على الرغم أن تلك هي القراءة الثالثة ليّ في أدب نجيب محفوظ
إلا إني اعتبرها الأولى والأهم ،، لأنها هي التي جعلتني أنظر لأدب هذا الرجل بنظرة مختلفة
بانبهار أكبر وشغف أكثر

رحلة ابن فطومة
تلك الرواية الصغيرة في محتواها
الكبيرة في تأثيرها وأهميتها
عن ذلك الرجل الذي ضجر من حياته في دار الإسلام فقرر القيام برحلة يعود منها بكتاب لأهله ومجتمعه يُرشدهم به
تلك الرحلة من بلاد المشرق التي تصف حياة الإنسان البدائية وعبادته الوثنية لكُلّ وأي ما يقابله
الشمس ، القمر ، الصنم ، الملك
لا يهم الشيء ،، يعبدون دون إعمال العقل

ثم بلاد الحيرة التي يعمل فيها الجميع لدى الملك عبيد ،، وتستغل بلاد الحلبة ذلك للانقضاض على البلد بحجة الرغبة في تخليص العبيد
في بلاد الحلبة تلك ،، تجد الحرية المطلقة
حرية العقيدة ،، وحرية العمل
حرية العمل التي لا تتمتع بها دار الأمان ،،الكلّ يعمل ويؤدي دوره
المساواة ، العدل المطلق
أليس هذا غاية ما يتمناه الناس ؟
إلا أن الرحالة يشعر في عيون هؤلاء الناس بشيء ما ،، تعاسة ما
حينئذ يُدرك الرحالة أنه لن يجد الكمال الذي يبحث عنه إلا في دار الجبل ( الجنة ) مدفوعاً بالأمل أن يكون أول من يصل لتلك البقعة التي لم يرها أحد ( ما لا عين رأت ) ولم يُسمع عن أحد وصل لها من قبل !!

هكذا يتناول أصعب وأعمق القضايا ،، بسلاسة وحكمة
برمزية مُبدعة
يقارن بين حال كثير من المجتمعات وبين مجتمعنا الإسلامي
بين مجتمعات تبحث وتجتهد لتصل إلى منهج مُحدد يوفر لها الاستقرار والنجاح
بيننا نحن المسلمون ،، ونحن بأيدينا منهج حياة لكننا نسير في الأرض هائمين
لا تفكير ، لا اجتهاد ، ولا حتى مجرد تطبيق كما يجب ( ديننا عظيم وحياتنا وثنية ) ..

فكان يبحث هذا الرحالة عن كنز في هذه الرحلة ،، عن الدواء الذي يستطيع استخلاصه منها ليُقدمه لمجتمعه عله يشفى
لكن كعادة كُلّ الأشياء القيمة ،، في حوزتنا ولا نكترث لها

*لا أعلم لما ذكرتنى دار الأمان بالصين بلد العمل ،، وذكرتنى دار الحلبة بأمريكا وأوربا أساتذة الاستعمار
هو مجرد هاجس ؟
ربما !

تمّت

رحلة بحث عن المعرفة والحقيقة والكمال والمدينة الفاضلة.
فيها فكر وتفكر وتصوف وتأمل.
فيها نقد لنظم اجتماعية سادت ثم بادت ومنها قائم.
عرض بالاشتراكية والرأسمالية والماركسية والليبرالية.
عرض بالمسلمين اسما وهيئة دون روح الإسلام وحقيقته.
أعجب بما في النظم التي قابلها ما تستقيم الحياة به وانتقد ما فيها من تناقض ظاهر او تبرير.
ترك نهاية الرحلة للغيب .. ولكل رحالة أن يواصل رحلته ويحقق ثمرته ويجد بغيته.
بحث تقليدي فلسفي عن اليوتوبيا المفقودة والكمال المتوهم.
مع نقد لحاضر أمته وماضيها.

دائما ما يكون نجيب محفوظ عند حسن ظنى بة وثقتى من انى سأجد متعة كبيرة عند قرائتى لأى رواية كتبها هذا الكاتب العبقرى
هذة الرواية من الادب السياسى المستتر وراء حكاية قنديل ابن فطومة الذى ظلم فى قريتة فقرر السفر لأستكشاف العالم و الوصول الى دار الجبل التى لم يكتب عنها احد من قبل لكن معروف عنها انها الدار المثالية
طبعا يصطدم قنديل بأنواع الحضارات او المجتمعات المختلفة اولها كانت دار الشروق البدائية الوثنية التى ممكن ان تذكرنا بالمجتمعات الافريقية البدائية
ثم دار الحيرة الاكثر تطورا لكنها ايضا تعبد الملك تذكرنى بالحضارات الاسيوية القديمة
ثم دار الحلبة حيث الليبرالية تذكرك بأمريكا
ثم دار الامان حيث الاشتراكية تذكرك بالصين حيث العمل ثم العمل
ثم دار الغروب حيث الروحانية تشبة الى حد كبير بلاد الهند
وأخيرا دار الجبل التى فى اعتقادى انها ترمز الى الجنة الكل يعرفها لكن لم يراها او يرجع منها احد قط
القصة ممتعة لكنها رمزية ويوجد بها الكثير من الاسقاطات السياسية عن الدولة البوليسية و الدولة الدينية
الاربع نجوم فقط وليس الخمسة للنهاية المفتوحة السريعة

رحلة ابن فطومة
نجيب محفوظ

يطرح محفوظ السؤال ويجيب عليه. السؤال هو: أين يوجد البلد المثالي؟ والإجابة موجودة في أصل كلمة اليوتوبيا "لا مكان". فلا شرق قدم جنة على الأرض ولا الغرب أعطانا الحل النهائي.

بعد إحباطات عاطفية وأسرية، ينطلق قنديل محمد العنّابي في رحلة لها دوافعها: الهروب من الواقع المحبط، استكشاف العالم، والوصول إلى دار الجبل. يزور الرحّالة العديد من الديار ويدوّن ملاحظاته عن نظام الحكم فيها وعن ثقافتها وأنظمتها الاجتماعية والأسرية.

يتنقل ابن فطومة من دار إلى أخرى متأرجحاً بين ما يشجيه وما يشقيه. بلاد تسير على منهج بدائي وثني، علاقاته منفتحة ونشر ديانة مخالفة لمعتقدهم غير مسموح. ومن هناك إلى بلاد الدكتاتورية وعبادة السيد القائد. ثم إلى أخرى حيث الممتلكات مشاعة والناس تتشابه، ومنها إلى بلاد التطور والبذخ والحرية التي لا حدود لها والنفاق السياسي العتيد. كل بلد في النص ترمز لدولة أو مجموعة من الدول القائمة في أرض الواقع، كما أعتقد بأنه من السهل على القارئ المتوسط أن يميز البلدان المعنية في النص رغم تسميتها التراثية.

يُحسب للنص أنه لا يتحيز مع أحد ضد أحد. فليس الهدف من كتابته تقديس أيدولوجيا معينة أو تشويه أخرى، بل عقد مقارنات عامة وترك الحكم للقارئ. ويظل هناك هاجس لدى الكاتب والقارئ -العربي خاصة- وهو نقد الذات واستفزازها لكسر جمودها والانطلاق نحو آفاق أوسع.

لا شك أن موضوع الرواية من الأهمية بما لا يدع مجالاً للشك. غير أنني لا أحبذ النص الرمزي الذي يعلن للقارئ هدفه بوضوح. لماذا الترميز إذن؟ ربما كان ذلك مطلوباً زمن كتابته على كل حال. ومن ناحية أخرى، أُفضل شخصياً النصوص الرمزية التي يمكن قراءتها كنص عادي والاستمتاع به دون فك الرموز. أي يمكن قراءته على مستويين: سطحي ممتع درامياً، ورمزي يستحث القارئ فكرياً.

رواية جيدة جداً يمكن قراءتها في جلسة واحدة.

هى رحلة البحث عن الكمال، كيف ينبغى أن يحيا الإنسان، رحلة طويلة و شاقة مر بها ابن فطومة باحثا عن معنى الكمال، حاد فيها كثيرا عن هدفه الأسمى فطالت الرحلة متنقلا بين حيوات مختلفة فمن الوطن لدار المشرق للحيرة للحلبة للأمان للغروب باحثا عن معنى للحياة بدون شقاء و نزاع ولكن تنقطع أخباره دون أن يكشف سر دار الجبل و هل فعلا يوجد حياة دون كبد...رواية عبقرية للمبدع نجيب محفوظ

رحلة ابن فطومة من (المشرق) .. الى (الغروب) ..، هي رحلة كل باحث عن الكمال و المعرفة ..
رحلته منذ فجر التاريخ و الى ما بعد الحداثة ،
رحلته خلف السراب .. و خلف حلم بالكمال لا يتحقق ، فالأرض لم تخلق لتكون يوتوبيا
! ..
رحلته ، التي تبدأ حقا .. بنهايته (هو) شخصيا !
فمع نهاية الـ (هو) و الـ (هي) و الـ(أنا) .. بنهاية و تعطيل هذا الجسد المادي الذي نتلبسه جميعا ، تكن
(البداية) ...
بداية الطريق نحو المعرفة .. و ربما الكمال ايضا
!
فالوصول الى (دار الجبل) لا يعني بالضرورة الوصول الى الكمال ! .. فالبعض يصلون اليه و هم الى الحيوانات العجماء أقرب ، كما أشار المعلم في الرواية ! ، فلا يصلون بذلك الى معرفة او كمال ، ..
و البعض يعانون صعوبات لنقص تدريبهم ، كما عبر الكاتب ،
قد توصلهم الى المعرفة دون الكمال
!
و الله اعلم :)

من أروع ما قرأت
فلسفتها بسيطة كلُغتها
أعجبتنى الخاتمة التى حملت اسم البداية
كلعادة محفوظ يبهرنى بين الحين والاّخر
و يظل هو راحتى بعد معاناة


**

الحياة والموت والحلم واليقظة
محطات للروح الحائر يقطعها مرحلة بعد مرحلة
فيلقى من الاشياء اشارات وغمزات متخبطا فى بحر من الظلمات
متشبثا فى عناد بامل يتجدد باسما فى غموض
عم تبحث ايها الرحالة؟ واى العواطف يجيش بها صدرك؟

رحلة ابن فطومة ، رحلة ابن حواء ، رحلة الإنسان الحائر المُعذب فى تلك الحياة
كان سؤالي الأهم من هو ابن فطومة ؟ هل هو الإنسان وحسب أم هو الإنسان الباحث عن المعرفة والمتطلع إلى الإدراك ؟ .. فالرحلة كما رأيتها هي رحلة الإدراك ، إدراك حقيقة ما يدور حولنا ويبتلعه العقل بسلاسة تامة دون أدنى محاولة لفهمه أو تفكيك أجزائه وهنا نبدأ بحقيقة الوطن الذى اختار له محفوظ أن يكون العالم الإسلامى ليتخذ من رحلة ذلك الإنسان اسكتشافاً واعياً لحقيقة ما يجرى ها هنا باستهتار وبلا حياء وبلا حساب ، وإن كانت الرحلة هي رمز لرحلة الوعى فهل تكون عروسة رمز للفرصة أو السعادة الهاربة دائماً و الغير دائمة والغيرمستقرة أبداً ؟ هل ابن فطومة هو الغريب الوحيد الذى يمضى وحده دائماً إلى فندق الغرباء بينما يمضى التجار إلى فندق السوق أم هؤلاء أيضاً غرباء لكنهم فقط لا يدرون ؟
التجار يأتون ويذهبون ، حياتهم تمشى منذ قديم الأزل كالمعتاد ، بيع وشراء ولهو وصلاة ، تكبلهم أعباء الحياة اليومية التى يبدو ما دونها أحياناً رفاهية فكرية لا حاجة لها ، أما الحالمون فالحيرة لهم فهم يمضون وحدهم إلى دار الغرباء ، إلى دار الدنيا .
يهربون من حضارة إلى أخرى ، تلاحقهم ظلمات الحضارات ، ويلاحقون النور الذي تحجبه البنايات والأعمدة وقصور الحكم فتُسرق السعادة ، تُسرق عروسة .

فى الوطن نقطة الإنطلاق ، القفص المغلق بداخل حجرة بعيدة ، نولد بداخله ، تمدنا الأيادي بالطعام والشراب والأفكار والتعاليم والمقدسات ، حتى يتسرب بعض النور ، وهذا الشئ لا يحظى به الكثيرون ولا يتعذب به الجميع .

فى دار المشرق يبدأ قنديل رحلته وهي دار تلتزم البساطة فى كل شئ ، من يلزم الحدود يلقى كل جميل ، ما من داعى للتعقيدات أو التفكير أو حتى الملابس ، أنها الحياة الساذجة البدائية ، نعبد ما نرى ونفعل ما يمتعنا ، أنه الإنسان الوليد عاري من الخوف والفلسفة والملابس والأثقال ، أكثر ما لفت إنتباهي في نقد نجيب محفوظ للعالم الإسلامي من خلال بلاد المشرق بجانب إسقاطه على استبداد الحكام هو نفاق تقزز قنديل من حرية المرأة الجنسية فى تلك البلاد ورغبتها الصريحة فى نيل من يعجبها منهم دون أن يلفت إنتباهه لحظة أنه تماماً ما يفعله الرجال فى دار الإسلام .

كم من العمر قد يضيع فى الحيرة ؟ ، الحيرة سجن ، سجن خوف ، سجن عبودية ، وربما سجن الرأي ، كم من العقبات والمخاوف تسجن كل باحث عن الحقيقة ، كم من الوقت يمكن أن يضيع فى حيرة يزيدها الناس والكهنة ورجال الشرطة فوقه حيرتين بمخاوفهم المعروفة ومقدساتهم المرتجفة خوفاً من المعرفة ؟، لفتت إنتباهي كثيراً فلسفة قنديل اليائسة حول السجن ، الإستسلام التام وتفادى التفكير فى إمكانية وجود الأمل ، ذكرتني بفلسفة " ريد " فى الفيلم الشهير " الخلاص من شاوشنك " وهى فلسفة أحنق عليها بشدة وأحتقرها رغم واقعيتها وفاعليتها المضمونة .

ثم دار الحلبة أو الحرية ، هى مرحلة ما بعد إنكماش المخاوف وانتصار الرغبة الأبدية فى الوصول للحقيقة ، مرحلة القابلية والاستعداد التام لتلقى كل ما نراه وتصديق ما نراه صادقاً ، فلا حكيم واحد ولا كاهن ولكن مراكز العلم تموج بالحكماء يوجد عند كل منهم ما يفيدك ، ولكن بالطبع تلك الحضارة الفريدة مهددة دائماً ، وما بين الخوف الدائم من هجوم الحيرة أو الإستسلام للأمان المُريح لا طعم للإستقرار ، مثال الوجه الآخر للإسلام الموجود على أرض ليبرالية المتمثل فى عائلة سامية التى انتصرت على الخرافة وسخرت منها مثال جيد شعرت فيه بالقليل من المبالغة ،
ولكن نور الحرية ، جمالها الذي يجعلك تتخلى عن الأمان ، يجعلك تبحث عن مغامرات جديدة ، ربما يشوبه خصال غير حميدة كإنعدام الرحمة والعدل ، ربما يشوبه فقد السعادة والكفر كلياً بوجودها ، الكفر بإمكانية إيجاد عروسة ، قد يؤكد ضرورة إدراك أنه لا مساعدة ولا رحمة ، أنت وحدك الآن !
الشخص الحر يبدو للناس سعيداً ولكنه ملئ بالصراعات والخلافات الخفية .

قبل أن يصل قنديل لدار الأمان يزور عيون المياه التى دارت عليها الخلافات بين داري الحرية والأمان ليجدها لا تستحق كل تلك الصراعات ، وهو ما رأيته فى هذا السياق دلالة على تفاهة الحياة وكل صراعاتها قياساً على سرعتها وقسوتها وفنائها ، دار الأمان حيث العدالة وتساوى الجميع في مقابل كبت الحريات وكتم الأفواه، بدت لى كمصر عبد الناصر ، أو كأي تجربة إشتراكية ستالينية .
الأمان بلاستيكي وغير حقيقي .

ثم الغروب دار مواجهة النفس والتعرف الحقيقي عليها ، دار ما قبل الوصول
إلى الوصول ودار الجبل
ربما هي المصير المجهول
ربما هي الوصول
ربما هي الجنة
وربما هي الخضوع الجبري للقدر .

نجيب محفوظ مؤلف وكاتب روائي عربي، له العديد من الروايات المشهورة والمترجمة إلى عدة لغات. وهو العربي الوحيد الذي فاز بجائزة نوبل للآداب( https://www.arageek.com/bio/naguib-ma...)
ربما قرأت الكتاب على عجالة وربما لم افهمه جيدا ولكن هاهي افكاري حوله:
تحليلات:
ربما يتحدث عن حيوات الانسان: الملكوت، الذر ، التراب، الاصلاب، الارحام، الدنيا، البرزخ، عالم البعث، عالم الجنة او النار

ربما يتحدث عن الانفس : النفس اللوامة، الامارة بالسوء والمطمئنة

ربما يتحدث عن الانظمة الاقتصادية الموجودة: الديموقراطية والرأسمالية والشيوعية

ربما يتحدث عن الاديان واختلافها

ولكنه يكاد ان يجزم بأنه لا يوجد اي شيئ يحمي الانسان كله بعقله وروحه وممتلكاته من الضياع والتلف
وبالطبع هناك انتقاد حاد لتطبيقات الاسلام

هذا ما اجده في كتابات نجيب محفوظ، فإنه ينشد العدل والسلام. وبالطبع فهذا مراد صعب التحقق

ولكن لو نظرنا الى القصة بدون اية تأويلات لوجدنا العجب. رجل في الثمانينات يتزوج امرأة في الثامنة عشر وتلد له طفلا ثم يموت وكأنما قد كتبت له الحياة التي ارادها له الاله. ولم يذهب الى مدرسة بل تعلم على يد شيخ دين كل العلوم واصبح مدهشا في تعلمه (ذكرتني بحياة اطفالنا في زمن الكورونا) ونبذه اخوته من أبيه ثم تتزوج امه الشيخ المعلم ويريد هو ان يتزوج بنت جميلة فسبقه اليها الوالي!! يعني هذه حدوته مصرية بالكامل وعندها يرحل ليرى بلدانا طالما تحدث عنها الشيخ المعلم. وفِي اسفاره تحدث له احداث كثيرة مثل علاء الدين، ويسجن ويتزوج مرتان ويبقى يبحث عن الزوجة الاولى وووو

ما اقصده هنا بأن القراءة الغير مرتبطة بأي تأويل (سواء سمعه القارئ او قرأه في مكان ما ) تذهلنا وتجعلنا نعشق هذا البطل ذو الروح الرهيفة والعاشق المتيم. وتصلح بأن تكون فيلما مصريا من الدرجة الاولى.

اليوم(٣٠/٥/٢٠٢٢) اتممت القراءة الثانية لهذا الكتاب وفي الحقيقة تمنيت ان نعيش في دار الغروب والتأمل ومعرفة ما يفكر فيه الانسان قبل ان يتفوه به.
كتاب رائع رغم ما به من حروب وويلات.

تعتبر أول تجربة مع قلم نجيب محفوظ، ولم تكن سيئة،
أسلوب السرد كان سلساً جداً وجعلني اندمج في القراءة لأنسى ما حولي،
القصة فكرتها مميزة ومعانيها عميقة،

-تحكي عن قنديل شاب تأثر بكلام شيخه عن البلاد التي زارها وأُبهر بالمجهول، ليقرر أن يبدأ رحلته ويكتشف بلاد الله الواسعة ليرجع الى بلده ويقدم للناس علمه ومشاهداته.

كل دار زارها (قنديل) كانت مختلفة تماما وبها ما يميزها عن الدور الأخرى.
هناك بعد الدور التي اعتقدت انها تمثل دول في عصرنا الحالي لا أعلم لماذا.
فدار الحلبة بحريتها المبالغ بها شعرت أنها تجسسد لأمريكا،
ودار الأمان و مساواتها جعلتني أفكر في الاتحاد السوفيتي ونظان الشوعية كما حكى لي أبي.


لم تكن رواية سيئة الا ان شعوراً راودني في منتصفها جعلني اتذكر فيلم بينوكيو وهو فيلم من طفولتي كنت اخاف منه ومازلت، لما يحاوط ذاكرتي من هالة سوداء وغريبة حوله لا أعلم لماذا قد يكون هذا الشعور هو ما أفسد علي اندماجي في نهاية الرواية.

شكرا لأصداقي على مرافقتي في هذه الرحلة اللطيفة ❤
وشكرا لمن رشحها لي.❤

مراجعتي لرواية "رحلة ابن فطومة"، لنجيب محفوظ
ملاحظة: قد تحتوي المراجعة على حرق لأحداث الرواية

قبل شروعي في قراءة الرواية، كنت متحيرا بينها وبين رواية "عزازيل" ليوسف زيدان. ولكنّ ما رجّح كفة رحلة ابن فطومة، هو أن جورج طرابيشي قد أفرد لها مساحةً كاملةً في كتابه "هرطقات" الذي أنوي قراءته قريبا.

عندما قرأت النصف الأول من الرواية، كانت لديّ قناعة بأنها رواية جميلة، ولكنها لا ترقى إلى مستوى رواية "أولاد حارتنا" أو "الحرافيش" مثلا للنجيب! ولكنني، عندما تقدمت في قراءتها، تبيّن لي جليا أن مستواها لا يبعد بكثير عن مستوى الروايتين الآنف ذكرهما.

يدهشني هذا الرجل دوما بعبقريته ودهائه وعقليته الأدبية الاستثنائية، ولا سيما في مجال الأدب الرمزي!

من خصائص الرواية أو القصة الرمزية، إهمال الزمان والمكان الواقعيّين، واختلاق زمان ومكان خياليّين. وهكذا كان في رحلة ابن فطومة -التي هي رواية صغيرة رمزية بامتياز-. فمثلا، لم تكن رحلة ابن فطومة -قنديل- إلى أراضٍ واقعية! فهو لم يذهب إلى أوروبا أو أميركا أو الهند أو غيرها، بل إنه قد ذهب إلى بلاد لا وجود لها على الخريطة الواقعية: دار المشرق، دار الحيرة، دار الحلبة، دار الأمان، دار الغروب. بينما هو، في الأصل، كان من "دار الإسلام"!

عندما وصل قنديل إلى دار المشرق، أذهله عريّ أهلها من رجال ونساء، وأدهشته عبادتهم للقمر بدلا من عبادة الله الواحد. تسلب اللب من عقله "عروسة" التي كانت من هذه الدار، فيقيم علاقة معها وينجب منها حتى يربي أولاده على مبادئ الإسلام التي هي "مبادئ كفر" في نظر أهل المشرق، فيُطرد ويغادر الدارَ إلى دار الحيرة.

عندما يصل إلى دار الحيرة، تحيره أيضا عبادة أهلها لملكهم وفلسفتهم في الحياة وفي تقسيم الناس إلى طبقات. تشن الحيرة الحربَ على المشرق، فتأتي "عروسة" من بين السبايا، يتنافس عليها في المزاد قنديل ومندوب حكيم الحيرة حتى يأخذها صاحبنا ابن فطومة. ولكنه في اليوم التالي يُعتقل ويُلفّق اتهامٌ ضده بأنه يسخر من دين أهل الحيرة، فيُسجن عشرين عاماً حتى يثور على الملك الإله قائدُ جيشه فينتصر ويعفو عن سجناء الملك المخلوع، ويدخل السجنَ بدلا منه حكيمُ القرية الذي سجنه ليستولي على "عروسة".

الواقع أنني لم أجد تأويلا دقيقا للمقصود من هاتين الدارين -أي المشرق والحيرة-، إلا أنه من المرجح أنه يقصد بالأولى "الحضارات البدائية"، بينما يقصد بالثانية -ربما- "الحضارات الإمبراطورية" التي يُعتبر فيها الملك بمثابة إله، أو "الأنظمة الدكتاتورية" التي يبقى فيها الحاكم حاكما إلى نهاية عمره بالحديد والنار. وأما عن الدور الآتية التي سيحل عليها قنديل، فيسهل على القارئ تأويل المقصود منها.

يغادر ابن فطومة الحيرة إلى دار الحلبة، "دار الحرية"، فتذهله حضارتها وعظمتها وجمال هندسة مبانيها. ولكنه يستغرب ويشمئز، عندما يجد مظاهرةً في هذه الدار، تطالب بالاعتراف "بشرعية العلاقات الجنسية الشاذة" على حد تعبير قنديل. ويستغرب أكثر، ولكن باستبشار هذه المرة، عندما يتناهى إلى أذنيه صوت الأذان! كان قد أجبر على ترك دينه في دار المشرق ودار الحيرة، واعتناق الدينين اللذين كان يدين بهما أهل هاتين الدارين بمجرد أن وطأهما. لذا، فقد فز قلبه عندما سمع صوت الأذان، وذهب إلى الجامع. يصلي بخشوع هناك، ثم يتعرف إلى إمامه، الشيخ السبكي، فيتقرب منه ويخبره الأخير بنظام دارهم هذه، فيقول: ‏"الدولة لا شأن لها بالأديان (..). تعامل الجميع على قدم المساواة الكاملة (..). كل طائفة تحتفظ في داخلها بتقاليدها الذاتية، واحترام يسود العلاقات العامة لا امتياز لطائفة ولو جاء رئيس الدولة منها".

يسهل التعرف إلى النموذج المقصود من هذه البلدان التي احتواها وصف الشيخ السبكي! فمن الواضح أنه يقصد البلاد الديمقراطية العلمانية. و‏يقول حكيم من هذه الدار في الرواية: "لم يكن طريق الحرية سهلا، ودفعنا ثمنه عرقا ودما، كنا أسرى الخرافة والاستبداد، وتقدم الرواد، وضربت الأعناق، واشتعلت الثورات، ونشبت حروب أهلية، حتى انتصرت الحرية وانتصر العلم".

يتزوج قنديل من ابنة الشيخ السبكي وينجب منها. ولكن يهدد أمن دار الحلبة أمر ويعكر صفوه، فقد ثار على ملك دار الحيرة قائد من قادة الجيش وفشل انقلابه، فلاذ بنفسه إلى دار الحلبة التي رفضت تسليمه إلى الملك الإله في الحيرة. فتقوم الحرب بين الحيرة والحلبة، وتنتهي بفوز الأخيرة على الأولى.

تشتعل في قنديل روح الرحالة بعد أن رأى "عروسة" ذات يوم وأخبرته بأنها قد تزوجت من رجل بوذي واعتنقت دينه، وأنها ذاهبة معه في رحلة. ولكنه، ليدرأ شكوك امرأته ابنة السبكي، يؤجل الرحلة عاما. بعد ذلك العام، يغادر ابن فطومة الحلبةَ إلى دار الأمان التي أدهشته حضارتها ورقيها، ولكن أذهله أيضا، في الوقت ذاته، خلو شوارعها من الناس! يسأل دليله وملازمه فيخبره الأخير بأن الجميع في أعمالهم، وأن الناس فيها قد ثاروا منذ زمن على الطاغية وعلى المترفين فأقاموا حكما شعبيا وساووا بين الجميع. وأنهم قد عينوا رئيسا يحكم مدى الحياة إلا إذا انحرف، عزله من عينوه. يستغرب قنديلُ تلك المساواة العجيبة بين الناس، وكم أنهم متشابهون في الأجساد واللبس وفي كل شيء تقريبا. يأتي يوم عيد الثورة التي أقامها الشعب على الملك الطاغية، فيخرج الرئيس البدين ومعاونوه -الذين هم الصفوة الحاكمة- في تلك الذكرى، ويثيرون بسمنتهم استغراب قنديل، فيوقن حينها "أن الرئيس ورجاله يحظون بنظام غذائي خاص يشذ عما تخضع له جموع الشعب". يصف إليه دليله وضعهم فيقول: "نظامنا يطالبنا بألا يتدخل إنسان فيما لا يعنيه وأن يركز كل فرد على شؤونه، فالمهندس لا يجوز له أن يثرثر في الطب والعامل لا يجوز أن يخوض في شؤون الفلاح، والجميع لا شأن لهم بالسياسة الداخلية أو الخارجية، ومن تمرد على ذلك فجزاؤه ما رأيت" -أي قطع الرأس وتعليقه على رمح-. فيقول قنديل تعليقا على ذلك: "أدركت أن الحرية الفردية عقوبتها الإعدام في هذه الدار، واعترتني لذلك كآبة شديدة، وحنقت على فلوكة -وهو دليله- لإيمانه المتعصب بما يقول".

بدا لي واضحا أن المقصود من "دار الأمان هذه"، هو نموذج البلدان الشيوعية والاشتراكية. وخصوصا عندما تحدث فلوكة عن دينهم قائلا: "نحن نعبد الأرض باعتبارها خالق الإنسان ومدخر احتياجاته (..). وهي لم تفعل لنا شيئا ولكنها خلقت لنا العقل وفيه الغنى عن أي شيء آخر (..). دارنا هي دارنا هي الدار الوحيدة التي لن تصادفك فيها أوهام أو خرافات". ويقول قنديل معلقا على ذلك: "استغفرت الله في سري طويلا. قد يجد الإنسان لوثنية في دار المشرق عذرا، ومثلها دار الحيرة، ولكن دار الأمان بحضارتها الباهرة كيف تعبد الأرض؟ وكيف تبوئ عرشها رجلا فتنزله منزلة الملك الإله؟ إنها دار عجيبة. أثارت إعجابي لأقصى حد، كما أثارت اشمئزازي لأقصى حد. ‏ولكن ساءني أكثر ما آل إليه حال الإسلام في بلادي، فالخليفة لا يقل استبدادا عن حاكم الأمان -وهي بلاد ذات حاكم مستبد-، وهو يمارس انحرافاته علانية، والدين نفسه تهرأ بالخرافات والأباطيل، أما الأمة فقد افترسها الجهل والفقر والمرض. فسبحان الذي لا يحمد على مكروه سواه".

والجدير بالذكر أيضا، أن كان هناك توتر بين دار الأمان ودار الحلبة وقلق متبادل وخوف من الغدر، كما أن هذا متوافرٌ بين الدول الشيوعية والدول الرأسمالية الديمقراطية -أو بعبارة أخرى بين روسيا وحلفائها وبين أميركا وحلفائها-.

ثم غادر قنديلُ هذه الأرض إلى دار الغروب فوجد الناس فيها متقشفين زهادا لا يتكلم أحد منهم أو يفوه بكلمة. ولم يتنزل لأن يحدث صاحبنا سوى رجل عجوز عنده ما يشبه علم الغيب، فيخبره بأنه إذا أراد أن يصل إلى دار الجبل -التي هي دار الكمال التي ينوي أن يرقى إليها قنديل-، فعليه أن يكون كما هم أهل الغروب، زهادا متقشفين. وقد فهمت من هذه الدار أنها الدين، ومن دار الجبل أنها الجنة، خصوصا عندما جاءت فرقة من جيش دار الأمان تهدد بغزو دار الغروب، بحجة الخوف من أن تستولي عليها دار الحلبة. ويقول القائد إلى قنديل والشيخ: "إذا أردتم البقاء فعليكم أن تزرعوا الأرض وأن تنضموا إلى البشر العاملين وإلا فسوف نعد لكم قافلة تحملكم إلى دار الجبل". فيختار قنديل وأصحابه دار الجبل، ويترك الأخير مخطوطته عندئذ ويتوقف العلم بشيء عن مصيره.

بدا لي ذلك أنه الصراع بين الاشتراكية التي تعامل الإنسان كأنه آلةً لا حاجة إلى الروح فيها، وبين المؤمنين التائقين إلى الغيب والماوراء. وقد كانت نهايةً موفقة من النجيب.

رواية عبقرية كعادة النجيب، يبدو فيها الإبداع وتتجلى فيها العظمة الأدبية بشكل رائع! اللغة بسيطة لا تكلف فيها ولا عسر، الأسلوب لا يقل عظمة عن الرواية، وإن كان بحاجةٍ إلى مزيد من التشويق.

اقتباسات من الرواية:
١. ‏كل متاعبكم تجيء من الحرمان. || نجيب محفوظ، رحلة ابن فطومة.
٢. ‏حوار بين قنديل وأبي عروسة في رواية نجيب محفوظ "رحلة ابن فطومة":
- يعز علي أن تكون علاقتي بها عابرة.
- كل علاقة عابرة يا غريب (..).
- كأنكم لا تعرفون الحب!
- نعرف أنه متعة ليلة أو أسبوع أو شهر أو عام في الأحوال الجنونية. فماذا تريد أكثر من ذلك؟
٣. ‏انظر يا قنديل في وطنك دار الإسلام فماذا تجد به؟ حاكم مستبد يحكم بهواه فأين الأساس الأخلاقي؟ ورجال دين يطوعون الدين لخدمته فأين الأساس الأخلاقي؟ وشعب لا يفكر إلا في لقمته فأين الأساس الأخلاقي؟ || نجيب محفوظ، رحلة ابن فطومة.

تقييمي للرواية على موقع "Goodreads": ٥/٥.

حسين كاظم
٣٠ مارس ٢٠١٩م

انتهيت لتوى من رواية "رحلة ابن فطومة" لنجيب محفوظ..و أبهرتني إلى أبعد حد..
ليست مصادفة أن يكون معظم ما قرأته لنجيب محفوظ يدور فى فلك واحد..وهى رحلة الإنسان فى الدنيا بين المغريات و الأغيار من جهة و بين الحق و التوبة من جهة أخرى..وكيف يتخبط الإنسان بين الطريقين و يكابد ما يكابد فينتصر على نفسه تارة و تهزمه نفسه تارة أخرى..
بين فتنة النساء إلى فتنة الولد و فتنة السلطة..وحتى فتنة الاستقرار و الأمان..طرق كثيرة متعددة بعضها يعدّك بالعدة و بعضها تعدّ أنت له العدة..

الرواية هى رحلة فى العالم أجمع..متمثلة فى سبعة ديار أو بلاد..يبداها بدار الإسلام حيث المعاناة و الظلم تفشى و الطغيان طغى على الدين و اصبح الدين هو أداة و ليس منهجا فكانت أبعد ما يكون عن الإسلام..ثم مرورا بدار المشرق وهى دار بدائية تحرر فيها الجميع من كل شىء فلا حرام ولا عيب ولا زواج ولا حلال كل شىء متاح وهم قوم يعبدون القمر..
ثم دار الحيرة وهى دار العسكر يمكلكونها و يعبدون الملك الإله..ثم دار الحلبة وهى دار تكاد تعبد الحرية و التعددية المزيفة و إسلامها مطوع لخدمة أهدفها..ثم دار الأمان و هى أقرب لنموذج الشيوعية..و يطلق عليها أهلها دار العدل..كل فيها سواء و كل فيها يعمل ولا فرق لأحد عن أحد و الجميع مراقب و الجميع مطلوب منهم طاعة النخبة..ثم دار الغروب و هى دار تشبه التكية..أهلها من الأصفياء الذين يجاهدون أنفسهم ليصلوا إلى دار الجبل..و دار الجبل هى حلم كل رحالة إذ أنها دار الكمال..تشبه دار الغروب "المطهر" حيث يتدرب المريدون على تصفية أنفسهم لدار الجبل..ثم دار الجبل و رحلتها الطويلة..

فى كل دار كان الأهل مذعنين يظنونأن دارهم هى دار الكمال و أن نظمهم و دنهم هو الكمال بذاته!

و ابن فطومة مر بها جميعا فكانت رحلته من المشرق إلى الغروب مصداق لقوله تعالى "يأيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه" فتخطفته الفتن و اثنته عن زيارة دار الجبل..حتى انسلخ عنها و غلبه صفاء نفسه و الهدف من رحلته.