بأي قلم كتب نجيب محفوظ تلك الأسطورة
بأي خيـال رأئها وتصورها ؟؟؟

كل الشخصيات فى تلك الرواية بداية من عاشور الناجي ، وفلة ، وشمس الدين ، مروراً بسماحة الهارب وعزيز التاجر الطيب ، وزهيـرة الفاتنة الملعونة ، وأبنهـا جلال المهيب المجنون الطامح فى الخلود ، إنتهـاءاً بفتح الباب الذي راهن على الحرافيش ، وعاشور الصغير الذي علمهم كيف يدافعون عن أنفسهم .. كل شخصية منهم ، شخصية أسطورية ملحمية فى حد ذاتها

أنا ذوبت عشقاً فى كل سطر فى تلك الرواية
فى كل حدث ، فى كل حدوتـة
عشت مع كل شخصية صراعتها ومعاناتها وانحرافتها وعذابها
أدمنت لغة نجيب محفوظ الرائعة ، وتصويراته وتشبيهاته الفوق خيالية
عشقت أسلوبه فى السـرد ، وربط الأزمنة والأشخـاص
يا لنجيب محفـــــوظ ، ويا لعــالمه

أعتقد أنه سيكون هناك قراءات كثيـرة لتلك الروايــة
فأنا أريد أن أعيش عالم الأساطير هذا / مـرات ومـرات

في الظروف العادية الهدف الأساسي من كتابة مراجعة عن كتاب هي ذكر انطباعات عامة عن الكتاب المميزات العيوب الأفكار الأساسية وهكذا لتكون بذلك المراجعة والتقييم وسيلة لتكوين فكرة عامة لاي قارئ قرر يقرأ الكتاب. لكن في حالة الأعمال التي تمثل علامات لكتاب كبار بشكل عام ونجيب محفوظ على وجه الخصوص فالأمر مختلف. لان أعمال نجيب محفوظ إجمالا وتفصيلا من أكثر الأعمال التي تم تناولها بالدراسة والبحث على مستوى القارئ العادي وعلى المستوى الأكاديمي
وفي هذه الحالة تكون المراجعة مجرد انطباعات شخصية لتسجيل تجربة القراءة الفريدة
قرأت لنجيب محفوظ قراءات عديدة على فترات متفرقة منذ سن صغيرة من حسن الحظ. وفي كل مرة مع كل مرحلة عمرية مختلفة وظروف وأفكار و قناعات مختلفة يكون الاصطدام بقراءة ورؤية مختلفة لأعمال نجيب محفوظ. في سن صغير ممكن يكون الانطباع أن كتاباته مجرد كتابات شعبية بسيطة واصلة لأكثر وأبسط الناس من بساطتها وصدقها ومتعة قراءتها ولكن مع الوقت والنضج تكتشف أنها أعقد وأعمق تختفي خلف السطور أعقد الأفكار الفلسفية ومحاولة للإجابة على تساؤلات حائرة وقضايا ازلية لتخرج بالمزيد من التساؤلات والحيرة
طبقات من الرسائل ومستويات من الفهم وإثارة أفكار بشكل لا نهائي. لم يكن إنبهار المهتمين بالأدب بذلك الرجل من فراغ
ملحمة الحرافيش على بساطتها وقربها من الوعي والفهم والوجدان الشعبي والتراث هي تحفة أدبية بكل المقاييس الحوار على واقعيته و بساطته حوار ذكي و عبقري و معجز و موجز. الشخصيات حقيقية بشكل مخيف والأحداث يتردد صداها وتأثيرها على مر الزمان
لقد أثار نجيب محفوظ أفكاري على كافة المستويات. تذكرت بصراع لقمة العيش والحياة اليومية مشاكلي في العمل مع مديري وزملائي ونزاعاتي مع الجيران ومالك العقار. وخلافات الأقارب والأصدقاء نفس المنطق ونفس الخلافات والصراعات وضعف النفوس وصدمات الخيانة وضربات القدر والندم على الماضي والخوف من المستقبل.
وفي نفس الوقت وبشكل متداخل بتلقائية ودون أفتعال أثار الأفكار الفلسفية والوجودية الأزلية في اصل الحياة ومعنى الموت ومصدر الوجود ومعنى الايمان وصراع الخير والشر وغاية الانتصار على ضعف النفس وشرورها وإغراءات السلطة والمال واسرار ثورة الحرافيش على الظلم

والقرار المنطقي هو ضرورة إعادة قراءة نجيب محفوظ على فترات لاكتشاف مزيد من طبقات الفهم والرسائل المودعة بين السطور والأحداث والحوارات العبقرية وأكتشاف المزيد من كنوز المتعة الوجدانية والفكرية

أنا من عشاق قصة مسلسل حديث الصباح و المساء بأجيالها المتعاقبة و حواريها و أجوائها و على هذا الأساس حبيت أقرأ أولاد حارتنا و الحرافيش.

و للأسف مليت من أولاد حارتنا جداً و خصوصا ربط الشخصيات بقصص الأنبياء ضيع أي فرصة للتشويق. فاترددت في قراءة الحرافيش لان تجربتي مع أولاد حارتنا غير موفقة و حسب ما بسمع إن الحرافيش و أولاد حارتنا من أجمل ما كتب نجيب.

لكن في الواقع هي مختلفة عن أولاد حارتنا. رغم أجواء الحارة المشتركة بين الروايتين و الأجيال المتعاقبة و الصراع على الفتونة و طبيعية الأحداث، إلا إن ليها سحر خاص شدني فيما يقرب ال ٦٠٠ صفحة. رواية عن صراعات النفس البشرية و أهوائها، حب المال ... السلطة ... النساء ... حب السيطرة على العباد. .. و حتى الخلود.

ينطبق عليها مقولة " يخلق من ظهر العالِم فاسد". كم عاشور و كم شمس الدين مروا على الحارة و كم فتوة اعتلي عرش الفتونة من آل الناجي المشترك بينهم فقط إنهم من آل الناجي.

".. لم يبق من تراث آل الناجي الخالد إلا الأسماء. أما العهود و الأفعال فتعيش في الخيال مع الأساطير و المعجزات المسربلة بالحسرات".

سحر الحرافيش في ظهور و اختفاء شخصياتها و تبدل الأحوال بين ليلة و ضحاها دون أسباب. بداية من هجرة عاشور الناجي و مرورا بهجرة سماحة أقدار متشابهة او سنة الحياة .. . تعاقب الفتوات و تأثيره على الحرافيش و الفقراء و المستضعفين و رجائهم بفتوة يحقق العدل و يكون خليفة لعاشور. قصص شيقة فيها شيء من الروحانية بين كل الظلم و البطش مع تعاقب الأجيال.

أغرب و أجمل قصة بالنسبة لي كانت قصة جلال و سعيه للخلود

" - إنك تخاف الخلود!
- يحق لي ذلك، تصور أن أبقى حتى أشهد زوال دنياي. يذهب الناس رجالاً و نساء، و أبقى غريبا وسط غرباء، أفر من مكان إلى مكان، أبيت مطاردا أبديا، أجن، أتمنى الموت..
-و تحافظ على شبابك إلى الأبد؟
-و تنجب أبناء و تفر منهم، و كل جيل تعد نفسك لحياة جديدة، و كل جيل تبكي الزوجة و الأبناء، و تتجنس بجنسية الغربة الأبدية، لا يربطك بأحد اهتمام أو فكر أو عاطفة.. "
رواية ممتعة و شيقة و دسمة و أكيد مش آخر قراءة لنجيب محفوظ❤️

عظمة على عظمة على عظمة..الى ما لا نهاية وما بعدها

تعجز الكلمات عن الوصف يا سيد الأدباء

ما هي الحارة؟ أهي الوطن؟...مَن هُم الحرافيش؟ أهم الشعب الغلبان الشقيان الملعون بالفقر المُدقع؟...مَن هُم الفتوات؟ أهم الحُكام والملوك؟...مَن هو عاشور الناجي؟ أهو نبي أو ولي من أولياء الله يهدي الناس إلى الصواب ويرشدهم إلى الصحيح من الدُنيا ويُبعدهم عما يسوقهم نحو الجحيم؟... ما هي الأناشيد؟ أهي رسائل الإله إلى عباده؟...ما هو السور العتيق وساحة التكية؟....الكثير من الرمزية في هذه الرواية كما كانت في حياة محفوظ العظيم الذي ربما جسده حبيس القبر ولكنه روحه ستظل محفوظة في رواياته.


الأجيال المتتابعة المُستهلكة في حضيض الدنيا ومُقيدة بخوفها، مقبوضة بسلاسل العبودية الخفية. في الظاهر إنسان حر وفي الباطن عبد ذليل.

وضع نجيب محفوظ نفسه في الصورة الملونة. نقل الخيالات الجامحة الحبيسة في الصورة الجامدة المتحجرة إلى حقائق مُنبسطة فضفاضة في فضاء الجحيم الذي نعيش فيه.

ستزيدك مرارة، سترفع مستوى معرفتك بالذُل وانقلاب الإنسان على فطرته. ستقضي على طيبة قلبك وتشعرك بوحشية الإنسان. ستطبع الرواية الهيئة الحقيقية للناس، لسنا على نفس المنوال، لسنا على نفس المستوى، لسنا سواء في الحياة. ربما خلقنا أسوياء ولكن شهوة المال وسطوة السلطة تتحكم في شعيرات جسدك وتحول الإنسان من اسم على مُسمى إلى اسم ولكن روح مُوغلة في وحشتها، مُكهربة مُمددة على ديوان ممدود الطرف نحو الجحيم المُستعر.

العبقري نجيب محفوظ استطاع وبلغة سردية معجونة بلغة البسطاء أن يضرب الكثير من البروج السامقة وينسج العديد من الاسقاطات التي نعاني منها حتى يومنا هذا. بدون تعقيد، بدون مبالغة. بدون تكلف أو تسلط على القارئ. وهنا تكمن نقطة قوة محفوظ أنه قريب من لسان العامة قرب روحه إلى كينونات الموجودات حوله.

يصور محفوظ الحارة بثرواتها المُنتهكة وخيراتها المُستنزفة ونفوسها المُستهلكة وطواغيتها المُستغرقة حد النوم في السيطرة والاستهلاك بدون حق، وثوراتها الراجفة ولكن المُستنيمة دائماً للخوف والذعر. وك��نه يخبرنا تقدم يا جبان أنظر حولك! انت إنسان مُهان مذعور خائر النفس حد الالتجاء بأوهام المتاعيس وخيالات الجان.

استمتعت بها كثيراً جداً رغم طولها خمس نجمات.

القراية التانية للحرافيش، ظني إنها تكاد تكون أجمل رواية كتبت بالعربية، لكن فصل جلال ذو الجلالة، في رأيي يكاد يكون ذورة أجمل وأهم من موضوع الرواية نفسه، رغم ارتباطه بيه.
عندي ملحوظة تانية، بقولها على استحياء لأني مش متأكد منها أو من أهميتها، أظن ان دي أول مرة يظهر في شغل محفوظ لغة الأرابيسك التراثية، اللي بتعتمد على تكثيف المعنى في كلمتين، وتكراره في وحدات، رغم أن مصدره التراث، لكن في أدبنا المعاصر دي علامة مسجلة باسم جمال الغيطاني.

لا توصف بكلمات , إنه بحق نجيب محفوظ الأديب العالمي , ندمت لعدم قرائتي لأي من أعماله مسبقاً , قريباً سأقرأ له بقية أعماله

تتعاقب الأجيال ولكل جيل زعيم ولو لم يوجد زعيم لاخترعناه وألهناه وسجدنا له من دون الله تعالى شاكرين،
آفة حارتنا النسيان،
نفس الأخطاء نفس الآمال بأن هناك زعيم سينتشل الأمه من انحطاطها ولكن نفس الأخطاء تتكرر وتودي بنا إلى أسفل الأمم وبه إلى مذبلة التاريخ..
ملحمه موحية ومهذبة ومعلمه وبها من الدروس والعبر والرسائل المبطنه الكثير والكثير متي يطفو على السطح عاشور الناجي لينقذ الحرافيش من تغول أولاد الزواني واللصوص والقوادين والبلطجية ..
الفتوات يتوالون على الحارة منهم من يحاول إقامة العدل والمساواة ونشر الخير بين أبناء الحارة وحمايتهم من تسلط الأغنياء، ومنهم من ينحرف بالفتونه إلى السيطرة على مقدرات الحرافيش والبلطجة عليهم باسم توفير الأمن والأمان .

نجيب محفوظ لم ولن يمُت ولن تبطل قصصه أو يعفي عليها الزمن. نوبل تشرفت باسمه.
بقناعة تامة أرى أن هذه الرواية ظُلمت فنيا بتقطيع بعض قصصها وتحويلها لأفلام فاشلة، أفلام لخصت الحرافيش في "خناقة على الفتونة".
ربما لو تحولت لعمل فني ضخم لفاقت حديث الصباح والمساء في روعتها وتنوعها، وهي العمل الفني الأجمل وسط روايات محفوظ، بفضل السيناريست محسن زايد.
ملحمة ضمت 10 قصص لأجيال مختلفة، كل جيل بظروفه النفسية والإجتماعية، وتطور شخصياته. بدون تكرار أو تشابه. مشدودة من بدايتها لنهايتها. بحوارات فلسفية تصلح لكل الأوقات وليس وقت كتابتها فقط.

«حرافيش أم وجهاء لا يهم، ستدرك الإهانة دائما من يتقبلها!»

«فقال له قلبه لا تجزع فقد ينفتح الباب ذات يوم تحية لمن يخوضون الحياة ببراءة الأطفال وطموح الملائكة..»