...
Show More
"إن مصاحبة أسرة حتى شيخوختها لمما يُحزن."n
لم تكن كأي رحلة قرأتها من قبل و اجزم إن اطال الله عمرى مهما قرأت مستقبلاً انى لن ارى رحلة تجسد كل معانى الحياة مثل رحلتى فى بيت السيد احمد عبد الجواد , هذا البيت الذى كان يرهبنى منذ ان شرعت فى اعمال نجيب محفوظ فقرات كل ما سبقها و تجاوزتها و قرات ما بعدها رهبةً من هذة الثلاثية و دخلته اخيراً بمشاركة اصدقائى و اعتقد ان قبل دخولى الثلاثية و بعد انتهائى منها تغير الكثير , لا اذكر انى تعلقت بشخصيات بهذا الشكل ، تعلقت بمصائرهم و اصبحت فرد منهم و كم كنت اتمنى ان اتداخل فى حيواتهم و اتجرع لحظات السعادة القليلة و مرارات الحزن الكثيرة .
هل اتغزل فى نجيب مرة اخرى ؟ هل استرسل لماذا هو كاتبى المفضل على الاطلاق ؟ هل اتكلم عن انبهارى برسم الشخصيات لدرجة اصبحت كل شخصية مستقلة بذاتها بطلة لاحداثها ؟ هل ثلاثية القاهرة الاعظم على الاطلاق ؟
كلها اسئلة تدور فى راسى الاجابة عليها سوف تاخذ منى الكثير و لن اوفى نجيب حقه بها .
بدات السكرية كما بدات قصر الشوق بفارق زمنى فتبدا احداثها بعد ثمانية اعوام من نهاية قصر الشوق ونرى كم تبدل الحال و تغير الزمان و ظهر تنوع سياسى و فكري بدل ضيق الافق الذى كان فى بداية الثلاثية و ارتقى الاحفاد لصدر المشهد و اصبح لهم صوت و اراء ، فى حين ذهب السيد احمد و امينة الى الذبول فاصبح وجودهم كالاشباح الهائمة لا تتدخل فى الاحداث و إن كانت رهبة السيد و احترام الجميع له لم يتغير لكن بقت مثل الصداقة اخيرا بين الاب و ابنه فاصبح كمال الصديق لوالده فى اخر ايامه .
جاء هذا الجزء لينهى مصائر شخصيات عايشناها كثيرا و نهاية لجيل و بداية لجيل اخر فكانت رائحة الموت فى كل ارجائه لذلك السكرية كانت اكثرهم تراجيديا و حزن , فعند الختام نرى ابدان تتحطم تحت وطأة المرض اللعين و وطن لا يزال يبحث عن استقلاله و ولادة احزاب سياسية و فكر جديد و حرب عالمية و مكائد سياسية لا تخلو من الشذوذ .
السكرية مسك الختام و خير ختام و لا يشوبها شائبة على الرغم انها اقل الاجزاء تعلقت بها لكن سبب هذا واضح فى حالتى ، لم استطع التعلق بالاحفاد كما تعلقت بالجيل الاول و الثانى ، هذا الجزء جاء لسرد الفكر السياسى الذى طرأ على المجتمع و طغى على الجانب الاجتماعى العائلى الذى امتاز بهم اول جزئين.
السيد احمد عبد الجواد :
كان وجوده كالشبح ،فى ارذل العمر لم يعد كما كان و تملكته الشيخوخة و المرض حتى اصبح لا يستطيع الحراك ولا الصلاة و كان وجوده دائما يدمي قلبى , فكلنا زائلون لا مفر لكن ان اعيش لحظاته الاخيرة مع اصدقائه الاوفياء كانت كالخنجر عندما اراء لا يقوى ان يفعل ابسط الامور و هو من كان الآمر الناهى , لكن احببت صداقته لكمال و ياسين والدفء فى علاقتهم بعد ما كان يشوبها الخوف و الرهبة .
امينة عائشة :
امينة اصبحت حياتها ما بين خدمة السيد و الاضرحة تصلى و تدعو لابنائها و احفادها براحة البال اما عائشة مع وفاة اولادها و زوجها فى نهاية قصر الشوق لم يتبق لها غير بنتها لكن ذهبت الروح المرحة بلا رجعة و اصبحت كالموتي تعيش فى الماضى و لم يتركها الزمان لتنعم فكأنت حياتها مزيج بين الموت و الموت احاطها من كل جانب .
ياسين زنوبة :
ياسين لم يتغير , ياسين بين القصرين هو ياسين قصر الشوق هو ياسين السكرية حتى بعد ما تملكه العجز و اصبح فى اواخر الاربعينات فلازال يبحث عن ملذاته و ان كان لم يعد بمثل القوة و من الاشياء التى حزنت عليها قلة ظهوره و وجودة المعتاد مثله مثل السيد , اما زنوبة فاصبحت لا تختلف عن خديجة , زوجة تهتم بشئون بيتها و الحد من نزوات زوجها .
احمد ابراهيم شوكت عبدالمنعم شوكت رضوان ياسين :
الجيل الجديد الذى تبؤأ العرش فى السكرية , الاختلاف بينهم كان لرصد حالة مصر الفكرية و التغير السياسى الذى طرأ عليها فكل فرد منهم محدد طريقه و اهدافه , يموت ملك ياتى ملك و مصر لم تتغير و الحكومة الوفدية لازالت فى نفس الصراع لكن ينافسها احزاب جديدة
- احمد شوكت : يمثل الجانب الشيوعى , ابن خديجة الذى اصبح على نهج خاله "كمال" فى نظرته للدين ، شخصيته الثورية و التحررية كانت يواجهها خديجة والدته برجعيته , الصدام بينهم لم ينتهى و ايضا مع اخوه ,اصبح مترجم فى جريدة ثورية .
- عبد المنعم شوكت : يمثل الجانب الدينى بهفواته و غلطاته فانضم لجماعة الاخوان المسلمين الذى كانت فى نشائتها و اصبح على نهجهم و ايضاً لم يسلم من خديجة والدته .
“الإخوان يصطنعون عملية تزييف هائلة،فهم حيال المثقفين يقدمون الإسلام في ثوب عصري،وهم حيال البسطاء يتحدثون عن الجنة والنار،فينتشرون باسم الإشتراكية والوطنية والديموقراطية”n
رضوان ياسين : الوفدى الغارق فى ملذاته و شهواته و وجوده كان لرصد حالة اصحاب المناصب العليا من فساد و شذوذ .
كمال احمد عبد الجواد :
البطل الفعلى للسكرية و اكثر الشخصيات التى احببتها , كمال التائه فى فلسفته و المتردد فى خطواته , ذهب الاصدقاء و جاء غيرهم و هو لم يتغير , لا يزال يعيش على انقاض حب قديم و افكار لازالت تحاصره و لم يستطع الوقوف على فلسفة واحدة لحياته العبثية , هو الناصح العاقل للاحفاد و الكبار ,وجوده دائما يبعث الدفء و الطيبة , حتى بحثه عن الحب ضائع فى تردده الازلى , الكل تقدم و هو ثابت لم يتغير و لازال حتى النهاية يبحث و يبحث و الكل يذهب من حوله .
" قد نضيق بالحب اذا وجد ، ولكن شد ما نقتفده إذا ذهب "n
السكرية و الموت كانوا متلازمين حتى النهاية و العائلة تجرعت كل انواع الاحزان و جاءت النهاية لتتركنى مشتت تائه اتمنى ان اصرخ بجانبهم و احزن لاحزانهم , ياسين احببته بحق و النهاية جعلتنى اعشقه ، كمال اصبح فى احزان لا تنتهى و يبحث عن ربطة عنق جديدة ليبدأ حزن جديد سوف يكون الاكثر وجع له و ألم .
بدات الاحداث فى 1918 و انتهت 1943 , ثلاثية القاهرة , ثلاثية مصر , الثلاثية الاعظم فى تاريخنا
نجيب دائما و ابدا لروحك السلام <3
مراجعة الجزء الاول بين القصرين
https://www.goodreads.com/review/show...
مراجعة الجزء الثانى قصر الشوق
https://www.goodreads.com/review/show...