بالنسبة لي تتتجلى في هذه الرواية عبقرية كتابات نجيب محفوظ ببساطة، إنها عميقة وخفيفة في ذات الوقت وتظهر فيها بوضوح شديد خفة ظل نجيب محفوظ وسخريته اللاذعة، وحتى بعدَ مرور 60 عامًا-تقريبًا، على نشرها فإنها تبدو وكأنها كتبت اليوم عن اليوم.

"أن ليس كعوَّامتنا شيء؛ الحب لعبة قديمة بالية، ولكنه رياضة في عوَّامتنا، الفسق رذيلة في المجالس والمعاهد، ولكنه حرية في عوَّامتنا، والنساء تقاليد ووثائق في البيوت، ولكنهن مراهَقة وفتنة في عوَّامتنا، والقمر كوكب سيَّار خامد، ولكنه شِعر في عوَّامتنا، والجنون مرض في أي مكان، ولكنه فلسفة في عوامتنا، والشيء شيء حيثما كان، ولكنه لا شيء في عوَّامتنا".
ووصلنا لقمة التواهان في الرواية وذهب البحث وأتى مكانة السطل والهروب والسلبية، وما زال النجيب يبهرنا.

"مجرد الرمز.. لم أجد رمزا لسلبية البشر أكثر من الحشاشين!" من أحد حوارات النحيب.

" وفضلًا عن ذلك فإن الدنيا لا تُهمنا كما أننا لا نُهم الدنيا في شيء."

اعترف أني حاولت قراءة هذه الرواية أكثر من مرة ولكني لم أكمل بسبب الأسلوب وطريقة السرد وعدم فهم ما يدور، وتداخل الحوار في كثير من الاحيان في مواضيع كثيرة، ولكن وبعد الخوض في بحار النجيب ذهلت من هذا العمل وفرديته في أعمال الكاتب...
"خذوا الحكمة من أفواه المساطيل."

وكما كهف أفلاطون توجد الشخصيات في عزلة عن العالم الخارجي وقرروا أن لا يعيشوا في الواقع لعلمهم أنهم لا يمكنهم تغييره أو لا يريدون له ان يتغير لذلك كان السطل وليس بقيود من حديد محبوسين كما كهف افلاطون ولكن بقيود السطل واللامعقولية وباختيارهم لهذا الطريق فالعالم الخارجي منتهي والزمن بمقاييس الكون لا شيء فلنحيا في اللحظة الحالية ولنقدس اللاشيء. ولكن عند الاصطدام بالواقع يكتشفوا أن عوامتهم بناء هش يمكن أن يزول بكل سهولة.
"من حسن الحظ أننا بعيدون عن الخارج فلا نسمع شيئًا."

"أوغاد. هذا يعني أن الحياة ستمضي قبل أن نستوعب ما يمر بنا."

تدور الرواية بين مجموعة من الأصدقاء مجتمعين للسطل بجميع أنواعه، وتخرب الدائرة المثالية عند قدوم شخص جديد للعوامة لتحدي فكر أو لا فكر الشخصيات، في جدال بين الجدية والعبثية عيش الحياة أو المرور بها، حوار لا يخرج منه منتصر في الرواية الا نحن من جمال كتابة النجيب وأسلوبه.
وقال لنفسه إنه لم يكُن عجيبًا أن يعبد المصريون فرعون، ولكن العجيب أن فرعون آمن بأنه إله.

الرواية يكثر فيها الحوار كما المسرح، نقاشات ونقاشات حول الكثير من الأشياء يتخللها مشاهد عبثية تخرج من مخيلة الشخصية الرئيسية أنيس ذكي، في سعي سيزيفي بين دورات الجوزة والدخول والخروج من العواملة وقدوم عم عبده لتغير ماء الجوزة.
"وسرت هزة خفيفة في العوَّامة بفعل قدم تسير فوق الصقالة، فتأهَّب لاستقبال القادم... فنادى عم عبده ليُغيِّر ماء الجوزة"

ونأتي للشخصيات
"أجبني بنفسك عمَّا تفعل في تلك الدقائق؟
فقال دون أن يرفع عينَيه إليها: أتساءل لماذا أحيا؟
– عال، وبماذا تجيب؟
– أنسطل عادةً قبل أجد الفرصة."

أنيس ذكي:
الشخصية الرئيسية، وولي نعم العوامة والمقيم بها وموظف حكومي، لا يفيق الا قليلًا، له من حظ اسمه فهو أنيس في جلسته معظم الوقت، يتكلم قليلًا وعند الكلام يمتع بتعليقاته، وذكي لا شك يعلم الكثير ويقرأ الكثير من التاريخ ويمكن القول إنه بعد حبسة السطل محبوس في التاريخ بماضية ومستقبلة.
" كان يفكِّر في الحلقات المفرغة التي تحاصره كل يوم؛ كشروق الشمس وغروبها، وبزوغ القمر وأفوله، والحضور والانصراف في الوزارة، والإقبال والإدبار في الجلسة، والصحو والنوم، تلك الحلقات المذكِّرة بالنهاية، والتي تجعل من أي شيء لا شيء، وقد دار معها الآباء والأجداد."
" فيا أي شيء افعل شيئًا فقد طحننا اللاشيء!"

عم عبده:
من غير لف ودوان هو إله العوامة والمتحكم الحقيقي في كل شيء، لكنه إله منهزم في زمن كان بالآلهة عنيفًا، يعامل كحارس العوامة والخادم ينظف ويغير الماء، شخصية بلا ماضي ولا مكان لا تعلم لها سن، يؤذن للصلاة ويجلب الحشيش، يصلي بالناس، وقواد، جثة ضخمة لن تزول الا بزوال الزمن.
"هو عملاق حقًّا، ولكنه لا يكاد يتكلَّم. يعمل كل شيء ولكنه لا يتكلَّم إلا فيما ندر، ويُخيَّل إلينا كثيرًا أنه غارق أبدًا في لحظته الراهنة، ولكن لا يمكن الجزم في ذلك بشيء قاطع. وأعجب شيء أنه قد يَصدق عليه أي وصف؛ فهو قوي وهو ضعيف، وهو موجود وغير موجود، وهو إمام المصلَّى المجاور وهو قوَّاد!"
"هو الوحيد فينا الذي سيعيش بعد الموت."
"وتمثَّل العملاق في لحظات حضوره كالموجود الوحيد في خلاء صوتي."
"هي تتنهَّد: لم يبقَ إلا أن أذهب، ولا يوجد أحد ليوصلني إلى الميدان!
– عم عبده يوصل من لا يجد أحدًا ليوصله."

ويوجد الكثير من الشخصيات الأخرى من أول الانسان العادي المتمثل في أحمد نصر إلى إله جنس في رجب القاضي وبينهم الكثير والكثير.
لأننا نخاف البوليس والجيش والإنجليز والأمريكان والظاهر والباطن؛ فقد انتهى بنا الأمر إلى ألَّا نخاف شيئًا.

ونأتي للشخصيات النسائية، ليلى، وسنية وسناء وسمارة وليس من الصدفة أن تبدأ ثلاث من الأسماء بحرف واحد تمثلوا امامي شخصية واحدة في مراح مختلفة من التفكير فسناء بنت صغيرة تجرب الحياة بأشكلها المختلفة وسنية وسمارة هما سناء عند البلوغ ولكن من اختارت طريق العبث، ومن اختارت طريق الجدية، ومن وزن اسمائهم تكتشفهم أكثر وأكثر، أو أننا نحمل النص أكثر مما يحتمل ولكن النص عبثي وما نحن آلا عابثون.
"وحب المرأة كالفن الهادف لا شك في سمو هدفه، ولكن تحوط بنزاهته الرِّيَب".

رواية يمكن قراءتها على أكثر من وجه، السياسي منها والإنساني رواية عن البشر في دخولهم مرحل نهاية التاريخ، وسقوط القديم مراحل ما بعد البحث، ورواية عن الطبقة المثقفة منظر فقط شعارات وكلام دون أي فعل، أقرب للحيوانات ولكن مع درجة فلسفية. روايات الستينيات في عالم محفوظ هي الأكثر مدعاة للتفكير إلى الآن.
"وعجيب ألَّا تهتزَّ العوَّامة بهذا النقاش وهي تميد تحت وقع قدم فوق الصقالة."

الأسلوب أصبح من العلامات نجيب المميزة أسلوب اللا أسلوب مرة يكلمنا من ضمير الأنا فيخاطبنا أنيس، ومرة الكاتب يخاطب القارئ أو أنيس، ومرة ونحن من منظور الشخص الثالث، تم إضافة السرد العبثي لبعض المواقف التاريخية مع بعض الكوميديا الخفيفة.
"ولكي يبقى الإنسان إنسانًا فعليه أن يثور ولو كل سنة مرة!"
وانتهت رحلة ومازال الباقي كثير، ومع رحلة قادمة في الإسكندرية في ميرامار.
14/55

لازم تكون عامل دماغ وانت بتقرأ هذا العمل.
عامل دماغ تؤهلك لأن تستوعب ما دار فيه.
إياك أن تتخيل أنه مجرد (قعدة حشاشين)أو أن تتوهم انه مجرد عمل سطحى لا يُفهم
انه العمق الحقيقى يا ساده:
العمق فى تناول انحدار مجتمع وسقوطه فى بئر عميق سحيق لا قرار له. بئر الفشل والقذارة الأخلاقيه الانسانيه المعتاده.
محفوظ ليس مجرد روائى بل هو باحث مجتمعى رفيع المستوى استطاع أن يضع يده على مشاكل المجتمع ويتناولها بكل قدرة وبكل شجاعه.

الكتاب الرابع عشر لسنة 2020: ثرثرة فوق النيل.

البطاقة التعريفية للكتاب:
اسم الكتاب: ثرثرة فوق النيل.
المؤلِّف: نجيب محفوظ.
دار النشر: دار الشروق.
عدد الصفحات: 161 صفحة.
تصنيف الكتاب: رواية.

البطاقة التعريفية للكاتب:
اسمه كما ورد في كتب التراجم هو نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد الباشا، المعروف باسمه الأدبيّ نجيب محفوظ، وهو روائي مشهور، قد طغى اسمه في الوسط الأدبي فلا يكاد أحد لم يسمع به، مصريّ المولد والمنشأ، ولد في الحادي عشر من شهر كانون الأول للسنة الحادية عشرة وتسع مئة بعد الألف، يُعد نجيب محفوظ أول أديب عربي حائز على جائزة نوبل في الأدب سنة ثمان وثمانين وتسع مئة بعد الألف، كتب نجيب محفوظ الراوية منذ الثلاثينات، واسمر حتى سنة ألفين وأربع، وقد اتسمت رواياته بطابع خاص وفريد من نوعه، وتدور أغلب أحداث رواياته في مصر، وتظهر فيها سمة متكررة هي الحارة التي تعادل العالم، من أشهر أعماله: الثلاثيتين ( القاهرة والتاريخية) فالأولى تتكون من: بين القصرين، قصر الشوق، السكرية، وأما الثانية تتكون من: عبث الأقدار، رادوبيس، كفاح طيبة. وأولاد حارتنا، التي مُنعت من النشر في مصر منذ صدورها، ويتصف أدب نجيب محفوظ بالواقعية. توفى نجيب محفوظ في الثلاثين من شهر آب لسنة ألفين وستة.

المراجعة:
ظهرت هذه الرواية "ثرثرة فوق النيل" للروائي نجيب محفوظ إلى النور عام 1966 للميلاد، وذلك بعد أن تم نشرها مُسلسلة في جريدة الأهرام المصرية. وقد تعرض نجيب محفوظ لغضب شديد من مسؤولي مجلس قيادة الثورة (في عهد الرئيس جمال عبد الناصر)، ولعل القارئ يتساءل لماذا غضب المسؤولين عليه؟ أجيب على السائل بسبب الواقعية التي التزم بها الكاتب في روايته هذه وكافة رواياته. تدور أحداث الرواية باختصار في عوامة على ضفاف النيل، يجتمع فيها مجموعة من الأصدقاء المثقفين لا تكاد تجد هناك رابط حقيقي مشترك بينهم سوى العربدة. نعم مثقفين. وأعني بذلك أن بطل هذه الرواية مثقف جدًا ولديه ثقافة تاريخية موسوعية تتبين في حواراته مع أصدقائه المعربدين سيما في حين تعاطيهم للمخدِّر، فتخرج فلسفتهم من طبق الكيف (المخدر). فهذه كانت اسقاطات واقعية أضفها إلى روايته هذه، من خلال هذه الواقعية أنشأ نجيب محفوظ مهزلته الخاصة فوق النيل، وإن هذه المهزلة " المهزلة التي عكست وتنبأت – ربما- بمهزلة أكبر وأضخم وأكثر شراسة من مهزلة الثرثرة.. إنها مهزلة نكسة 1967". وقد تراود في أذهاننا سؤال هل كتب محفوظ الرواية كي يطرح رؤيته السياسية لفترة ما قبل النكسة؟ وبرغم أن الرواية صدرت في أوج ازدهار النقد الأدبي في مصر، إلا أن الظروف التي أحاطَت بصدورها من إقلاق للنظام الحاكم ومحاولة لوقف نشرها، فنتج عن هذا هزيمة كبرى للنخبة المثقفة المصرية آنذاك. والقارئ إلى هذا النص العبقري، يجد الكثير من الآلام ذات الطابع الفلسفي التي عاشتها مصر في هذه الحقبة، وقد أغفلنا الكثير منه مخافة أن يفقد المقبل على قراءة النص لذته.

اقتباساتٌ من الكتاب:
1.tإن الثورات يدبّرها الدهاة وينفذها الشجعان ثم يكسبها الجبناء.
2.tلم يبدع الإنسان ما هو أصدق من المهزلة.
3.tلم يكن عجيبًا أن يعبد المصريون فرعون، ولكن العجيب أن فرعون آمن حقًا أنه إله.
4.tعندما تتكاثر المصائب يمحو بعضها بعضا وتحل بك سعادة جنونية غريبة المذاق. وتستطيع أن تضحك من قلب لم يعد يعرف الخوف.
5.tلم يعد للقلب من هم يحمله منذ دفن في التراب أعز ما كان يملكه.

3.5/5..
فلسفة،فلسفة،فلسفة..
هي حلوة بس نفسي الاقي لنجيب محفوظ عمل ينال الخمس نجوم..
2019/12/25

رواية فلسفية, ممتعة بعض الوقت.
شعرت بالملل في المنتصف ولكن أذهلني تغير الأحداث وانقلابها رأسًا على عقب في النهاية.
تظل اللغة القوية وجزالة اللفظ أكثر ما يُبهرني في كتابات العبقري " نجيب محفوظ ".

-أيمكن أن تمضي الحياة كما كانت؟
- لا شيء يكون كمان كان.

لا تروقني الأعمال المتفلسفة زيادة عن اللزوم.

ثرثرة , جوزة , عبث , مجتمع , سياسة , مثقّفون , عدميّة , جدّية , موت , كتابة , جنس , معنى , فوضى , حب , خيانة , حلم , سكرة , صورة , باطن , حقيقة , ضباب ....
العوّامة تشريح لمجتمع تنخّرت فيه الأمراض و جدوى أي شيء , التبس فيه الهدف أو المعنى للحياة للحركة للفعل أو اللافعل , مرآة تتجاوز أقنعة معكوسها النخبويّ الادعاء .. يتغلغل فيه خيال وليّ الأمر بالتاريخ القصيّ القريب الغائب الحاضر , مبضع الجرّاح لدى نجيب هو قلمه يخطّ به في جسد مجتمعه ...

سؤال في دماغي فيه مساطيل بالعمق ده ؟
رواية فلسفية من النوع التقيل جداً

نوبل قليلة قوي على نجيب محفوظ
كل رواية من رواياته تستحق جائزة نوبل منفردة

Before this book, I have read Naguib Mahfouz twice as a teenager, and was never impressed. In fact, I didn’t get the hype and thought it was a bit pretentious. That being said, this book is an epiphany. I am so grateful I read it as an adult, and to be able to understand the genius of Mahfouz’s writing. It is not about the story or even the characters, but more of the very honest conveyance of the human experience, especially at the time of defeat.

The plot takes place post-war, where a group of sophisticated socialites gather daily to get high and escape their gloomy reality. The dialogue is as raw as can be, and the whole book reads like an inside of a man’s head. It’s a constant haze of thoughts and feelings of a defeated inner-self, that only so rarely disrupts the observer narrative and participates in its surrounding environment.

Lastly, I know I need to read more for Mahfouz to grasp his spirit, but I think I get why he won a very prestigious international prize like Nobel, even though his settings and characters are extremely Egyptian. The writing itself is very relatable, I assume, to any person, since it is strongly human-centric, focusing on the life experience and bottled sentiments that are hard to put into words, but is described so effortlessly in this book. Highly recommended.

يا أيّ شيءٍ افعل شيئًا فقد أتعبنا اللا شيء.

يأخذنا العم نجيب الى جلسة تحشيش حقيقة تضم كافة فئات المجتمع من المعلم للمثقف للبيه الحرامى للمسئول للراقصة و الرجل الذى يخدمهم فى القاعدة مسلطا كاميراته بضوء باهر على كافة تناقضات المجتمع الذى لم ينفك يشرب و يثرثر منذ فجر التاريخ و حتى الأن دون أن يفقد الوعى أو القدرة على الكلام
01
لا أهمية لشيء حتى الراحة لا معنى لها. ولم يبدع الإنسان ما هو أصدق من المهزلة
02
اصل المتاعب مهاردة قرد ! تعلم كيف يسير على قدمين فحرر يديه , وهبط من جنة القرود فوق الاشجار الى ارض الغابة وقالوا له عد الى الاشجار والا اطبقت عليك الوحوش فقبض على غصن شجرة بيد وعلى حجر بيد وتقدم فى حذر وهو يمد بصره الى طريق لا نهاية له
03
والحق ان الجوزة تدور لأن كل شئ يدور ولو كانت الأفلاك تسير فى خط مستقيم لتغير نظام الغرزة. وليلة أمس أقتنعت تماماً بالخلود ولكنى نسيت الأسباب وأنا ذاهب للأرشيف