...
Show More
كرة القدم بين الشمس والظل
أنا عاشق سابق لكرة القدم، هلالي سابق، قررت تطليق كرة القدم تماماً، لأتفرغ لعشقي الأول الكتب، ووليدتها السينما، كان هذا قبل سنوات، وخصوصاً مع الانفجار المعرفي وتوفر الكتب في المكتبات والكترونياً بدرجة غير مسبوقة، الذي جعل إعادة ترتيب الوقت والتضحية ببعض الاهتمامات أمراً لا مفر منه.
عندما فعلت هذا، ولأداوي روحي التي كانت تعاني من الآثار الانسحابية لترك الكرة، لجئت إلى ما يلجأ له الكثيرون، وهو تبخيس الكرة واعتبارها لعبة رعاعية – وقد أشار المؤلف في بداية الكتاب إلى سخرية كيبلينغ منها، وتعمد الأرجنتيني العظيم بورخيس وضع محاضرة له في نفس الوقت الذي يلعب فيه المنتخب الأرجنتيني مباراته الأولى في كأس العالم 1978 م -، فلذا النظر للكرة على أنها نقيض للفكر والثقافة فكرة شائعة، وفي مجتمعنا وفي سنوات ماضية تمت تثبيت أنها ضد التدين أيضاً !!
مع هذا الكتاب استيقظت روح المشجع القديم داخلي كمومياء فرعونية، فلذا وجدتني أطرح الكتاب وأقضي ساعتين على اليوتيوب أشاهد مقاطع من الكلاسيكو بين برشلونة وريال مدريد، ومن ثم أستعيد ذكرياتي مع روماريو وباجيو ومارادونا، لقد كانت نافذة فتحت لي على عوالم هجرتها، ولم أعد لها قط.
لا أنوي الاستمرار في ذلك بالطبع، ستعود المومياء إلى ناووسها، فوقتي لازال ضيقاً، والمهام تتراكم لدي بما لا يمنحني وقتاً لاستعادة هواية ميتة، ولكني على الأقل صرت أفهم الآن، المتعة التي يشعر بها المشجع، أنها ليست في اللعبة فقط، إنها ليست محصورة في التسعين دقيقة، ولا في خمر الأهداف المتتالية، لا ! إنها بكل بساطة في التاريخ العريق للنادي، إنها في الأسماء ! عندما أقلب قليلاً في ويكيبيديا مثلاً واقرأ تاريخ ريال مدريد وتاريخ برشلونة، وما مر به النادين والأسماء التي لعبت بشعاراتهما، تصبح المواجهة بينهما ليست تسعون دقيقة، إنها آلاف الدقائق، وعشرات الأسماء، إنها تاريخ يتحرك، والهزيمة هنا وهناك تعني السخرية من إرث طويل.
في هذا الكتاب يتفرغ أديب عاشق للكرة، للحديث عن عشقه، يأخذنا ببداية مملة نوعاً ما، إلى رؤية لمراكز اللاعبين والمدربين والمشجعين، ولكنه سرعان ما يدخل التاريخ، منذ بداية الكرة، إلى أصولها، إلى كيف وصلت إلى شكلها الحالي، ومن ثم تستمر الجولة مع أهم اللاعبين وأشهر الأهداف، وبطولات العالم حتى كأس العالم 1994 م – وضع المؤلف كتابه سنة 1995 م -، إن حقيقة كون المؤلف من الأوروغواي، وحقيقة أن بلده حازت على أول كأس عالم على الإطلاق، وأول كأس عالم بعد الحرب العالمية الثانية، يجعل جزءً من عشق الأورغوانيين للكرة مرتبطاً بهذا التاريخ الذي يتمنون استعادته.
الكتاب ممتع، وغاليانو ساخر قاسٍ أحياناً، مثلما يسخر عندما يتحدث عن (الاستاد) وحجم التاريخ فيه، فيذكر استاد ماراكانا البرازيلي، وبومبونيرا الأرجنتيني، وكامب نو البرشلوني، جوزيب ميازا الميلاني، ويقارنها باستاد الملك فهد الذي يرى أنه بلا تاريخ، صحيح يا سيد غاليانو، إنه بلا تاريخ بالنسبة لك، ولكن بالنسبة لي وللسعوديين أنه تاريخ الكرة كلها، هذا الهدف الأسطوري مثلاً ي�� سيد غاليانو كان في استاد الملك فهد، وهو أحد الأهداف التي لا يمكنني نسيانها ما حييت.
http://www.youtube.com/watch?v=2cj1ff...
أنا عاشق سابق لكرة القدم، هلالي سابق، قررت تطليق كرة القدم تماماً، لأتفرغ لعشقي الأول الكتب، ووليدتها السينما، كان هذا قبل سنوات، وخصوصاً مع الانفجار المعرفي وتوفر الكتب في المكتبات والكترونياً بدرجة غير مسبوقة، الذي جعل إعادة ترتيب الوقت والتضحية ببعض الاهتمامات أمراً لا مفر منه.
عندما فعلت هذا، ولأداوي روحي التي كانت تعاني من الآثار الانسحابية لترك الكرة، لجئت إلى ما يلجأ له الكثيرون، وهو تبخيس الكرة واعتبارها لعبة رعاعية – وقد أشار المؤلف في بداية الكتاب إلى سخرية كيبلينغ منها، وتعمد الأرجنتيني العظيم بورخيس وضع محاضرة له في نفس الوقت الذي يلعب فيه المنتخب الأرجنتيني مباراته الأولى في كأس العالم 1978 م -، فلذا النظر للكرة على أنها نقيض للفكر والثقافة فكرة شائعة، وفي مجتمعنا وفي سنوات ماضية تمت تثبيت أنها ضد التدين أيضاً !!
مع هذا الكتاب استيقظت روح المشجع القديم داخلي كمومياء فرعونية، فلذا وجدتني أطرح الكتاب وأقضي ساعتين على اليوتيوب أشاهد مقاطع من الكلاسيكو بين برشلونة وريال مدريد، ومن ثم أستعيد ذكرياتي مع روماريو وباجيو ومارادونا، لقد كانت نافذة فتحت لي على عوالم هجرتها، ولم أعد لها قط.
لا أنوي الاستمرار في ذلك بالطبع، ستعود المومياء إلى ناووسها، فوقتي لازال ضيقاً، والمهام تتراكم لدي بما لا يمنحني وقتاً لاستعادة هواية ميتة، ولكني على الأقل صرت أفهم الآن، المتعة التي يشعر بها المشجع، أنها ليست في اللعبة فقط، إنها ليست محصورة في التسعين دقيقة، ولا في خمر الأهداف المتتالية، لا ! إنها بكل بساطة في التاريخ العريق للنادي، إنها في الأسماء ! عندما أقلب قليلاً في ويكيبيديا مثلاً واقرأ تاريخ ريال مدريد وتاريخ برشلونة، وما مر به النادين والأسماء التي لعبت بشعاراتهما، تصبح المواجهة بينهما ليست تسعون دقيقة، إنها آلاف الدقائق، وعشرات الأسماء، إنها تاريخ يتحرك، والهزيمة هنا وهناك تعني السخرية من إرث طويل.
في هذا الكتاب يتفرغ أديب عاشق للكرة، للحديث عن عشقه، يأخذنا ببداية مملة نوعاً ما، إلى رؤية لمراكز اللاعبين والمدربين والمشجعين، ولكنه سرعان ما يدخل التاريخ، منذ بداية الكرة، إلى أصولها، إلى كيف وصلت إلى شكلها الحالي، ومن ثم تستمر الجولة مع أهم اللاعبين وأشهر الأهداف، وبطولات العالم حتى كأس العالم 1994 م – وضع المؤلف كتابه سنة 1995 م -، إن حقيقة كون المؤلف من الأوروغواي، وحقيقة أن بلده حازت على أول كأس عالم على الإطلاق، وأول كأس عالم بعد الحرب العالمية الثانية، يجعل جزءً من عشق الأورغوانيين للكرة مرتبطاً بهذا التاريخ الذي يتمنون استعادته.
الكتاب ممتع، وغاليانو ساخر قاسٍ أحياناً، مثلما يسخر عندما يتحدث عن (الاستاد) وحجم التاريخ فيه، فيذكر استاد ماراكانا البرازيلي، وبومبونيرا الأرجنتيني، وكامب نو البرشلوني، جوزيب ميازا الميلاني، ويقارنها باستاد الملك فهد الذي يرى أنه بلا تاريخ، صحيح يا سيد غاليانو، إنه بلا تاريخ بالنسبة لك، ولكن بالنسبة لي وللسعوديين أنه تاريخ الكرة كلها، هذا الهدف الأسطوري مثلاً ي�� سيد غاليانو كان في استاد الملك فهد، وهو أحد الأهداف التي لا يمكنني نسيانها ما حييت.
http://www.youtube.com/watch?v=2cj1ff...