...
Show More
هذا غامض جداً .. غامض بطريقة مريبة .. مخيفة ، أن تقرأ وصفاً دقيقاً مقلقاً لبلدٍ من هذا النوع ، وحين أقول من هذا النوع فأنا أعني نوعاً فريداً جديداً ابتكره بول أوستر - بالنسبة لي على الأقل - بلاد بول أوستر الغامضة هذه التي تطفو على بحر من جثثها وقاذوراتها ، على وعيها الجديد بالمحيط من حولها ، تمتلك قائمة جديدة بالمهام البشرية و الأعمال المطلوبة من العامة بأجور تبقي على الحياة لعدة سنوات ( مكسن و غذاء ساخن كل يوم ) ، قائمة غرائبية أطول بالجرائم المُعاقب عليها بصرامة شديدة كـ دفن الجثث دون تسليمها للدولة ، نعم ليست السرقة و القتل ضمن القائمة أبداً ، لأنها ولسبب ما جزء لا تجزأ من الوجود ، من الحضارة الإنسانية المُتهالكة ، من الحياة اليومية ، حيث تُبارك الحكومة مؤسسات تُساعد مجموعة من مواطنيها على الإنتحار بطرق مبتكرة جديدة ، كالموت منهكاً من الركض !
حين استمر أوستر طوال الصفحات الأربعين الأولى يصف بدقة متناهية كل ما ذكر أعلاه و يزيد كثيراً جداً ، جعلني أنتظر اللحظة الحاسمة التي ستتغير بها الأمور ويبدأ في سرد أحداث روايته ، ليس لشعورٍ بالملل ، إلا أن البلاغة العالية ( التي تمتع بها المترجم ) في وصف أفكار بول أوستر عن بلدته تلك ، جعلني أشعر بقرفٍ حقيقي من الوهم ، من اللاشيء الذي خلقه بول أوستر من العدم .. العدم ؟ قد لا يبدو هذا وصفاً دقيقاً إذا تحرينا ذلك ، بول أوستر لم يأتي بأي شيء من العدم إنه فقط كان يقول ببساطة : أن هذه هي الأشياء الأخيرة للعالم الكامل ، للإنسانية ، للحضارة !
الأشياء التي سنقف على أطلالها يوماً ، نصنعها بأيدينا كل يوم ، نبحث عنها بشكل محموم ، ونخرجها مباركين أنفسنا غير آبهين بالنهاية المحتومة ، باللحظة التي تتداعى فيها الأشياء ونعود إلى نقطة الصفر .
حين استمر أوستر طوال الصفحات الأربعين الأولى يصف بدقة متناهية كل ما ذكر أعلاه و يزيد كثيراً جداً ، جعلني أنتظر اللحظة الحاسمة التي ستتغير بها الأمور ويبدأ في سرد أحداث روايته ، ليس لشعورٍ بالملل ، إلا أن البلاغة العالية ( التي تمتع بها المترجم ) في وصف أفكار بول أوستر عن بلدته تلك ، جعلني أشعر بقرفٍ حقيقي من الوهم ، من اللاشيء الذي خلقه بول أوستر من العدم .. العدم ؟ قد لا يبدو هذا وصفاً دقيقاً إذا تحرينا ذلك ، بول أوستر لم يأتي بأي شيء من العدم إنه فقط كان يقول ببساطة : أن هذه هي الأشياء الأخيرة للعالم الكامل ، للإنسانية ، للحضارة !
الأشياء التي سنقف على أطلالها يوماً ، نصنعها بأيدينا كل يوم ، نبحث عنها بشكل محموم ، ونخرجها مباركين أنفسنا غير آبهين بالنهاية المحتومة ، باللحظة التي تتداعى فيها الأشياء ونعود إلى نقطة الصفر .