نجيب محفوظ

اسم الله عليه .... اسم الله عليه

n  n
n  n

أسرتني من الصفحات الأولى، وكنت أُنهي فوق المائتين صفحة في جلسة واحدة وتلك رقم قياسي بالنسبة لي.

من وجهة نظري، يكمن تفوق محفوظ في تلك الملحمة في قدرته على خلق إيقاع تشويقي قوي ساحر، وذلك الإيقاع هو ما جعلني اتغاضى عن لا منطقية كثير من الأحداث أو أفعال كثير من ابطال الرواية.

خلق محفوظ أيضا في تلك الرواية عالما يشبه عوالم روايات الواقعية السحرية. فكنت أشعر وكأن الحكاية تدور في عالم موازي ليس له علاقة بزمن أو مكان يمكنك أن تربط عقلك به. حتى وإن ذكر تنقل بعض الأبطال بين أماكن معروفة مثل حي بولاق، فهو "بولاق" أخر غير بولاق التي نعرفها في عالمنا..

حتى اللغة، أحسست وكأنها تلقي من فم شاعر وليس كاتب روائي يحكي احداث حياة بلغة الروايات المعتادة. وفكرت أنه لولا عدم وجود السجع، لكان من الممكن أن تتحول إلى عمل غنائي رائع مثل المسرحيات الشعرية.

لن أنكر تعلقي ببعض أبطال الرواية، ولكنه كان تعلق مؤقت وعابر. كنت منبهرة بإيقاع الرواية، ولكن قبيل النهاية أصابني الملل من تكرار نفس نمط الأحداث، بنفس التتابع الزمني ونفس الكوارث مثل الخيانة والقتل والاختفاء المفاجىء.

كانت الرواية بتكرار أحداثها تحتاج من أديبنا الكبير الكثير من الاختصار. فقد كان من الصعب على القارئ مهما بذل من مجهود في التركيز، أن يتابع كل هذا الكم من الحكي الذي يعتمد بشكل أساسي على الماضي. فكنت كثيرا ما أضيع عند الإشارة إلى احدى الشخصيات القديمة او إلى ما فعلته في الماضي.

روايات محفوظ تترك عادة بداخلي أثرا في نفسي، ولن أنكر أثر الحرافيش. ولكنه كان ذو علامة أقل تأثيرا من رواياته الأخرى التي احببتها.

قرأ أبي هذه الرواية ثلاث مرات، فعدت أتلمس في كل صفحة فيها عيني أبي المتفتقتين صبا ونباهة، وأبحث في كل سطر منها عن صورة أبي بشبابه وفتوته، وكما تمنى أحفاد عاشور الناجي لو يلتقوا به ويخبروه بما جد بعده، أتمنى لو أنفذ من بوابة تسافر عبر الزمن، أعود حيث كان يجلس أبي أمام ضوء خافت منبثق من قنديل عتيق، أرقب تعابير وجهه وردات فعله، ثم أبادله أطراف الحديث، أحتضنه بقوة وأسر له أنه سيكون أفضل أب بلا منازع، لا .. لن أخبره عما يخبىء له الزمان، لن أوجع قلبه، سأكتفي بطمأنته وأتركه حتى ينهي الرواية، ورواية أخرى وأخرى.

حاولت استرجاع مختلف القصص لأجد ما يمكن أن يجمع بينها، فلم أجد أمرا واضحا. كان هناك تنويع قصصي يحوم كلّه حول السلطة والمال والجنس، ولئن أشار الكاتب صراحة على لسان عاشور الثاني إلى الزينتين الأولتين، فقد تغاظى لسبب ما عن الجنس رغم كونه كان محرّكا أساسيا للرواية : اهتم الكاتب بالحياة الجنسية لكل شخصياته (من تزوج، ومن خالط، وبمن أعجب الخ)، كما انّ الرواية تقوم على توالي الأجيال، أي على التكاثر. يبدو الجنس نقطة ضعف أو قوّة عند شخصيات الحرافيش، والمهمّ أنّه أداة أساسية لتحقيق الحياة ومصارعة الموت، إمّا بالنفور منه أو بالانغماس فيه.

نشبه الحرافيش كثيرا رواية أولاد حارتنا، في اعتمادها على الأسطورة، وعلى الرمزية الواقعية والدينيّة خصوصا. والمتأمّل في قصة عاشور الناجي وأخيه ـ الذي ليس أخاه ـ سيجد شبها كبيرا بقصة أدهم وادريس في أولاد حارتنا. كما أن فكرة الوباء وعودة عاشور ليعمّر الحارة، هي أقرب شيء لفكرة الطوفان. أما عاشور الثاني، فقد كان آخر الفتوات، ولقد بدأ حياته راعيا للأغنام، بعدما تيتّم صغيرا وربّي على يدي امرأة إسمها حليمة، وأمضى وقتا لابأس به متأملا بعيدا عن الحارة، ولقد عرف باستقامة خلقه، حتى إذا جاء إلى الحرافيش، صدقوه وأخذوا بدعوته...

هناك قراءات ذكية أخرى توازي بين سلالة الفتوات من آل الناجي والأئمة الإثني عشر عند الإسماعيلية، ذلك أن الأجيال حتى عاشور الثاني كانوا اثني عشر، وانقطاع النسل مع وحيد واستمراره مع زهيرة. كما يفسر ذلك تواتر الأبيات الفارسية التي ينشدها آل الناجي. ولكنني لستُ موقنا من دقّة المقاربة.
المهمّ أن هذا الشبه بأسلوب أولاد حارتنا التي قوبلت بالرفض والصدّ، يحدّ قليلا من عبقرية العمل، ويعود بنا إلى مختلف العناصر العبقرية التي شكلت أولاد حارتنا. أجد في الرواية الأولى (زمنيا) أصالة أكبر، وحبكة أدق وإن اعتمدت كثيرا على المرويّ التاريخيّ والدينيّ، بينما أتاحت الحرافيش مساحة أكبر لخيال الكاتب. إن شخصيات عاشور الناجي، وعاشور الثاني، يمكن أن نجدهما بشكل أدق وأكثر ثراء في أولاد حارتنا، لكنّ الحرافيش امتازت بتنويع أكثر. فلئن كانت هناك محاولات خمسة رئيسية لتحقيق العدل في أولاد حارتنا، فقد كان عددها أكبر هنا، وكانت رؤى الشخصيات أكثر ثراء.

الحرافيش عمل جميل، يقوم على الحكاية كأسلوب قصصي تراثيّ، فالنصّ يمضي سريعا حين يريد، ويتوقف أحيانا حيثما يجب أن يتوقف. ولئن امتعضت قليلا من هذا الأسلوب لأنّه يصنع مسافة بين القارئ وما يقرأ، إلاّ أنّ ضخامة العمل تطلبت من الكاتب ذلك حتّى لا يضطر إلى كتابة مجلدات تسعها الأجيال الكثيرة التي سطّر حكاياتها. كما استطاع محفوظ عزل العالم القصصي مكانيّا، حتّى وهو يخرج بنا أحيانا من فضاء الحارة (بولاق، والمأمور)، بينما أطلقه زمانيا حتى لا نعرف في أي زمان حدثت كل هذه الحكايا.

--------------------------- SPOILER
حسن لنعدّد الحكايات فقط من أجل أن أتذكرها لاحقا:
الحكاية الأولى : عاشور الناجي تزوج من فلة عاملة بحانة، وأعطوه سلطة لا يريدها، وجاءه المال يسعى إليه ولم يسع إليه، اختفى
الحكاية الثانية : شمس الدين بن عاشور الناجي، تزوج من عجمية ابنة عامل له، فاز بالسلطة بشرف، ولم يسع وراء المال وإن أحبه، مات في المعركة
الحكاية الثالثة : سليمان بن شمس الدين الناجي، تزوج من سنية بنت السمريّ الثريّ، تمتع بالسلطة، سعى للترف ووقع في أسره، مات مشلولا
الحكاية الرابعة : سماحة بن بكر (خضر) سليمان الناجي (رضوان وصفية)، تزوج من محاسن فتاة بولاق، أراد السلطة فانهزم وعاش فارا
الحكاية الخامسة : قرة سماحة الناجي (رمانة ووحيد)، تزوج من عزيزة بعدما غرر بها أخوه، ملك الجاه كما ملك وحيد السلطة، قتله أخوه من أجل المال.
الحكاية السادسة : زهيرة الناجي، تزوجت من عزيز قرة الناجي، بعدما مرت على المأمور، والفتوة ومحمد أنور الثري وعبده عامل المخبزة، عرفت الجاه والمال عبرهما، وماتت مقتولة
الحكاية السابعة : جلال بن زهيرة الناجي، عاشر بائعة هوى، وفاز بالفتوة، وبالمال، مات بحثا عن الخلود
الحكاية الثامنة : جلال بن جلال الناجي، تزوج من عفيفة الجدع، هزه موت امه فعرف العبثية واللهو التام، وقتله ابنه
شمس الدين بن جلال الناجي، تزوج من نور الصباح المومس، واجه السلطة حماية لنفسه ومات
الحكاية التاسعة : سماحة شمس الدين جلال الناجي، تزوج من فردوس حفيدة محمد انور من زهيرة، حاز على الفتونة بفضل أبيه، قتل في ثورة أخيه
فتح الباب بن شمس الدين جلال الناجي،لم يتزوج، قام بثورة على أخيه الفتوة، نجح ولكن قتله أعوانه لضعفه
الحكاية العاشرة : عاشور بن ربيع بن سماحة شمس الدين جلال الناجي، هدم مئذنة جده جلال الأول بن زهيرة، واستعاد الفتونة، وحرّض الحرافيش وقوّاهم.

أجمل حاجة قريتها في كل حياتي. جمال وإبداع وخِفّة❤️

I loved it. I love Mahfouz’s deep understanding of the human psyche and the tarnishing effects of worldly desires - power, mainly - on the human soul.

This book is a dense 10-generation-long story but leaves no room for boredom or suffocation; often created by books with congruent size and thickness. The pace is quite fast, in fact, which is typical of his writing. There is not one purposeless word in this book.

However, (there’s always a however), I did not think this was his “best work”, as I was promised by almost all readers. It is genius but lacked the soul click with me. I didn’t stare at ceilings to digest extraordinary sentences, or write down quotes. I didn’t get attached to any of the characters, but only read relentlessly to uncover their destinies. Maybe it was meant to work the minds rather than touch the hearts, which is fair but not enough for me to crown it as his masterpiece. I enjoyed it immensely nonetheless, and I strongly recommend it,

If this review discouraged you from picking it up, I urge you to think twice. I was recently visiting the Netherlands and was hosted by some 70 year old Dutch lady at her house. The conversation stretched and bent between us and Naguib Mahfouz’s writing was coincidentally raised as a topic, after she knew I was Egyptian and a reader. We talked about his books, his stories, his understanding of the human condition, and of course, this book by name was brought up, as it should. The ideas and theologies discussed in these pages, in the words and between the lines, transcend age, culture and time. And that is exactly why you should read it.

حرام يتكتب فيها ريفيو... ❤️

تجربتي الأولى لنجيب محفوظ و"أعتقد" أنها ستكون الأخيرة .. .. الحرافيش كانت إحدى التجارب التي أقدمت عليها بسقف من التوقعات كان عالياً جداً وفي النهاية (ومن البداية لأكون صريحة) أُصبت بخيبة أمل

للإنصاف أن تَرْوِي حياة عشرة أجيال في عائلة واحدة فكرة عبقرية رغم كآبتها .. .. ولكن الرحلة كانت بالنسبة لي أشبه بركوبي في سيارة تسير بسرعة تسمح لي بمشاهدة المناظر المختلفة من النافذة ولكني لن أستطيع التوقف أبداً للاستمتاع بالمنظر، ففي النهاية يبقى المنظر "منظر عام" تنقصه الكثير من التفصيلات

كشخص يعشق الغوص في التفاصيل النفسية لشخوص الرواية، بلغة سردية باذخة وحبكة روائية قوية كانت الرواية بالنسبة لي مملة .. .. الرواية عبقرية من ناحية الفكرة فقط ولكني لم أتمكن من التعلق بأي شخصية من الشخصيات لأنه بالوقت الذي تبدأ فيه الشخصية بالظهور فإنه سيكبر سريعاً، يتزوج، ينجب ويموت وهكذا .. .. ولهذا قرأت الرواية وبيني وبينها حاجز سميك .. .. باختصار كانت تجربة جافة

من أراد معرفة محفوظ وفلسفته حقّ المعرفة فليقرأ هذه الرواية. ملحمة متكاملة نُسجت على مرّ أجيال عدة. لن أستطيع حصر الشخصيات والرموز والحكايات وما تشير إليه مهما فعلت، فكل حكاية على صغرها تُجسّد صراعًا كبيرًا دائم الوجود في الحياة، وكله في جانب وشخصية "جلال ذي الجلالة" في جانب آخر، هو واحد من الشخصيات المتفردة التي لن يأتي مثلها في تاريخ الأدب مطلقًا.
مضى وقت طويل وأنا أحاول كتابة شيء مناسب عن ملحمة الحرافيش لكن لا أستطيع، نجيب محفوظ رجل عبقري بكل المقاييس، ونهاية الرواية مسطورة في عقلي لا تفارقه. ربما يأتي وقتٌ أكتب فيه عنها شيئًا مناسبًا، لكن بالتأكيد ليس الآن.

ما أعمق وأمتع وأروع ملحمة الحرافيش! وما أصدقها من دليل للحياة! وما أعظم دروسها، وما أخفاها! وما أعمق رموزها، وما أبسطها! وما أشبه شخوصها بشخوصنا! وما أشبه بارحتهم بأيامنا!

أحمد الديب
مايو 2009

الحرافيش.. ملحمة حياة.. ..
كيف تتكرر حياتنا هكذا.. كيف تتشابه الأجيال بهذا الشكل.. كيف نتلذذ كل يوم بهذا التعود!!
عالم الحرافيش يتكرر بحذافيره في العشرية الثانية من القرن الواحد والعشرين
الحرافيش, الفتوة, العدل, الطيبة, الصعاليك, الحارة, الورع, الشجاعة , الروح, الجسد, لقمة العيش,
الرواية كئيبة,, إلا أن بها كل مقومات الحياة بغير تفصيلات تعيقك عن فهم رمزيتها

الرواية ليست أدبية بالمعنى الدارج لأدب,, لكني رأيتها فلسفية في المقام الأول
.
.
أحزن كثيرا حين أكتشف كتابا "مهما" في وقت متأخر من حياتي..
ولكن أن تصل متأخرا خير من ألا تصل أبدا
:))
القراءة الأولى لي لنجيب محفوظ.. أظن أني سأقرا له كثيرا فيما بعد