...
Show More
نضب معين العجب ! ففي شرقنا الحزين قد ألفنا بعد كل الذي حصل، خيبات اﻷمل وخيانات الفرح، بل وتعلمنا الحذر من غدر الهتاف الذي كذب، ومابين ديكتاتورية "الشاه" وبابوية "آية الله" ثمة ألف سبب لتكفر بالوطن وبالنشيد، إذ كان دم الشهيد وحده من صدق! لذا سواء عندي تأريخ هذا الكتاب لما بعد 1979 أو مقارنته لما سبق، فإنما يكمن كنز هذا الورق في سيرة السيدة شيرين عبادي وحدها، في أثر الفعل الثوري الانفرادي لشابة زهدها شبان عصر الشاه لالتحاقها بسلك القضاء، قبل أن تجرّها لحاهم خارجه بعهد آية الله، فترسل من مكتب في قبو سلم دارها كمحامية قضاء إيران وقوانينها كلها خلف القضبان، وأول موكليها طفلة قُتلت بعدما اغُتصبت في الجوار، فحكم القاضي على أهلها التعساء بدفع ديّة أحد القاتلين، إذ تساوي الجمهورية اﻹسلامية حياة رجل واحد بعرض وحياة امرأتين، إنما تكون المساواة فقط إن فقدت هي حياتها كلها وفقد هو خصيتيه الثمينتين، تلتها عشرات النساء اللواتي أحرقن أجسادهن طلبا للطلاق أو مُتن كمداً بعده لحرمانهن من حضانة الأطفال، كل صباح كانت الحقوقية شيرين عبادي تقاتل سياط من اللحى التي تركت عصابات التعذيب والاغتيال ثم ذهبت لجلد الضعفاء على نزهة أو احتفال أو بضع شعيرات تمردن على سواد الشال، لتعود لبيت تدرك جيدا أنه سينسى كل هذا ويظل يطالبها كل يوم بإعداد العشاء، وابنتين ستتعلم لهما كل مهارات الاحتيال لتخفي عنهما خلف "شادورها اﻷسود" بمنتهى الحنان غول زمنهما الذي يبغض النساء. وبعد أكثر من عقدين من الزمان والدأب ، استقبلتها من مطار مهراباد نفس الحشود التي استقبلت الخميني باﻷمل، حاملين لافتات عليها قد كتب :"هذه هي إيران!" ، فكن أنت الانتصار الذي أردته من ثورتك واصدق هتافك وإن كذب.
لست ممن يقّدسون "جائزة نوبل للسلام" ، فقد مُنحت للكثير من مجرمي الشرق والغرب حتى فقدت جلّ قيمتها، فقط من كان مثل الحقوقية "شيرين عبادي" هو من يُبقي لهذه الجائزة أي اعتبار ..تحكي السيدة شيرين عن مشهد يُعد في نظري واحد من أجمل دراميات الأقدار فتقول:
" كنت عُرضة للهجوم طوال الجزء الأكبر من حياتي كراشدة ، أتعرض لتهديدات من قبل أولئك الذين يدينونني في إيران ككافرة لتجرئي على القول إن في وسع الإسلام النظر إلى الأمام ، كما أدُنت خارج بلادي من منتقدي الجمهورية الإسلامية العلمانيين الذين لا تقل مواقفهم جمودا عقائديا عن مواقف السابقين. وعلى مر الأعوام تحملت كل أنواع الازدراء والهجومات، وقيل لي إني ل�� أقدّر ولا أستوعب روح الديموقراطية الحقيقية إذا ما كان في وسعي الادعاء في آن واحد أن الحرية وحقوق الإنسان ليستا بالضرورة على تناقض مع الإسلام . عندما سمعت بيان فوزي بجائزة نوبل للسلام يُقرأ بصوت مرتفع ، وسمعت أن ديني يُذكر خصوصا بالاقتران مع الدفاع عن حقوق الإيرانيين ، علمت في تلك اللحظة ما الذي يجري الاعتراف به: الإيمان بتأويل إيجابي للإسلام وقدرة هذا الإيمان على مساعدة الإيرانيين الذين يطمحون إلى تغيير بلادهم تغييرا سلميا.
وفيما راحت تتضح أنوار طهران المتلألئة تحتنا وبدأت الطائرة بالنزول ، وعندما فُتح الباب كان أول ما رأيت وجه أمي المضئ. احتضنتها برفق وثنيت يديها داخل يدي وضغطهما على شفتي . ثم تراجعت لألاحظ أخيرا الحشد الممتد إلى أبعد ما أستطيع رؤيته. تقدمت نحوي حفيدة آية الله الخميني وطوّقت عنقي بإكليل من الزهور الرقيقة . وتقدم الحشد من كل الجهات ، وأنا أنظر إلى ضباط الشرطة حولنا والذين بدوا وكأنهم لا يعرفون ماذا يجب أن يفعلوا. لا يمكن أن أفوز بجائزة نوبل ثم أُسحق من قِبل الحشد الذي يستقبلني، فكرت بسخرية! وقررت منح الشرطة فرصة لتشكيل إطار حولنا. أخذت نفساً عميقا ثم أطلقت أعلى صرخة " الله أكبر!" استطعت تدبرها. تجمد الجميع من طاقم عمال المطار إلى آلآف المسافرين من المفاجأة وفي هذه الثانية طوقتنا الشرطة ووجهتنا نحو قاعة الانتظار. كان نائب الرئيس الشيعي والمتحدث باسم الحكومة وكلاهما من أعضاء الجناح الإصلاحي حينذاك في النظام في انتظارنا ورحبا بنا ترحيبا حارا. وأستطيع القول إن الحشد كان بمئات الألآف، لم أصدق عيني عندما رفعوني أخيرا . كان الناس ينتشرون في كل الاتجاهات، يملأون ساحة محطة الوصول ويتجاوزونها إلى مدى بعيد وصولا إلى الجادة الطويلة المفضية إلى المدينة. كانت المرة الأخيرة التي توجهت فيها كتلة بشرية كبيرة إلى مطار طهران في العام 1979 والشخصية التي كانت على متن الطائرة الآتية من باريس أيضا آنذاك كانت آية الله الخميني. لكن هذه المرة كان في وسعكم أن تروا من خلال العدد الضخم من أغطية الرأس أن النساء كن يشكلن أكثرية الحشد. كان بعضهن يرتدي الشادور الأسود ، بيد أن الأكثرية كانت تضع أغطية زاهية الألوان وراحت زهور السوسن والورود البيضاء التي كنّ يلوحن بها تومض في ظلام الليل . في البعيد ، وقف مجموعة من طلاب الجامعة ، تنشد "يار دبستاني" وهي أغنية شعبية تمتزج فيها المرارة بالفرح ، أصبحت نشيد الناشطين المنادين بالديموقراطية. وينشدونها عادة في الاعتصامات للحفاظ على روحهم المعنوية مرتفعة قبل أن تسارع الوحدات شبه العسكرية إلى الانقضاض عليهم ، وفي جميع المناسبات الأخرى التي يأتون إليها معا، خائفين من المستقبل لكن مصممين بما يكفي للتجمع معا ، وهذا وحده مجازفة. كانت الموسيقى حزينة لكنها تبث الحماسة ، وللمرة الأولى منذ فترة لا أستطيع تذكر طولها شعرت بالأمل عندما وصلوا إلى السطر الذي يقول : "أي أيد غير يدي ويديك تستطيع إزاحة هذا الستار؟"
صار لي يومين وأغنية "ياردبستاني" تنشد في صدري منذ سمعتها ..لذا سأودعها هنا مع نص لترجمتها إلى الانجليزية أرجو صحته:
https://www.youtube.com/watch?v=yJ6vW...
My School Friend
My school friend, you are with me and company me
The bookmark (The "I" stick) is on our head, you are my sob and my Aah
My name and your name are engraved on this black board's body
Stick of injustice and oppression, has left signs on our body til now
The field of our uncultured-ness*, all of it's herbs are weed
Good if good, bad if bad, (but anyway) hearts of it's people are dead (depressed)
My hand and your hand, should cut these covers
Other than you and me, who can heal our pain (solve our problems)?
My school friend, you are with me and company me
The bookmark (The "I" stick) is on our head, you are my sob and my Aah
My name and your name are engraved on this black board's body
Stick of injustice and oppression, has left signs on our body til now
My school friend, you are with me and company me
The bookmark (The "I" stick) is on our head, you are my sob and my Aah
هنا إلقائي الصوتي للكتاب كاملا:
الجزء الأول:
https://www.youtube.com/watch?v=gYcgl...
الجزء الثاني والأخير:
https://www.youtube.com/watch?v=LbH3C...
لست ممن يقّدسون "جائزة نوبل للسلام" ، فقد مُنحت للكثير من مجرمي الشرق والغرب حتى فقدت جلّ قيمتها، فقط من كان مثل الحقوقية "شيرين عبادي" هو من يُبقي لهذه الجائزة أي اعتبار ..تحكي السيدة شيرين عن مشهد يُعد في نظري واحد من أجمل دراميات الأقدار فتقول:
" كنت عُرضة للهجوم طوال الجزء الأكبر من حياتي كراشدة ، أتعرض لتهديدات من قبل أولئك الذين يدينونني في إيران ككافرة لتجرئي على القول إن في وسع الإسلام النظر إلى الأمام ، كما أدُنت خارج بلادي من منتقدي الجمهورية الإسلامية العلمانيين الذين لا تقل مواقفهم جمودا عقائديا عن مواقف السابقين. وعلى مر الأعوام تحملت كل أنواع الازدراء والهجومات، وقيل لي إني ل�� أقدّر ولا أستوعب روح الديموقراطية الحقيقية إذا ما كان في وسعي الادعاء في آن واحد أن الحرية وحقوق الإنسان ليستا بالضرورة على تناقض مع الإسلام . عندما سمعت بيان فوزي بجائزة نوبل للسلام يُقرأ بصوت مرتفع ، وسمعت أن ديني يُذكر خصوصا بالاقتران مع الدفاع عن حقوق الإيرانيين ، علمت في تلك اللحظة ما الذي يجري الاعتراف به: الإيمان بتأويل إيجابي للإسلام وقدرة هذا الإيمان على مساعدة الإيرانيين الذين يطمحون إلى تغيير بلادهم تغييرا سلميا.
وفيما راحت تتضح أنوار طهران المتلألئة تحتنا وبدأت الطائرة بالنزول ، وعندما فُتح الباب كان أول ما رأيت وجه أمي المضئ. احتضنتها برفق وثنيت يديها داخل يدي وضغطهما على شفتي . ثم تراجعت لألاحظ أخيرا الحشد الممتد إلى أبعد ما أستطيع رؤيته. تقدمت نحوي حفيدة آية الله الخميني وطوّقت عنقي بإكليل من الزهور الرقيقة . وتقدم الحشد من كل الجهات ، وأنا أنظر إلى ضباط الشرطة حولنا والذين بدوا وكأنهم لا يعرفون ماذا يجب أن يفعلوا. لا يمكن أن أفوز بجائزة نوبل ثم أُسحق من قِبل الحشد الذي يستقبلني، فكرت بسخرية! وقررت منح الشرطة فرصة لتشكيل إطار حولنا. أخذت نفساً عميقا ثم أطلقت أعلى صرخة " الله أكبر!" استطعت تدبرها. تجمد الجميع من طاقم عمال المطار إلى آلآف المسافرين من المفاجأة وفي هذه الثانية طوقتنا الشرطة ووجهتنا نحو قاعة الانتظار. كان نائب الرئيس الشيعي والمتحدث باسم الحكومة وكلاهما من أعضاء الجناح الإصلاحي حينذاك في النظام في انتظارنا ورحبا بنا ترحيبا حارا. وأستطيع القول إن الحشد كان بمئات الألآف، لم أصدق عيني عندما رفعوني أخيرا . كان الناس ينتشرون في كل الاتجاهات، يملأون ساحة محطة الوصول ويتجاوزونها إلى مدى بعيد وصولا إلى الجادة الطويلة المفضية إلى المدينة. كانت المرة الأخيرة التي توجهت فيها كتلة بشرية كبيرة إلى مطار طهران في العام 1979 والشخصية التي كانت على متن الطائرة الآتية من باريس أيضا آنذاك كانت آية الله الخميني. لكن هذه المرة كان في وسعكم أن تروا من خلال العدد الضخم من أغطية الرأس أن النساء كن يشكلن أكثرية الحشد. كان بعضهن يرتدي الشادور الأسود ، بيد أن الأكثرية كانت تضع أغطية زاهية الألوان وراحت زهور السوسن والورود البيضاء التي كنّ يلوحن بها تومض في ظلام الليل . في البعيد ، وقف مجموعة من طلاب الجامعة ، تنشد "يار دبستاني" وهي أغنية شعبية تمتزج فيها المرارة بالفرح ، أصبحت نشيد الناشطين المنادين بالديموقراطية. وينشدونها عادة في الاعتصامات للحفاظ على روحهم المعنوية مرتفعة قبل أن تسارع الوحدات شبه العسكرية إلى الانقضاض عليهم ، وفي جميع المناسبات الأخرى التي يأتون إليها معا، خائفين من المستقبل لكن مصممين بما يكفي للتجمع معا ، وهذا وحده مجازفة. كانت الموسيقى حزينة لكنها تبث الحماسة ، وللمرة الأولى منذ فترة لا أستطيع تذكر طولها شعرت بالأمل عندما وصلوا إلى السطر الذي يقول : "أي أيد غير يدي ويديك تستطيع إزاحة هذا الستار؟"
صار لي يومين وأغنية "ياردبستاني" تنشد في صدري منذ سمعتها ..لذا سأودعها هنا مع نص لترجمتها إلى الانجليزية أرجو صحته:
https://www.youtube.com/watch?v=yJ6vW...
My School Friend
My school friend, you are with me and company me
The bookmark (The "I" stick) is on our head, you are my sob and my Aah
My name and your name are engraved on this black board's body
Stick of injustice and oppression, has left signs on our body til now
The field of our uncultured-ness*, all of it's herbs are weed
Good if good, bad if bad, (but anyway) hearts of it's people are dead (depressed)
My hand and your hand, should cut these covers
Other than you and me, who can heal our pain (solve our problems)?
My school friend, you are with me and company me
The bookmark (The "I" stick) is on our head, you are my sob and my Aah
My name and your name are engraved on this black board's body
Stick of injustice and oppression, has left signs on our body til now
My school friend, you are with me and company me
The bookmark (The "I" stick) is on our head, you are my sob and my Aah
هنا إلقائي الصوتي للكتاب كاملا:
الجزء الأول:
https://www.youtube.com/watch?v=gYcgl...
الجزء الثاني والأخير:
https://www.youtube.com/watch?v=LbH3C...