشخص نفسه، تساءلت ربما كان مهيئاً من قبل لكل هذا الدمار، لقد إنهار فجأة ما كان يصممه لسنوات طويلة من السكون، السكون هش لا أعلم لماذا ولكنه هشٌ وربما غير قابل للإصلاح، لحظة ضجيج واحدة يمكنها أن تدمر كيانه، تحوله إلى هباءاً منثور، من الأفضل للإنسان أن لا يعتمد على سكونه الداخلي فقط، عليه أن لا يعول على نفسه كثيراً، عليه أن يكون مرناً، لكن مع شخص مثل جوناثان، فأنت لا تعلم حياته، يهرب من الجميع، من نظراتهم، من رؤيتهم حتى، لا يتكلم إلا نادراً، يبدو كل شيء بالنسبة إليه غامضاً لدرجة أن حمامة تجعله في حالة يرثى لها ..
رواية بارعة، فصلت كثيراً في النفس البشرية وتعاملها مع الحياة والصدفة والأشياء، ربما لا توجد صدف ولكن لدينا حياة جميعاً يجب أن ننتبه لها جيداً ..
حين تتحول الوحدة إلى ملاذ، يصبح كل شيء ما عداه مزعجاً وسليطاً وخارجاً عن المألوف حين يعيش كائن مثل "جوناثان" في رتابة حياتية مملة يصبح كل شيء غير قابل للاتزان، كل الأشياء التي تأتي لا تكون عفوية، حتى ولو كانت حمامة بريئة، حمامة مملة وبليدة من شأنها تعكير صفو حياة إنسان يناهز الخمسين عاماً، تلك الحمامة التي صفقت حياة صديقنا "جوناثان" بعرض الحائط، من مثله لا يملك أدنى فكرة عن الأشياء التي تزعجه، التي تربك سكونه، يفزع كالجحيم لرؤية الحمامة، يفكر في الانتحار، يريد الهروب من حياته ولأول مرة منذ سنوات عديدة من التشبث بركنه الصغير، يتضاءل حجمه، يفتقد حتى ثقته الصغيرة في نفسه، كما لو أن العالم قد تحول إلى عدو ينبغي عليه مواجهته، يضعف جوناثان، يتضاءل في شكل غريب وممل، يعرب عن سخطه وجنونه ..
هذه الرواية هي الحقيقة التي نهرب منها، إنها النقطة الفاصلة التي قد تشكل إنحرافاً واضحاً لحياة لا رجعة فيها، مثلما يشعل أحدهم عود ثقاب، لا يعود شيء لسابقه، تتغير حياة جوناثان، يبدأ السخط الداخلي ينمو، رويتنه اليومي يتحطم، ينفجر من الداخل، يحاول أن يحطم كل شيء، يسخر من كل يحيط به، يستشعر مما حوله، يكره التفاصيل التي يراه، كمشهد نادل يقدم طبقاً للزبائن، إن من يشعر بالوحدة الشديدة فجأة ينغمس في كره التفاصيل والعالم ربما ، توجعه الضحكات والتسليات، يريد الهروب، يخبر نفسه بأنه سينتحر غداً، هو غير متعود على الانتحار، لذلك لن يفعل، لم يتعود حتى على حمامة مستأنسة، فكيف بقتل نفسه ..
لن نعرف أبداً ما سيحدث لبطلنا جوناثان ولكنه بالتأكيد لن يعود كما عاش حياته لمدة خمسين سنة، لن يعود الشخص نفسه، تساءلت ربما كان مهيئاً من قبل لكل هذا الدمار، لقد إنهار فجأة ما كان يصممه لسنوات طويلة من السكون، السكون هش لا أعلم لماذا ولكنه هشٌ وربما غير قابل للإصلاح، لحظة ضجيج واحدة يمكنها أن تدمر كيانه، تحوله إلى هباءاً منثور، من الأفضل للإنسان أن لا يعتمد على سكونه الداخلي فقط، عليه أن لا يعول على نفسه كثيراً، عليه أن يكون مرناً، لكن مع شخص مثل جوناثان، فأنت لا تعلم حياته، يهرب من الجميع، من نظراتهم، من رؤيتهم حتى، لا يتكلم إلا نادراً، يبدو كل شيء بالنسبة إليه غامضاً لدرجة أن حمامة تجعله في حالة يرثى لها ..
رواية بارعة، فصلت كثيراً في النفس البشرية وتعاملها مع الحياة والصدفة والأشياء، ربما لا توجد صدف ولكن لدينا حياة جميعاً يجب أن ننتبه لها جيداً ..