"ليس ثمة ما هو أفظع من الموت،ثمة موت يدركك وأنت حي" "عندما تتكاثر المصائب يمحو بعضها بعضاً وتحل بك سعادة " "وتساءلت ذات يوم : لماذا يعرقل الخوف من الموت سعادتنا الأبدية ؟"
انتتهيتُ من جلسة المساطيل أخيرًا ، بدأت فيها في آخر العام السابق ولكن لم أكملها بسبب ليالي الفاينال الحزينة، وسعيده أنها ستعتبر أول قراءات العام الجديد, ها أنا مع رحلة جديدة ومغامرة نفسية جديدة مع عم نجيب محفوظ، اعتقدت في البداية أن ثرثرة فوق النيل ستكون ثرثرة أو لغو بلا هدف،ولكن الرواية كان لها رأى آخر،تم تحويلها لفيلم سينمائي من بطولة عماد حمدي وبالمناسبة أول مره أرى عماد حمدي يؤدي دور بهذا الجمال، كأنه توأم الشخصية التي في الرواية جسّدها بكل ما فيها حتى تعبيرات وجهه مُتقنة، ولكن الفيلم للأسف مليء بالمشاهد الجريئة ،وهذا تعقيبي الوحيد على الفيلم ..
أما عن شخصيات الرواية هي شخصيات متعددة وهم أصدقاء ،ولكن ماهو الشيء المشترك الذي يربط بينهم؟ ما يربط بينهم هو حبهم للكيف والمزاج العالي بمعنى أصح حبهم للجوزة ، فهم يجدوا في الجوزة هروبهم من الحياة الواقعية بحياة الأوهام والخروج عن الواقع وملكوت مغاير لملكوت الحياة الخارجية ، يجتمعوا كل يوم بعد الانصراف من أشغالهم في عوامة في النيل، ويتسامرون حتى الفجر لا يفكرون في شيء سوى المتعة "الحب لعبة قديمة بالية ولكنه رياضة في عوامتنا ،الفسق رذيلة في المجالس والمعاهد ولكنه حرية في عوامتنا ،والنساء والتقاليد ووثائق في البيوت ولكنهن مراقهة وفتنة في عوامتنا ،والقمر كوكب سيار خامد ولكنه شعر في عوامتنا، والجنون مرض في أي مكان ولكنه فلسفة في عوامتنا، والشيء شيء حيثما كان ولكنه لا شيء في عوامتنا "
"لن نجني من الفكر إلا الأرق "
[image error]
أنيس زكي: بطل الرواية والفيلم والعوامة ،موظف بوزارة الصحة ووزير شؤون الكيف،وولي أمر العوامة ،نصف مجنون ،نصف ميت،نجح في أن ينسى تمامًا مايهرب منه،يمشي محدثًا نفسه في الشارع وله فلسفته الخاصة أحمد نصر : موظف كفء،ذو خبرة،متدين روتيني ،مدمن للجوزة
مصطفى راشد : محام وقوي في الجدل وخفيف الروح، متزوج من امرأة لا يحبها،ذو مظهر براق بالثقافة وباطن أجوف علي السيد :مناضل وعلى بنيه من هدفه القريب وله زوجتان، ولكنه خنزير كما تشهد بذلك علاقته الغريبة بسنيه كامل ،وهو ناقد فني كبير. خالد عزوز :وجد مهربه في الجوزة والجنس والفن الهلامي ، فاقد للعقيدة والإيمان،وهو عاطل يأخذ من المجتمع من دون أن يعطيه شيئًا ،فهل انحلاله هو الذي ساقه إلى رفض العقائد. رجب القاضي: رجب زير النساء ،هو رجل جنس بدرجه أولى ،وهو كالآخرين بلا عقيدة ولا مبادئ ولا مكان للحب الجاد في حياته. "إذا عاش حب شهرًا كاملًا في زماننا الصاروخي، فهو حب مُعمر "
الحوار بين الشخصيات في الرواية اشبه ما يكون بالمسرحية فكانت عبارة عن حوار الأشخاص بشكل سريع ونجح نجيب في مزج المسرحية بالرواية الأشخاص يجمعهم العبث ثم المزيد من العبث، وتسألني ماذا عن الجدية؟ لا يا صديقي هؤلاء لا يفيقون إلا قليلًا
اما الإيمان :
مصطلحات الرواية مصطلحات فلسفية ولولا دراستي للفلسفة بالجامعة كنت وجدت صعوبة في فهمها مثل العبثية والوجودية والجدية لذلك أنا ممتنة للفلسفة ❤️
"أصل المتاعب مهارة قرد! تعلم كيف يسير على قدمين فحرر يديه. وهبط من جنة القرود فوق الأشجار إلى أرض الغابة. وقالوا له عد إلى الأشجار وإلا أطبقت عليك الوحوش, فقبض على غصن شجرة بيد وعلى حجر بيد وتقدم في حذر وهو يمد بصره إلى طريق لا نهاية له." فقط نجيب محفوظ يكتب لنا بهذا الشكل, وفقط نجيب محفوظ يقدم لنا رواية بخاتمة ساحرة. رواية "ثرثرة فوق النيل"هي برأيي رمز العبث في الأدب العربي. الرواية التي تتماهى فيها الحقيقة مع الخيال مع رشة ملح من العبث اللا متناهي, العبث الذي يجرد الشخصيات من كل واقعها عند دوران الجوزة, عند لمعان العقل بفضاء الدخان والتعميرة ذات الفحمات اللامعة مع نسمات هواء النيل على العوامة. ذلك العبث الذ عبث بالحياة الواقعية نفسها فحول الشعب نفسه إلى شعب بلا هدف, بلا أمل, بلا حياة, تختلط فيها المفاهيم الأخلاقية والمفاهيم المجتمعية عنده, فيصبح خاليا من أي قيمة سامية في الحياة, مثقف وملتزم وموظفة ووو جميعهم سواء في تلك العوامة عند الجوزة. ولكن العوامة الكبرى هي البلد, الجوزة الكبرى هي الحياة, مسخ محفوظ الحياة كاملة إلى عدة أشخاص بكل اختلافاتهم وثقافاتهم وصراعاتهم وعبث بهم, ليقدم لنا صورة حياة عن حياة فرغت تماما من معناها. نجيب محفوظ سيد الرواية العربية.
تدور الثرثرة أحاديث فلسفية للعبث فوق عوامة في شارع النيل. يجتمع فيها كل ليلة مجموعة من شخصيات المجتمع للسهر والسمر والبلبعة وتدور بينهم جوزة تعبق بدخانها صفحات الكتاب. تدخل بين صفوفهم صحفية شابة - على عكسهم - تتصف بالجدية وترغب في تغييرهم بقتل منطقهم النافر بفقدان المعنى.
قد لا تكون للقصة قيمة بغير وجودها اللازم للحوار الذي هو الأساس هنا لذلك لم تتطور كما يجب وجاءت أحداثها مملة بعض الشئ. كل ليلة وقت المغيب تهتز الصقالة بالقادمين. يدخلون تباعاً يجدون مجالسهم حتى يبدأ أنيس أفندي ولي النعم برص الجوزة وتدويرها على القوم. تستمر القصة على هذه الشاكلة حتى تأتي ذروتها متأخرة بعض الشئ وتنتهي بغير نهاية حاسمة. لكن لا يبدو أن لهذه الأحداث أهمية بقدر ما يلتفت القارئ للحوار الدائر كل ليلة الذي ينضح باللأخلاقية والعبثية واختفاء الحدود بين الجد والهزل. هؤلاء قوم ينفثون رغباتهم مع الدخان وبينهم أنيس أفندي مسطول غارق في الوهم والهلاوس لا يكاد يفيق أبداً. وباقتراب النهاية تقع جريمة لا تصمد الجدية أمامها كثيراً وينتصر من لا أخلاق لهم.
ربما هناك الكثير مما تتناوله الرواية ولم اتبينه تماماً. أيحاول الكاتب إثبات أن غياب المعنى متأصل في كل شيء؟ وأن المعاني المجردة التي صنعها بني البشر كالأخلاق والنزاهة والشرف والإخلاص ما هي في الحقيقة إلا كلمات جوفاء؟ أيقول أن الظلمات في هذا العالم ستغلب النور في نهاية المطاف؟
يا لك من داهية يا عمو نجيب تراوغ كثيراً، وتواري كثيراً، وتجيد فن الترميز، وتمسك العصى من منتصفه، وتضلل مقص الرقيب، بل تصل بك الجرأة لمغازلة السلطة، وفوق ذلك لا تخل بالمستوى الفني للرواية، وتحمل معك أدوات التشريح تستخرج بها مكنونات الصدور وتسبر بها أغوار النفوس والشخصيات...
تقول في روايتك: "لم يبدع الإنسان ما هو أصدق من المهزلة" مقولة تبني بها أساس الرواية، وتعلي بنيانها، وتجعل من الكوميدياء السوداء رمحا تغرسه في أعماق نفوسنا وحنايا ضلوعنا، أعماق سحيقة ومظلمة ما كنت لتبلغها بأي وسيلة أخرى...
وتقول في موضع آخر: " ما دامت الجوزة دائرة فماذا يهمكم"
"خذوا الحكمة من أفواه المساطيل"
ولعمري ليست هي صخرية مطلقة، ولكنها حقيقة محتملة وواقع معاش إذا ما علمنا بأن الرواية كتبت في عام ١٩٦٦..!
تدور الرواية حول ثرثرات مساطيل منحلين يجتمعون على عوامة على ضفاف نهر النيل، تجمع بينهم الجوزة وحياة روتينية مملة، وخواء وجودي، وسلبية مفرطة، وواقع مشترك.... ثرثرات حادة وحوارات عفوية عن الجدية والعبث والحب هي أقرب للهذيانات ولكنها ليست سوى الحقيقة في بعض مواضعها....
هل أنت تبالغ يا عمو نجيب، أم هو الواقع بعينه...؟ وهل كنا نفتقد الجدية حينها...؟
"من الصعب الفصل فيما اذا كان فقده للعقيده -اي عقيده- هو الذي تأدى به الى الانحلال ام ان انحلاله هو الذي ساقه الى رفض العقائد، لذلك لا استبعد ان يرجع يوما الى الايمان التقليدي اذا نضب معينه"
I love books that manage to say something to me in under 200 pages. "Adrift on the Nile" is one of these. It begins confusingly but interestingly, and never loses its appeal. I have read Naguib Mahfouz before, have liked his books, some better than others. They have all been set in Egypt, as is this one - on a houseboat in Cairo, a city I have visited and grown to love. And the Nile, so empty of life when I visited, has fascinated me. There is hardly any plot. Nothing much happens until something does happen, so there is time to get to know the characters who of an evening gather on the houseboat to chat and smoke drugs. Can't really say more because that would be giving the game away, but I would really recommend the novel. First published in 1966, it has not lost its relevance for today's readers.