بصراحة أتكسف أحط نجوم للرواية دي، لإن دي نوعية من الأدب مينفعش تتقيّم لا بالنجوم ولا بالقصور. حقيقي عمل من نوع آخر، صعب يتحط في مقارنة مع أي حاجة تانية، ومع ذلك خمس نجوم ووردة ومليون وردة.
أنا شاكرة للرواية دي، لإنها فاقت كل توقعاتي وأنا كنت بدآها بتوقعات فائقة أصلاً. أقدر أقول بمنتهى الثقة -اللي نادرًا ما ببقى فيها- ده أجمل عمل أدبي أنا قرأته في حياتي، ومش عارفة هل في أي عمل ممكن أقراه في المستقبل هيتفوق عليه، لكني أشكّ!
ما هذه المعزوفة؟! كتابة منسابة زي الماية، رغم إنها بتسير في أزمان بعيدة أوي، وبتوصل أشخاص كتيرة أوي ومصائر أكتر ببعض، إلا إنها تبدو كإنها مكتوبة على نفس واحدة، مش رواية من ٦٠٠ صفحة!
أنا ببقى غيرانة أوي، إن في إنسان في هذه الحياة، كان بالفعل هو نجيب محفوظ! مش عارفة أشرح إزاي، بس الكاتب ده كان وما زال وسيظل كاتبًا فريدًا من نوعه، بل وأوقات كتير أسطوريًا، بالنسبة لي.
" و قال له قلبه لا تجزع فقد ينفتح الباب ذات يوم تحية لمن يخوضون الحياة ببراءة الأطفال و طموح الملائكة "
إن أكثر ما يشدني لأعمال السيد نجيب محفوظ هي لغته الفخمة حقا و الثرية جدا و اسلوبه المميز لا أدري كيف أسمّيه ولكنه يشبه نظم حبات من لؤلؤ في خيط من ذهب, تشعر معه بلمعان اللغة العربية و بريقها, اسلوب مميز لا يتقنه سواه و تعرفه له ولو وسط ألف اسلوب و اسلوب .
حكاية عن القيم الفاضلة كالعدل و الشهامة و الرجولة و المروءة و القيم السافلة كالجور و الخسّة و المجون و العربدة, و ذرية نبتت من ظهر رجل صالح فكان منها الصالحون و منها الفاسدون على مر الأجيال.
تتعاقب فيها الأزمان و الرجال و تبقى السيرة الناصعة لعاشور الناجي هي سلوى البسطاء و مستودع أحلامهم و منتهى آمالهم.
هي ملحمة فعلا, و لكنها ملحمة الصراع الأبدي بين القيم السابق ذكرها و مدى ما تحققه من إستجابات في نفوس الرجال, هي ملحمة الصراع الأبدي بين الخير و الشر, ملحمة تعرض سيرة آل الناجي في كل محطة مرت بها و كل عظيم و كل خسيس ورد عليها, هي ملحمة ستستمتع كثير بصحبتها على كل حال.
رواية عظيمة و أظن أنها تحتل مكانا متقدما إذا أعددنا قائمة بأعظم مائة رواية في تاريخ الأدب العربي على الإطلاق.
لا أدرى إذا كانت كلماتي تستطيع أن تعبر عن هذه المعجزة الأدبية أم ستظل عاجزة أمام عبقرية نجيب محفوظ التي تجلت في أروع صورها فى تلك الملحمة الأدبية والتاريخية والإنسانية لن أبالغ اذ قلت عنها أروع وأنبغ ما قرأت في حياتي حتى بمقارنتها بأعمال عالمية تفوقها شهرة ستظل الحرافيش تحفة أدبية خالدة ورمز للأدب العربي والعالمي تخرج من عباءته مدارس عدة فى فنون الأدب وكتابة الرواية رواية وكأنها أكاديمية أدبية منفردة بذاتها أى عبقرية حلت بقلم هذا الرجل ليُخرج هذا الإبداع وهذا التسلسل الدقيق والمربك لتعاقب عشرة أجيال من نسل رجل واحد فيتناول حياتهم من لحظة الميلاد وحتى لحظات الاحتضار والموت مارا بأحداث القوة والضعف والكفر والإيمان والشهوة والشذوذ وكأنه يقوم بعملية تشريح يشق فيها عن قلوب البشر ويحاكي الواقع بشخصياته وحكاياته العشرة بأصدق العبارات والتحليلات والاسقاطات على الواقع الإنساني والاجتماعي ليس فى الحقبة التي كتب عنها فقط ولكن الحرافيش هى رواية مصر فى كل زمان سيد الرواية المصرية وروح الحارات المصرية والتكايا والمقاهي نجيب محفوظ ... سيظل قلمك افضل واغني قلم رسم مصر بكلماته طيب الله ثراك يا عم نجيب :)
الحرافيش = المنسيون من الزمان والمكان (يقولون انها في العهد المملوكي ولكني لم اشعر بذلك شعرت انها يمكن ان تظل قائمة الى زمننا هذا) الحرافيش = المجانين في اساطيرهم الخاصة الحرافيش = الغرباء في بيوتهم وليس فقط في اوطانهم الحرافيش = المساكين وظالمهم انفسهم! الحرافيش = عيون اخرى للحياة العجيبة التي نعيشها الحرافيش = نحن!
هي رواية الاحداث...رواية المذكرات الخاطفة...العنواين لامور الحياة العجيبة...لن تجد فيها رسمًا متقنا لشخصية – ربما تشعر في سطورها ببعض التوهان والغرابة بل والفانتازيا في احيان اخرى
لكني اضمن لك انك ستنتهي من ال 600 صفحة بدون ثانية من الملل ولن تشعر اساسا بالصفحات بل وستستغرب انها انتهت لانها بدت حكاية بلا بداية وايضا لا تقبل نهاية
كأنها لوحة لشلال خالد سيظل يجري لنهاية الزمن ويعيد الكرة مرة واثنان ومليون حتى نهاية الكون لوحة بلا تفاصيل لكن وجه الحياة كان فيها واضحًا- عبثها ودورانها على الخلق
بداية من عاشور وحكايته والوباء واستيلاءه على بيت ليس ملكه مرورا بكل نسله وكل من يربطه صلة الى نهاية هذه الاسطورة الخالدة الى عاشور الحفيد تشبه الى حد كبير مئة عام من العزلة الا ان مئة عام من العزلة كانت اقرب الى قلبي ورسم الشخصيات فيها اوضح واكثر تعقيدا واثارة
لكنها ملحمة ممتعة استمتعت بالعيش في طياتها وانصح الجميع بقراءتها
ملحوظة: انه العمل الاول التي اشعر بعظمته لقلم نجيب محفوظ
وما تاريخ أسرتنا سوى سلسله من الانحرافات والمآسي والدروس الضائعه. دراما الموت والحياه ....الخير والشر...القوه والضعف...ملحمه يرويها سيد الأدباء نجيب محفوظ.. هنا لم يستمد عم نجيب حكايته من التراث الدينى كما فعل في اولاد حارتنا..انما استمدها من التراث الشعبى المصرى من عهد الفتونه الذى تحكم بنظام الحاره لعقود ليخلق هذه الملحمه التى ابتدت بالجد الأكبر عاشور الناجى صاحب المعجزات ورمز العدل بالنسبه للحرافيش وتنتهى بالحفيد الأصغر عاشور الذى أعاد عهد الفتوه الى ماكان عليه ايام جده ..لكنه بخلافه لم يجعل من نفسه اسطوره..انما اعان الحرافيش كى يخلقوا هم اسطورتهم . وبين البدايه والنهايه...سقطات وامجاد عديده يرويها لنا نجيب محفوظ باسلوبه الآسر الذى لا تملك الفكاك منه.وما بين السطور من حكمه وعبره. ليخلق من حكاياته هذه الملحمه العظيمه..ملحمة الحرافيش .
تبدأ القصة بعاشور وتنتهي بعاشور أخر تبدأ في السماء لتنتهي في الأرص عاشور الناجي المولود من الرحمة او من الخطيئة ، الولي او السارق ، الحقيقة او الخرافة تحديد ذلك يتوقف على مكانك في مشهد الحارة والزمن اجتمعت فيه كل الفضائل القوة ، حب الخير ، العقل زمانه زمان العدل ، وكيف انه أتى من المجهول ، ليختفى فجأة للمجهول ، هل مات ؟ ، هل رحل مع الخضر ؟ لا احد يعلم ، كل حسب ايمانه ومكانه الحقيقة انه ليس هناك من عاشور الناجي ، ليس هناك مخلص ، عاشور الناجي ليس له وجود على الارض شمس الدين الناجي ، هو اقرب للارض من السماء ، الحاكم القوي والعادل ، هزم نفسه كثيرا لكنها ايضا هزمته احيانا ، هو مثال لرجل التاريخ العظيم الذي ندر جود الارض بمثله ، اقام العدل ودفن في الارض تتابع الحياة ويدور الزمن يأتي الرجال الاقوياء تختلف معادنهم ، منهم من غلب خيره شره واكثرهم غلبتهم انفسهم ، ومعاناة الحرافيش قائمة يداعبهم الامل في عودة زمن عاشور و شمس الدين ما تاريخ أسرتنا إلا سلسلة من الانحرافات والمأسي والدروس الضائعة كما قال أورويل ، الامل في البروليتاريا أراد الاستاذ ان يقول الامل في الحرافيش فيقول عاشور اخر احفاد عاشور الاول للحرافيش لقد رأيت حلما عجيبا ، رأيتكم تحملون النبابيت وايضا على لسان احد الحرافيش لعاشور لا ثقة لنا في أحد ، ولا فيك انت فيقول عاشور ، هذا قولا حكيما
كالعادة بعد كل رواية أخلصها لنجيب محفوظ أفقد القدرة على الكتابة وأي حاجة اكتبها احسها طفولية جدا "اهو". بعد رواية الحرافيش علينا أن نسلم بعبقرية نجيب محفوظ، كم الفشخرة اللي بعيشها لإني بقرا لأديب واخد نوبل من غير ما ادور على ترجمة لرواياته. انا كنت عايش في عالم من الظلمة والإبتذال باللي كنت بقراه قبل محفوظ. الحرافيش ملحمية، أكتر من ألف عام في 600 صفحة، لكن اللي دخل دماغي وكيفني إنه كتبها بعد أولاد حارتنا ب10 سنين تقريبا وكإنه بيحط على كل الناس، انتم فاكرين نفسكم فهمتوا أولاد حارتنا وعايزين تقتلوني؟ طيب امسكوا الحرافيش! محدش فهم حاجة :D الراجل ده كان عظيم وفشيخ بدرجة مش طبيعية ومع كل رواية بقراهاله بتزيد عظمته في نظري. لكن طبعا كمان 20 سنة هرجع اقرا رواياته تاني واتحسر على الأيام دي "دلوقتي" اللي مكنتش مديله فيها حقه.
. لماذا محفوظ تحديدا؟ لماذا كان ولم يزل اﻷديب العربى الذى مﻷ الدنيا وشغل الناس؟
هل ﻷنه كتب عمن لم يكتب عنهم أحد قبله من المهمشين والبسطاء؟، هل ﻷنه كان الرائد المؤسس لبنيان رواية عربية حديثة وكان في عين الوقت المطور والمجدد ﻷساليب الكتابة ومدارسها؟
هل قدرات محفوظ اﻷدبية وأدواته ككاتب هى ما منحته قصب السبق تقريبا فى كل شىء وجعلت من حصوله على نوبل مجرد تتويج لمسيرة فذة عز أن يتوافر له نظير وإنتزاع ﻹعتراف العالم بواحد من أهم من حصلوا على الجائزة في تاريخها على قدم المساواة مع توماس مان وهمنجواى وماركيز؟
***************
حينما يتصل الأمر بالنجيب لا أكف عن طرح اﻷسئلة فمنجز الرجل حقق لصاحبه ما أراد وربما بزيادة من مجد وشهرة وتحقق أدبى ولندع الماديات جانبا فنحن فى العالم العربى:D
لن أتكلم عن الرواية فما عساى أن أقول إن تكلمت فقط هى بالنسبة لى وبجوارها ميرامار أحب أعمال اﻷستاذ إلى قلبى وهى فى ميزانى أثقل من أولاد حارتنا فيم تبقى الثلاثية درة أعمال العميد واﻷب الروحى للقص فى زماننا
***************
اقرأوا أعمال محفوظ واستعيدوها مرارا واستعينوا بها على وعثاء الحياة وقتامة الظروف وبلادة البشر
عظمة على عظمة أنا منتشى بجمال الأدب ، ولا يأتى على مسمعى غير تتر نهاية مسلسل السيرة العاشورية من كلمات الابنودى والحان ياسر عبد الرحمن :
سيرة كبيرة والبطل انسان بسيط كانه فرحة الفرحان ودمعة الحزنان القلب من غير باب بيدخلوا وبيطلعوا الاحباب ، وانتا سايبها لسيد الاكوان يطلع عليك الصبح ياصاحبي بتتولد من تاني وبتحبي في زحمة الدنيااا علي الارزاق في المسا الاتي تعود راضي ، وتحمده ولو تعود فاضي طيب وقلبك سامر العشاق للاهل والجيرة أشبه بناي وناس اذا البشر سيره سيرتك لكل الناس سيره كبيره والبطل انسان
وفى الاخير تتجلى الحكمة على لسان عاشور حفيد عاشور الناجى : انى احب العدل اكثر مما احب الحرافيش واكثر مما اكره الاعيان