أخيرًا أنهيتها!

حصلت عليها كهدية من صديق عزيز أعتبره أبـًا روحيـًا لي في نهاية العام 2012 ووضعتها في خطة القراءة زمنـًا ولم أحصل على وقتٍ كافٍ أبدًا لأبدأ فيها حتى،ثم اضطررت إلى قراءتها أخيرًا بعدما اتفقنا على قراءتها ومناقشتها في نادي الكتاب في المنصورة.

استغرقتُ وقتـًا طويلاً في قراءتها ولم أستطع قراءة أي شيء آخر بجانبها فاستحوذت –هي- على جـُلّ وقتي.رواية دسمة ومليئة بالأحداث والشخوص،شعرت بها حقـًا وأعجبتني كثيرً،مليئة بالفلسفة والدلالات والرموز وأشعرتني النهاية بالصدمة..لقد انتهت أخيرًا بعد رحلة طويلة في القراءة..انتهت هكذا..ببساطة!

يسحبنا نجيب محفوظ في رحلته متخذًا "تيمة" قصص بعض الأنبياء المشهورة بعد تحويرها،فهو لم يضع كتابـًا للتاريخ ولم يحرّف قصة للأجيال القادمة،وإنما اتخذ القصص كـ"تيمة" ليبدأ قصص أبطاله في الحارة..حارتنا..!
تشعر في بداية الرواية أن الجبلاوي هو رمز إلى الله سبحانه وتعالى خاصة في قصة طرد إدريس وأدهم من البيت الكبير وإتخاذ إدريس طريق البلطجة والشر ومحاولته الدائمة لجر أدهم ليكون معه وإصراره على أن أدهم لن يعود للبيت الكبير،ثم تبدأ في تغيير وجهة نظرك حينما تتعمق أكثر في القراءة وتكتشف أنه ربما كان الجبلاوي رمزًا للدين وربما كان رمزًا للعدل الإنساني الناقص رغم قوته وفخامته وأبهته.فالجبلاوي يمتلك رصيدًا لا بأس به من المشاعر الإنسانية ظهر في اهتمامه بهمام وبعفوه –أخيرًا- عن أدهم وعن حزنه الشديد على وفاة خادمه العجوز ووفاته متأثرًا بمقتله.

جبل! لم أدرك رمزه إلا متأخرًا قليلاً،أحببته،لقد كانت الحارة في عهده ما تزال في طورها الأول ولم تتقدم بعد وقد اتخذت القوة وسيلة لتحقيق العدل بينما تطور الأمر مع رفاعة فأصبح التفاهم والحب أفضل وسيلتين ثم أتى قاسم ليصبح العدل للجميع لا لربع معين دون غيره . بينما كان عرفة تغيرًا في مجرى أحداث الحارة،فلا مُخلّص هنا إلا أبناء الحارة أنفسهم وعليهم أن "يتعلموا" السحر ليـُخلصوا أنفسهم وليحيوا الجبلاوي مرة أخرى..فالعلم هنا يـُحيي فكرة الدين الحقة لا المزيفة التي يصدرها لك من يستولي على مفاتيح الدين.

وإذا نظرنا إلى الحارة من جانب آخر،فربما رمز الناظر إلى جبروت السلطة والمتحكمين في مقاليد الأمور والدين..مـَن لديهم صكوك الجنة والنار والفتوات الذين يشبهون في زماننا الآن البلطجية المؤجرين المرخصين منهم والخارجين عن القانون. وربما كان جبل ورفاعة وقاسم وعرفة أناس قادوا ثورة ضد هؤلاء المفسدين،الإحتلال الخارجي والإحتلال الداخلي من أبناء الوطن ..حرب على الفساد والفقر والجهل.

لاحظت أن حارتنا تشبه مصرنا الحبيبة كثيرًا،فأهلها رغم قوتهم وبأسهم يستسلمون بسرعة للقوة ويخضعون لمن يملك زمام الأمور وينتظرون أن يأتي أحد من الخارج لينقذهم ويخلّصهم من الطاغية ورغم أن (آل حمدان) بدأوا بدون جبل في المطالبة بحقهم لكنهم استسلموا بسرعة.كما تعكس الحارة الظلم الذي تتعرض له المرأة والاتهامات الدائمة مثلما حدث مع (ياسمينة) رغم أن الجـُرم مشترك هنا بينها وبين (بيومي) ولكن ولأنه رجل ولأنه فتوة أفلت منها! (هل يـُذكرك هذا بأحداث حصلت في السنوات القليلة الماضية في مصر؟!) ويتكرر سيناريو المرأة المظلومة مرة أخرى في (قاسم) الذي أعاد للمرأة حقوقها في الوقف .
الحارة عرضت تطور الإنسان بشكل واضح،من إنسان يستخدم القوة إلى الحب إلى العدل وكما قال ونستون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني إبان الحرب العالمية الثانية (الحرب هي أخر حل دبلوماسي)،فهذا يـُظهر كيف كانت الحارة همجية في أول نشأتها ثم بدأت تتطور ببطء.

معركة حمدان وزقلط تشبه إلى حد كبير معركة القوة مع الحق مثلما حدث في ثورة 25 يناير 2011. وكلام أهل الحارة في تلك المعركة يشبه إلى حد كبير بل يكاد يتطابق مع كلام المصريين أثناء الثورة.
عمومـًا،أنا كنت "شمتانة" جدًا في قتل (زقلط). كما أن هذه الرواية توقظ كل نظريات المؤامرة في التاريخ والحاضر في ذهني:مثلاً في إخراج (جبل) للثعابين من الحارة رغم أنه مـَن أدخلها للحارة تشبه ما حدث في مصر في الأعوام القليلة الأخيرة ،ومعاملة أهل الحارة لـ(جبل) بعدها أنه المـُنقذ والمـُخلّص.
كلام عويس صـ372 عن الأمن والسلامة وعدم المخاطرة بهما من أجل بقية الحارة يشبه ما يقوله المصريون عن عدم تعريض مصالحهم للخطر من أجل الحرية والكرامة والعدالة ،مما يدل على صدق الرواية وتجمد عقول المصريين والبشر عمومـًا عند هذه النقطة منذ زمن.
كنت أتوقع الخيانة من المحامي الشناقيري.
أعجبتني طريقة وصف المعركة صـ449
وكلمات الكاتب عن أن الحارة تباهي بحب النسوان وتتيه بهذه المقدرة صـ465 ذكرتني بالعرب وكأننا لم نتطور ونتقدم أبدًا!
يعكس (عرفة) مثال الشخص الذي يحاول أن يقدم الخير للناس فلا ينجح في ذلك إلا بالوصول إلى شخص سيء لينجح فيكرهه الناس فيعيش صادق النية مكروهـًا بين الناس سيء الفعل ويشبه أشخاصـًا كثيرين في حياتنا يحاولون فعل الخير فيتورطون في أسوأ الأعمال ويكرههم الجميع.
أعجبتني الكلمات في صـ534 ( في حارتنا الإشاعة حقيقة والحقيقة حكم)...كلمات مصرية للغاية وحقيقية جدًا! هكذا يتعامل المصريون مع الإشاعة ويتعامل الإعلام معها وينشرها بصفتها الحقيقة ولا يكلف نفسه العناء إعادة النظر ونشر الحقيقة إذا ظهرت.
لم أحب كثيرًا عرفة ولكنني فهمت مغزاها الفلسفي فقد كان واضحـًا أكثر من أي فصل آخر.

الرواية في المجمل جميلة وتستحق القراءة والتأمل والتعمق في فلسفتها ولكنني لا أستطيع اقتراحها لأي شخص خوفـًا من العقل المغلق وحجمها الكبير الذي يمكن أن يمنع أي شخص من إكمالها،ربما لهذا أنقصتها نجمة وربما لبعض الملل الذي اعتراني في المنتصف في جزء (قاسم) وقرب نهايتها في (عرفة).

وهاهي بعض الجمل التي أعجبتني في الرواية :

http://im49.gulfup.com/II1NwQ.png

http://im49.gulfup.com/wGKx5W.png

http://im49.gulfup.com/zU8o0h.png




ماذا أفدتِ من الحكايات يا مصر؟ ماذا أفدتِ من الحكايات يا أمة الإسلام؟ ماذا أفدتم من الحكايات يا عرب؟


http://im49.gulfup.com/f56VtA.png

فمتى تكفي عن النسيان يا حارتنا؟!

----------------------------

للقراءة من المدونة :

http://qalam-sara.blogspot.com/2014/0...

عندما تقرأ كتب الخمسينات والستينات التي تصبو الى تقدمية تقفز على الدين ، تضحك كثيرا وتسخر من تقلبات الزمن، الرواية بينت قدرات الكاتب وذهنيته، ولكنها بينت قلة حكمته في ذلك الوقت الذي اصدر فيها هذه الرواية، ولا اعرف اذا كانت هذه الرواية قد اساءت اليه ام اضافت، ودفع الكاتب ثمن باهظا لكتابته اياها، لو ان نجيب محفوظ نفسه كتب هذه الرواية في الثمانينات لما تورط كثيرا في محذورات تفاصيل ورسائل هذه الرواية الطائشة، عنفوان شاب ذكي متأثر بنيتشة والفلاسفة الغربيين وتاريخ الاديان وممتلئ بقريحة ادبية كبيرة تستطيع ان تأسرك وتأخذك في عوالمه.

الكاتب نجيب محفوظ عرض وجهة نظره في ذلك الوقت عن الاديان الابراهيمية الثلاثة بشكل مباشر، الشخصيات تدل على انبياء ووشخصية الجبلاوي تدل على ذات مقدسة قد تفسر بالدين وقد تفسر بالذات الالهية ، وبالتالي فالشخصيات تظهر في القصة بعيوب كثيرة بعضها غير مبرر، وشخصية الجبلاوي تظهر مليئة بالعيوب بل وبصورة قاتمة وغير حية، ولم يظهر وجودها وتأثيرها سوى على الشخصيات النبوية،

ونجيب محفوظ نفسه يدافع عن نفسه ويقول ان الرواية لا تعني انني اقر بأي امر فيها ، ولكن هذا الكلام لا يسوغ بالكامل فنحن نقرأ الروايات كي نجد معنى ورسالة منها ، ومانفهمه من الرواية خطير وغير مبرر، حتى لو كانت الرواية تنطوي على خلفية الحادية فلا يجب ان يستخف بالمقدسات الدينية الى هذا الحد


لماذا يكثر نجيب محفوظ من الكلام البذيء في الرواية؟

انا اتفهم ان يكون الكلام السوقي وكلام الشوارع فيه شيء من البذائة حيث يختلف مستوى ادب الناس، اما عندما تكون كل هذه البذاءة من اشهر روائي عربي فهذه مصيبة، ولا يغفر له انه يعكس ما يدور في الحارة فما دوره اذن، اليس من المفترض من الكاتب ان يرفع من مستوى لغتهم وخطابهم ؟ والأقسى من كل ذلك انه يضع شتائم ضد الشخصيات التي ترمز للذات الالهية والانبياء على لسان اعدائهم وكأنه يقول لست انا الذي قلت بل هم ، هذا الاسلوب المستخف باقحام البذاءة لم يضف شيئا للرواية بل انه لوثها كثيرا، اذا كان الكاتب نجيب محفوظ له معنى عميق ورسالة يريد ان يقولها من هذه الرواية فكان يجب ان يتجنب كل هذه البذاءات وبالذات تلك التي تهين المقدسات كي تصل رسالته بدون تجريح.


الرواية مفككة

يسرد الكاتب السيرة الكاملة للانبياء من بدايتها لنهايتها ويبالغ في سرد التفاصيل فمثلا يسرد وقائع مشابهة لغزوة احد والخندق وكأن التفاصيل هي المهمة في الرواية وليست الصورة الكلية ، انا لا اعرف لماذا وضع القصص الدينية وسيرة كل نبي مع انه لايوجد ثمة ارتباط بين الفصول، باستثناء فصل ادهم كانت جميع الفصول فيها فضول وزيادات لا داعي لها.

نجيب محفوظ ينصحنا بأن نفصل بين القصة وماترمز له، انا لم استطع الفصل، على رغم طول القصة الا انني لم استطع ان ارى تلك الشخصيات غير انهم رموز لشخصيات دينية ، في نظري لم ينجح الكاتب في ان يخلق عالما خاصا فعلا بهم، الشخصيات التي ترمز الى شخصيات ما يجب ان لا تشابهها على الدوام.

لا يمكننا بناء امة من افكار متطرفة في اليمين وافكار متطرفة في اليسار، يجب ان نحافظ وندعم الوسط الذي يحفظ هوية ووحدة وتوازن هذه الامة

لا انصح بقراءة الكتاب، ولكن اتوقع ان الكاتب لديه روايات افضل من هذه الرواية تستحق القراءة.

أول رواية اقرأها ولا أحب أن أقيمها

أعجبتني الرواية جدًا جدًا لكن إحساسي بالتجاوزات التي فيها نغصت علي متعة القراءة

نجيب محفوظ عبقري ومجنون في آن واحد

أي شيطان أوحى إليك لتكتب هذه الرواية يا سيد الروائيين ؟

ليه الانسان مش بيتعلم من اخطاء الناس اللى سبقوه. ليه نفضل نغلط نفس اخطاء الغير ونستنى نتايج جديدة.لان بختصار افة حارتنا النسيان

في حارة نجيب محفوظ تجد العجائب و الغرائب فمن كان يتصور أن تنجب حارة الجبلاوي بفسقها و ظلمها أديباً عالمياً وسيداً من أسياد الثقافة العربية تجمع لغته الفصاحة والرقي وجميع اصناف التشويق و المرونة إذ تتسلل عباراته بسهولة وتتخذ حيزاً مرموقاً في الوجدان تشدك يوماً بعد يوم لإلتهام كل ما أنتجته عبقرية محفوظ






رواية أولاد حارتنا مرأة تعكس حياة الأمم أكثر من كونها تعكس حكاية حارة صغيرة ففي ثناياها تجد الصراع بين العدل و الظلم بين الحق و الباطل بين الضمير والنفس التي تبحث عن راحتها ومنافعها فقط , بل تمثل الة السفر عبر الأزمان فتعود بك إلى عقودٍ مضت وتشرح طريقة تفكير أناسها وكيف لم يتغير حتى وقتنا الحاضر , ولماذا يعاود الشر بالظهور بعد هزيمته فنجد الإجابة في أرواح سكان هذه الحارة فهم لم يغيروا مافي انفسهم ليغير الرب أقدارهم فهم يغلبون الشيطان ويعيشون في نعيم الأرض لكن نفوسهم لا تزال متخلفة تنفعل لشرارة حقدٍ قد تبزغ في اي حين ليتحول افة حارة الجبلاوي النسيان لأفة الكون كله .


** الأحداث **
يستعرض الأستاذ المبدع في روايته حكايات شعبية ترددت على لسان اهل حارته عن منشئ الحارة وأول فتواته الرجل الصارم الحازم الجبلاوي وسيرة احفاده من بعده وما نشب بينهم من خلافات وصراعات وإنقسام بين الأهل و الأحباب إذ يُشعل فتيل الإنقسام عندما يعهد الجبلاوي إدارة الوقف لأصغر ابناءه أدهم مما يثير غضب الأخ الأكبر إدريس لينشق عن أسرته ويعمل على فضحها بسلوكه الجديد في الحياة سعياً للإنتقام , وتستمر الأحداث ليشمل الطرد من البيت الكبير أدهم فيتخذ من الخلاء مسكناً له ومن صلبه يأتي احفاد الجبلاوي ويتكاثرون ليكونوا حارةً كثرت فيها الأنفس وعم الظلم والخديعة وإنتشر الفقر و العوز و الأمراض و الإذلال بينما شملت رائحة الموت كل بيتٍ يعترض ويقف ضد قرارات مدير الوقف وفتواته الذين عهد اليهم الجبلاوي إدارة الوقف بعد ان كبر في العمر وطال بقاء روحه في البيت الكبير ليصاحب جيلاً بعد جيل ويساهم في نهضة بعض رجالها لتغيير واقع حياتهم أمثال جبل و رفاعة و قاسم وعرفة الذين تحدوا جبروت الطغاة وحققوا حلم اهل الحارة في عيشة شريفة لا ذل فيها ولا خوف فيسود بها العدل ويفوح منها أريج المحبة التي سرعان ما تختفي بموت روادها .



واحدة من أجمل كتب هذه السنة 5 نجوم على اقل تقدير وينصح به للكل فلابد أن تدخل كتاباً كهذا في رف الكتب المقروءة

بـســم الله الفاتــح

n  1.n
لستُ من هواة إعادة قراءة الروايات أكثر من مرة
لكن تكرار مصادفتي لإسم (أولاد حارتنا) في مقالات وكتب في الفترة الأخيرة، دفعتني لإعادة قراءتها بعد أربع سنوات من القراءة الأولى

n  2.n
!تسألني عن القراءة الأولى تلك؟.. أربع نجمات ومكان بارز في قائمة الروائع
اليوم أعطيها نجمة واحدة متسائلًا: كيف انبهرتُ بها في السابق؟..
الإجابة تتلخص في الجملة التالية: في هذا العالم لا شىء اسمه (مسلّمات) أبدًا
الحلال بيّن والحرام بيّن.. الصح والخطأ معروفان.. وما دونهما مساحة شاسعة من الرمادي يمرح فيها عقلك
ليس هناك رأي ثابت، ليست هناك قضية محسومة، ما توقن به اليوم قد يتغير بمنتهى البساطة غدًا، أو قد تتثبت منه أكثر
باختصار: ما دامت قضيتك خارج الصراط المستقيم فلا تثق بعقلك

n  3.n
“إذا صدر قولٌ من قائلٍ يحتمل الكفر من مائة وجه، ويحتمل الإيمان من وجهٍ واحد؛ حُمِّل القول على الإيمان، ولا يجوز حمله على الكفر ”
محمد عبده
هل ينطبق هذا على روايتنا؟ نعم وبشدة
أنا وأنت نعرف أن محفوظ تجاوز.. أنا وأنت نعرف أنه يقصد الأنبياء والملائكة والله عز وجل ذاته
هل هذا خطأ؟ نعم، بل كارثة
انقد الرجل إذن، خطّأه، ارفض ما كتب، لكن (تكفيره) جريمة أبشع من كل ما كتب..
طالما كان هناك متسعًا في قوله لوجه الإيمان، طالما أن الرجل ذاته تراجع عن رؤيته وقال أنه لم يقصدها، إذن حتى ولو كنت تعلم أنه كاذب، فـ(لا.. تكفِّر.. أحدًا)؛ كيلا تبوء أنت بذنب الكلمة عند الله
تكفير أي مسلم فعل مزلزل لا يتصدى له إلا أهل الرأى والفكر وليس العامة مثلنا
تكفير أي مسلم (على الفاضية والمليانة) مصيبة تنخر في ديننا قبل أن تدافع عنه وتحميه
بالله انقدوا ما شئتم.. لكن توقفوا عن التكفير
ألا هل بلغت؟

n  4.n
الرواية ضعيفة وفقيرة جدًا أدبيًا.. كحدوتة هي مسلية بالتأكيد لكن هذا فقط مرجعه اسلوب نجيب الساحر
يمكنني قراءة رواية من ألف صفحة للرجل دون أن أشعر بذرة ملل واحدة
لكن هل الاسلوب وحده كافي لصنع رواية عظيمة؟ بالقطع لا..
اشترِ مائة قطعة حلوى وقدِّمها في طبق كوجبة غداء، هل تسد جوعك؟ تفيد جسمك؟

n  5.n
احترمت جدًا رأي نجيب محفوظ حين رفض نشر الرواية في مصر إلا بموافقة الأزهر الشريف
مهما كان تأويله ورؤيته يظل قادرًا على دفعك لاحترامه وهو يريد نشر عمله بتصريح من الجهة الدينية الوحيدة العاقلة في مصر
مهما - وتذكّر هذا جيدًا - أغروه بالربح

n  6.n
عم نجيب.. حضرتك قولت للمفكر الإسلامي (كمال أبو المجد) في بيتك بعد حادثة اغتيالك إنك موافق ينشر نقاشكما عن الرواية فى الأهرام
النقاش اللى قولت فيه إنك قصدت (الدين) بالجبلاوي، وإنك أردت استلهام فقط روح قصص الأنبياء وليس أساسها، وإنك من أشد أنصار الإسلام وغلبة الدين والأخلاق بدليل عودة الناس للبحث عن (الجبلاوي/الدين) بعد (عرفة/العلم)..
لكن جورج طرابيشي نشر في كتابه عنك رؤية مغايرة تمامًا، وقال بوضوح إنك قصدت الله - الله بذاته جل وعلا - وسردت قصة الخلق نصًا، وتفسيرات أخرى عديدة لرموز الرواية تخالف قولك السابق، فحضرتك بعتّ له جواب شكر وقولت عنه إنه أكتر حد فهم رؤيتك الأدبية بذكاء..
ده يدفعني لسؤالك:
اللي هو إزاي ده بقى؟ ده زي ست تخلف طفل وكنغر في بطن واحدة؟؟؟

n  7.n
عم نجيب - تاني - حضرتك قولت إنك تمنيت الرواية الناس تقرأها كـ(رواية وليست كتابًا).. ماشي
بس فات على حضرتك إن العمل طالما خرج من كاتبه، بقى ملك قارئه يراه كما يريد
رواية، كتاب، أو حتى يشوفها لوحة سريالية
ولو فرضنا جدلًا إنه اعتبرها رواية تخضع لمقاييس العمل الأدبي المختلق
حضرتك تجاوزت نطاق (استلهام روح القصص النبوية) إلى نسخ ولصق القصة ذاتها مع كم لا بأس به من التشويه
إزاى تستغرب إن الناس متغضبش؟
حضرتك تكتبلى 99 رمز بشكل واضح وفج ومهين لرموزي وعقيدتي وديني، وتيجي فى الرمز ال100 تقول مقصدتش كذا قصدت كذا؟؟؟
والمفروض إنى أصدق؟؟؟
أو أتهم عقلي أنا بالغباء والتقصير عشان مفهمتش رؤيتك العظيمة؟؟؟
لو كان دفاعي عن عدم تكفيرك هو حقك اللي بصون بيه ديني.. فاقتناعي بمبرراتك خيابة لا يبلعها إلا ساذج

n  8.n
كان من الممكن أن أقبل بصدر رحب حديث نجيب محفوظ عن قصص الأنبياء وبداية الخلق كما نفعل مع الأطفال
قال الله له كذا.. فرد إبليس مغضبًا بكذا.. إلخ
لكن لا طفل ولا شاب ولا حتى كهل يقبل أن يقرأ رواية تمتلىء بشتائم وسباب وتلميحات غير مهذبة عن قصة مقتبسة من سيرة نبي!!
قد أتجاوز عن ذلك في روايات أخرى لذات الكاتب برغم رفضي لها
لكن الآن، وفي رواية تحكي عن الله وأنبيائه وملائكته، فلا يُمكن قبول هذا أبدًا
خاصة مع تشويه سيرة الأنبياء نفسهم بشكل مؤلم.. من قرأ منكم الرواية يعرف مقصدي خاصةً في قصة قاسم/محمد صلى الله عليه وسلم

n  9.n
من يتهم عم نجيب أنه تحصّل على نوبل بسبب هذه الرواية (فقط) فهو متجنٍّ ومدلِّس
الرجل كُرِّم على مسيرته التي - شئتَ أم أبيت - تمتلىء بروائع عظيمة لم أجد كاتبًا أتى بمثيلتها
اختزال جائزة مستحقة له في رواية واحدة لمجرد أنها تعجب الغرب وتوافق نظرتهم للأديان فهذا ظلم بيّن أأباه عن الرجل
هل يُختزل ماركيز في (مائة عام) أو ساراماجو في (العمى) سواء أحببتها أم لا؟

n  10.n
انتهاءً: الرواية سقطة في مسيرة نجيب محفوظ، على الأقل من وجهة نظرى الخاصة
سيظل هو كاتبي الأحب والأعظم بسبب عشرات الأعمال التي قرأتها له وأمتعتني بشكلٍ غير مسبوق
لكن هذه الرواية؟ لن أحترم نفسي إن تجاوزتُ عنها وكتمتُ رأيي خوفًا من محبيه، أو محاباةً لعم نجيب وتقديرًا لمقامه عندي
تسألني عن رأيي في الأخير؟ لو كنت تبدأ رحلتك اليوم في عالم نجيب محفوظ فاجعل ختامها عند هذه الرواية حتى لا تظلمه بعمل شائك كهذا
أو ببساطة لا تقرأها، وصدقني لن تخسر كثيرًا

ملحوظة: لم أكتب كل ما أردت قوله، وخانتني الكلمات كثيرًا، فأعتذر لله عن تقصيري وضعف قلمي

حسام عادل
القراءة الأولى في فبراير 2012
القراءة الثانية - والأخيرة - في ديسمبر 2016

عائلة الجبلاوي التي أُستلهمت تفاصيلها من قصص الأنبياء ( عليهم السلام ) في القرآن الكريم تتمثل بكل نزاعاتها البشرية و صراعها مع قوى الخير و الشر بما لا يجعل لدينا المجال للشك بكونها محاولة من الكاتب في إستحضار معاناة هذه الثلة المباركة من البشر مع بني قومهم و هي معاناة لا تتوقف عن تعليمنا منطق الصواب من خيرة خلق الله
و لم يحضرني أثناء القراءة أي اعتراض في قتل نجيب محفوظ للجبلاوي لأنه طوال الرواية يمثل الدين بالنسبة لي لا الذات الإلهية و لنكنْ صادقين مع أنفسنا فالدين يذوي في أيامنا هذه نتيجة انتشار الرذائل بمختلف أنواعها، رغم عدم يقيني من دوافعه- اي الكاتب - في استلهام شخصية الجبلاوي نفسها من الله في القصة الدينية ! فمن غفر لآدم ( عليه السلام ) كان الله سبحانه و من طرد أبليس من قبل كان الله تعالى و هو ما ينطبق على ما حدث للجبلاوي مع أبنائه هنا !!! إما تخيلي كقارئة للفصل بين الذات الإلهية و الدين في شخص الجبلاوي هو لإتمامي الرواية و استيعاب المغزى  و لكن مشكلتي ظهرت مع محفوظ في هذه الرواية بعد قتله الدين و العلم معا و هو بذلك يسحق آمالنا في الإبقاء على مرجع يعود له المرء إذ تخبط في الحياة فما الدافع له اذا من هذا كله ؟ و لا أعرف أكان بذلك ينقل قصة لحياة ام يضع الحياة في قصة ؟!

عارفين ليه طه حسين مخدش جايزة نوبل ؟
عشان كان محترم ، لكن نجيب محفوظ خدها لأنه كتب رواية اسمها أولاد حارتنا بتوصف ربنا إنه راجل بينزل يحاسب الناس

_______
سمعتها من أستاذ لى من ثلاث سنوات تقريباً ،، و لذلك كان الفضول لقرائتها ، كشغفى بكل ما هو مثير للجدل ، و ما مُنع من النشر لفترة لتداخل المجتمع في تنظيم ما تؤمن به لأنك انتقلت من مرحلة الاعتناق إلى التعبير كما ذكر د . أحمد كمال أبو المجد في المقدمة

شكراً أستاذى فأنا تعرفت على أطول و أبدع رواية قرأتها في حياتى

أولاد حارتنا ،، الرواية الرمزيةالتى استقت من قصص الأنبياء ، فلم يفرق الناس بين ما يكتب في كتاب ، و بين ما يكتب في رواية يمكن أن تحمل رموزاً و تترك متسعأً للخيال ، و لذلك كان الهجوم عليها و هنا يتدخل محفوظ و يرفض صدور الطبعة الثانية قبل موافقة الأزهر

الرموز واضحة جداً ، كان أكبر متعة لى أن أعرف إلى من ترمز كل شخصية!!

أدهم يرمز لآدم
جبل يرمز لموسى
رفاعة يرمز لعيسى
قاسم يرمز لمحمد
عرفة هو رمز العلم و الحداثة

ثم نأتى إلى الجبلاوى _ نقطة الخلاف و الهجوم على الرواية _ حتى ما قبل عرفة يظهر بوضوح أنه رمز لله كما جاء في قصص الأنبياء ،، و لكن بعدما يظهر عرفة يتجه إلى أن يكون رمزاً للدين و الجانب الروحى

في أولاد حارتنا رأيت ملخصاً لتاريخ الحياة ،، بعد طرد آدم جاء القتل و الشر و الذل و الخوف و بلطجة الفتوات فيظهر المخلص الذى يناضل لاسترداد الحق و تسيل الدماء في سبيل ذلك حتى يتحقق فيأتى الرخاء و السعادة ، ثم ينقلبوا إلى ما كانوا عليه لأن آفة الحارة
النسيان

يقول عمنا نجيب
ما كان أيسر أن يقوم العدل دون إراقة نقطة دم

لولا أن آفة حارتنا النسيان ما انتكس بها مثال طيب ، لكن آفة حارتنا النسيان
___

في تاريخ الحياة انتقلنا من اليهودية حيث الغلظة و غضب جبل و إرسائه لقواعد العدل المطلق و رد الإساءة بالإساءة للقصاص و تحقيق العدل ، حتى المسيحية حيث وداعة رفاعة و حب الأعداء و التعامل معهم بالحب و إن جُنى علينا في سبيل نصرة الحق ، ثم وسطية الإسلام حيث يظهر قاسم محباً لجبل و رفاعة مازجاً بيد شدة جبل و حب رفاعة المطلق واهباً الخير للعالمين

ثم يظهر لنا عرفة ،، يظهر في حي الرفاعية .. ذكاء رمزى أخر لمحفوظ

ثم نأتى للنهاية ،، ترى هل كان بالإمكان أفضل مما كان ؟
هل كان يجدر بمحفوظ أن يكمل ليقول أن هؤلاء الذين مجدوا في عرفة و لو كان هو قاتل الجبلاوى ،، ثبت فيما بعد سوء منطقهم و أنه لا نهضة بدون قيود دينية و جانب روحى يقف مع العلم ، حتى لا يجنى فضوله و رغبته في تحقيق الرفاهية على حياة البشر و ينتهك حرماتهم ؟!!

لا بأس فهكذا أقر محفوظ فيما بعد و أبلغنا د سليم العوا في مقدمته .

أصلاً ،، عبقرية الرواية و كم الثراء اللغوى فيها يجعلك تغض الطرف عن أى عيب وقع فيه نجيب ،، يجعلك تستحي أن تنقده

رأيتها رائعة فنية و لم أستشعر فيها أى إساءة لله أو للأنبياء
ـــــــــــ
أخيراً خذ تلك الحكمة من قصة عرفة في أولاد حارتنا

الموت هو الذي يقتل الحياة بالخوف حتى قبل أن يجيء . لو رد إلى الحياة لصاح في كل رجل ، لا تخف ... الخوف لا يمنع من الموت لكنه يمنع من الحياة ، و لستم يا أهل حارتنا أحياء و لن تتاح لكم الحياة ما دمتم تخافون الموت

Biti živ u xxi veku ima mnogo prednosti – od napretka medicine i relativne dostupnosti iste do nadrealne mogućnosti da se napiše besan komentar nekome na drugom kraju sveta dok kenjaš na vece šolji u 7 ujutru – ali danak se plaća u užasavajućoj činjenici da je sve to manje više nepromenjivo. Okej, dosta mračimo sa o-ne-sad-će-rat ili planeta-će-se-svakog-časa-sublimovati, ali iako opasnost toga postoji (i treba biti svestan toga, u meri), daleko je realnije da će sve nastaviti da ide svojim tokom. I kako ne biti uplašen toga? Retko ko normalan je proponent neograničenog kapitalizma sa konstantnom erekcijom na ideju ”progresa”, ali apsolutno niko ne može ništa da uradi da to i promeni. Promena počinje da deluje kao nikada onostraniji koncept. Na putu smo ka destinaciji koju niko posebno ne miriše, ali kamen na kvačilu vozila koje neograničeno ubrzava je sladoled sa ukusom madagaskarske đanduje jer čokolada nije dovoljna i šta onda uopšte fali kamenu, vidi ga kako je lep, brendiran i beo, bez ijedne jedine mane?

Tako je i u Mahfuzovoj ulici, ali u jednom pređašnjem trenutku istorije sveta. Kroz četiri novele koje ciklično prepričavaju biblijske mitove, sa bogom u vidu pra-gangstera koji zauzima najveću blindiranu palaču u ulici, Mahfuiz piše o malim promenama koje dovode do ponavljanja istih grešaka. Jedino što se menja je način na koji se vlast ”zbaci” (samo da neko drugi zajaše) – od prvobitne empatije, preko isusovske žrtve, preuzimanja metoda nasilnika, do konačne magije vatre i neobuzdane destrukcije kvazi-atomske bombe. Ali šta se zapravo menja? Bog je mrtav i bog uopšte nije važan i ajmo mi ”ono naše”. Ništa se ne menja, i iako je to nekad zamorno čitati (petsto stranica su mogle biti malo ekonomičnije napisane), iako je to sasvim u stilu arapske pripovesti (koju ću nadam se podrobnije u budućnosti upoznati), ne menja se ni nada da će nekad, možda, ipak biti bolje.

4+

لو أن أحد الكتاب كتب رواية أسماها " وليد حارتنا " بطلها اسمه وليد محروس مثلا ، ولد في القاهرة عام 1911 ودرس الفلسفة بجامعة القاهرة ثم عمل في السلك الحكومي ثم تفرغ للادب وكتب خلال حياته ثلاثية أدبية هي بين النصرين و قصر الدوق و النملية و ونال بعدها أرفع جائزة عالمية تنال في الاداب . لو أن أحد الكتاب كتب مثل هذه الرواية وأعطى للقارئ كل الاشارات الدالة على انه يتحدث عن نجيب محفوظ ، ثم بدأ في اطار الرواية يصف بطلها وأهله بأقذع الشتائم التي تمس العرض والشرف ، مضيفا الي حبكة الرواية قضية فسلفية ما أو هدفا نبيلا يتحقق في النهاية على يد شخص آخر يُصلح ما أفسده البطل وليد محروس . لو فرضنا أن مثل هذه الرواية كُتبت في حياة نجيب محفوظ ، فهل كان سيشعر بشئ من الضيق ، ولو فرضنا انها كُتبت اليوم فهل سيشعر بنيه ومحبيه بشئ مماثل من الضيق ؟

لو أن أيا منا تعرض لمثل هذا الموقف ووجد في السوق رواية يحمل بطلها اسما شبيها لاسمه و ظروفا معيشية تشابه ظروفه ، ثم وجد الكاتب يسب ويشتم أبطال الرواية التي منهم أهله وأقاربه وهو ذاته ، ألن تتحرك في رأسه شعرة من غضب أو ضيق ؟

البعض يقول أنه لا علاقة لأحداث رواية أولاد حارتنا بالذات الالهية أو بقصص الأنبياء ، وأن الرواية ما هي الا خيال مؤلف ، وأن الخيال شئ والتاريخ شئ أخر ، وأن الادب يختلف عن الدين ، ومثل كل هذا الكلام . وعندما تواجه صاحب مثل هذا الرأي بعشرات الدلالات الواضحة في الرواية وبكلام نجيب محفوظ نفسه عن الرواية ، تجده يتراجع ويردد على مسامعك نفس كلام نجيب محفوظ بأن الجبلاوي ليس رمزا للذات الالهية وانما رمزا للدين الذي يُرفع قرب قيام الساعة كما يشير الحديث النبوي .

ولصاحب هذا الرأي أقول إذا قال لك مؤلف رواية وليد حارتنا أنه لا يقصد بروايته نجيب محفوظ بذاته وانما يقصد الاديب بصفة عامة أو الانسان بصفة أكثر عمومية ، فهل سيتغير من ضيقك شيئا ؟ هل هذا يعني أن مؤلف وليد حارتنا لا يقصد الاساءة لنجيب محفوظ أو ربما لشخصك ؟ هل هذا يعني أنه لم يسئ فعلا ولو عن غير قصد ؟

إن كان الجبلاوي قد طرد ادريس من الحديقة فهل الدين هو من طرد ابليس من الجنة ؟ هل الدين هو من عفا عن آدم وقبل توبته ؟ هل الدين هو الأجدر بالاشارة : ( يبدو طوله وعرضه خلقا فوق الآدميين ) أو الحديث عنه : ( لماذا كان غضبك كالنار تحرق بلا رحمة ؟ والعفو واللين والتسامح ما شأنهم في بيتك الكبير أيها الجبار ؟ ) هل الدين هو الأجدر بالوصف بأنه جبار !

لست خبيرا في اللغة لذلك استعنت بالمعجم للكشف عن أصل كلمة الجبلاوي ، فلم ينتابني شعور بالدهشة بقدر ما أنتابني شعور بالتقزز عندما وجدت أن أصل الكلمة في مادة جَـبـَل وهي فعل بمعنى خـَلــَق ، وبالتالي فأن كلمة الجبلاوي تشير من قريب أو من قريب ايضا إلي لفظة الخالق ، هل غفل محفوظ عن معنى الاسم عندما وضعه أم أنه اختاره قاصدا ؟

البعض قد يقول أن في الرواية اشارات تفصل بين الذات الالهية وشخصية الجبلاوي مثل الدعاء للجبلاوي بعد مماته بـ : الله يرحمه ، ولصاحب هذا الرأي أقول : إذا قرأت في نهاية رواية ( وليد حارتنا ) أن وليد محروس جلس ليقرأ رواية لنجيب محفوظ ، فهل سيتغير من ضيقك شيئا ؟ هل ستقول أنه ما دام وليد محروس يقرأ لنجيب محفوظ إذن فالكاتب لا يقصد بوليد محروس شخص نجيب محفوظ ؟ أم أنك ستوقن أن الكاتب لجأ إلي هذه الفكرة الشيطانية بعد أن حقق غرضه وسب شخصية رمز بها الي نجيب محفوظ ، وحتى لا يتعرض لمساءلة قانونية ألحق في الرواية اسم نجيب محفوظ أو ربما ألحق اسمك أنت إذا كنت أنت بطل الرواية والمقصود بالسب ؟

لقد عصرت على نفسي 552 ليمونة بعدد صفحات الكتاب حتى أكمل قراته لعلي أجد هدفا نبيلا للرواية يزيد من قيمتها بعد أن أيقنت أن الكاتب قد أخطأ في اختيار الاطار الفني للرواية ، كنت أقول لعلي أجد هدفا يجعلني أقول إن هدف الرواية رائع ولكن الرواية كانت ستكون أفضل لو أن محفوظ قد اختار اطارا اخرا غير اطار قصة الجبلاوي وادريس وادهم ورفاعة وقاسم ، ولكن في النهاية وجدت الكاتب يشير الي ان العلم هو المخلــِّص ، هذا ما جعل الناس يقولون بعد وفاة عرفة : لا أمل لنا إلا في سحر عرفة ولو خيرنا بين الجبلاوي وسحر عرفة لاختارنا سحر عرفة . فهل هذا الهدف يستحق الصبر على قراة 552 صفحة من الاشمئزاز والملل ؟ وهل النهاية المفتوحة التي بدت رائعة من الناحية الادبية تعوض النقص الهائل في اطار عرض الرواية والأفكار التي تنشرها ؟

تعتبر رواية اولاد حارتنا من احدى الروايات التي أشير اليها في السويد عندما مُنح محفوظ جائزة نوبل ، هذا ما جعلني أسأل نفسي : هل من المفترض عليّ أن افخر بجائزة أعطتها منظمة أعضاؤها غير مسلمين لكاتب مسلم كتب رواية أبطالها رموز لله وللأنبياء ويسب فيها تلك الرموز ؟

لا شك أن أدب محفوظ يستحق نوبل عن كثير من الروايات الواقعية الرائعة التي كتبها ولكن لا شك أيضا أنه ليس من هذه الروايات رواية أولاد حارتنا .

رغم أن الرواية لم تعجبني إلا أنني لا أملك أن أحكم على محفوظ بالكفر أو الزندقة لا سمح الله ، كما أنني أيضا لا يمكن أن أوافق على قرار حكومي يمنع نشر الرواية ، ليس فقط لأن هناك وسائل أخرى للحصول على الرواية بطرق غير مباشرة ، وإنما أيضا لايماني بأن لكل شخص الحق والحرية في أن يكتب ما يشاء ويقرأ ما يشاء ، ومن حقي أنا أيضا أن أقول أن الرواية لم تعجبني ، وأن أنصح مخلصا كل من لم يقرأها بألا يقرأها ، لأن هناك الكثير من الروايات غيرها تستحق القراءة ، ربما روايات لنجيب محفوظ نفسه .

بعد قرائتى للرواية تيقنت من أن الراحل الكبير نجيب محفوظ ما كان يقصد الله بشخصية الجبلاوى إنما كان يقصد الدين و ظهور عرفة الذى يمثل العلم و الذي كان السبب بطريقة غير مباشرة فى موت الجبلاوى أى الدين ...

تقييمى للرواية 5 نجوم و لو فى 10 نجمات لأعطيتها الـ 10 نجمات ،،،

لا شك أن هذه هي أقوى رواية عربية قرأيتها لحد الآن، هي رواية منعت من النشر في كتاب بعدما نشرها الأديب نجيب محفوظ كحلقات في جريدة الأهرام في العامين ١٩٥٩ و١٩٦٠. تم نشرها في لبنان ككتاب في عام ١٩٦٢ ولم تر النور رسميًا في مصر إلا في عام ٢٠٠٦ بعد وفاة الكاتب القدير. إن المنع بحد ذاته دافع للفضول، فكيف إن علمت أنها لأحد أكبر الكتاب العرب، بل وتم ذكرها كإحدى أفضل رواياته عند اختياره لجائزة نوبل للآداب عام ١٩٨٨. استمعت لها ككتاب مسموع لمدة ١٥ ساعة بصوت كل من الدكتور معاذ حمادة ودعجاء زينب

استخدم الكاتب الرمزية بشكل كبير (مثلًا عدد الفصول ١١٤، كعدد سور القرآن) فكان طعم الرواية في لساني مشابهًا لرواية مزرعة الحيوانات والتي تتناول موضوعًا مقاربًا. أبدع الكاتب في المزج بين بيئة الحارات المصرية والتراث الديني الإبراهيمي لايصال رسالته أو ما أسماها في إحدى المقابلات "النظرة الكونية الإنسانية العامة" حيث تتكرر مع كل مصلح دورات الظلم الطويل الذي يتلوه عدل قصير ما يلبث أن يتبعه الظلم من جديد وذلك "لأن آفة حارتنا النسيان" كما يكرر الكاتب.

أسلوب الرواية شيق جدًا والكاتب متمكن من ناصية العربية بشكل ملحوظ. إذا أردت قراءة الرواية فلا تقرأ عنها كثيرًا فإن ذلك سيفسد عليك كثيرًا من المتعة ولعلك تتمنى أن يمحا جزء من ذاكرتك لتتمكن من قراءتها بذاكرة نظيفة، تمامًا كما أتمنى أنا الآن. ركز جيدًا في الأسماء واسع لقراءة ما بين السطور فهناك الكثير الكثير!

سبب منع الرواية الأساسي هو كثرة الهرطقات التي احتوتها. ففضلًا عن الإثارات المتكررة لمشكلة الشر فهناك انتقادات مباشرة للذات الالهية (صرح الكاتب بأنه يقصد الدين وليس الله بهذه الشخصية، ولكن الأمر واضح بالنسبة لي وأترك التقدير للقارئ) وغير ذلك الكثير. يحمد الكاتب ربه -إن كان يؤمن به- أنه نجا من محاولة قتل في العام ١٩٩٤ بعدما تم التحريض على قتله كما تم مع سلمان رشدي. مهما تكن نظرتك الكونية، فلا تدع هذه الأمور تحجب جمال الرواية، فهي رواية على كل حال.

قرأت ما يقارب عشرين صفحة من الرواية قبل أن انتبه للرمزية الشديدة وكم كانت ضحكتي عالية حينها. قلت في قلبي كم أنت ملعونٌ يا نجيب محفوظ! لحسن حظي لم أكن أعرف عن الرواية أي شيءٍ حينها ولذلك استمرت ابتساماتي وضحكاتي من حين لحين حتى نهاية الرواية. أجمل اقتباس من الرواية: الخوف لا يمنع من الموت، ولكنه يمنع من الحياة.. لن تتاح لكم الحياة ما دمتم تخافون من الموت.

أتمنى أن تنال اعجابكم كما نالت إعجابي.