تعكس أحلام نجيب محفوظ في أواخر سنوات عمره ، رؤية أدبية مختلفة، وتبنى فيها أسلوبا مبتكراً وغريباً نوعا ما ، ونرى في معظمها مشاعر محفوظ التي اجتاحته عقب محاولة اغتياله وهي مزيج من الحزن والألم والحنين والشجن ، وأيضا الخوف الممزوج بالتهكم من حاله ومن حال المصريين ، خاصة تلك التي تناولت عدم تلقيه التقدير الذي استحقه أثناء عمله بالأروقة الحكومية المختلفة ، وأيضا تجده يستدعي من الماضي البعيد ذكرياته عن الزعيم سعد زغلول ومصطفى النحاس ، وكأنه يتحسر على أن مصر لم تنجب من يخلفهما في وطنيتهما وإخلاصهما ، كما عكست أحلامه حالة القلق والترقب بعد طعنه ، فيرى في كثير من أحلامه أنه مراقب أو مهدد ، أو أنه يتعرض للسرقة أو النصب والخداع .
محفوظ برع في رسم صورا عبر من خلالها و بيد أصابها العجز عما حدثته به نفسه في الحلم ، ولم تغفل منطقة اللاوعي عند أديبنا عن ذكر مشاعر الحنين للحبيبة "ع" ورآها في عدة أحلام ، وكأنه يعترف بأن في عقل كل إنسان ذكرى براءة حب نقي ومشاعر صادقة ، غالبا لا يعيشها الإنسان إلا مرة واحدة ، فتلتصق به كالتصاق الجنين برحم الأم .
أحد أحلام محفوظ التي عبر فيها عن شعوره بالغضب والمرارة والحزن من غياب العدالة على الأرض ، وعن التاريخ فيما يخص سير الزعماء وذكر بعض جرائمهم "
يقول عن حلمه " هذه محكمة وهذه منضدة يجلس عليها قاضٍ واحد ، وهذا موضع الاتهام يجلس فيه نفر من الزعماء وهذه قاعة الجلسة ، حيث جلست أنا متشوقاً لمعرفة المسئول عما حاق بنا ، ولكني أحبطت عندما دار الحديث بين القاضي والزعماء بلغة لم أسمعها من قبل ، حتى اعتدل القاضي في جلسته استعداداً لإعلان الحكم باللغة العربية ، فاسترددت للأمام ، ولكن القاضي أشار إليّ أنا ونطق بحكم الإعدام فصرخت منبهاً إياه بأنني خارج القضية وإني جئت بمحض اختياري لأكون مجرد متفرج ، ولكن لم يعبأ أحد بصراخي "
وعن شعوري الشخصي تجاه الحلم ، رأيت أن محفوظ حزينا لأن التيار المتطرف نما في مصر واشتدت قوته تحت رعاية الرئيس السادات ومن بعده مبارك ، ولكن بدلاً من أن تحاكم المحكمة المسئول الحقيقي عن الأفكار الظلامية التي استشرت في المجتمع نتيجة لانتشار أتباع هؤلاء في كل المؤسسات ، إذا به هو من يصدر عليه حكما بالإعدام ، بدلاً من الفاعل الحقيقي الذي دعّم وعزز وجود جماعات الإرهابية في مصر .

هل من الممكن أن تصيغ من اللامعقول كيانا متماسكا؟
ترى هل يمكن أن تدون أحلامك الخاصة فى كتاب ؟؟
هل فكرة فى ذلك من قبل ؟؟
وماذا ستكتب وقتها ؟؟
أصطحبنا الأديب العالمى نجيب محفوظ فى رحلة شديدة الخصوصية والفلسفة إلى داخل عالم الأحلام ليترك داخلنا العديد من التساؤلات
البعض من هذه الاحلام يشعرك انه جزء منك انت شخصيا والبعض الاخر بعيد كل البعد
البعض تحبه وتفهمه جيدا والبعض الاخر لا تدركه
لكن من قال انك تفهم وتستوعب كل احلامك ^_^

صحبتني في ساعات الخدمة الطويلة، وقعت في عشق هذه المجموعة، بعض الأحلام لا تنسى ومازالت عالقة في ذاكرتي بعد أكثر من أسبوعين على قراءتها، هناك جزء كبير من الأحلام غير مفهومة ولا تخلو من الغموض والرمزية وأحتجت إلى إعادة قراءة معظمها أكثر من مرة، لكنها تبقى أحلام، ومنذ متى ونحن نفهم أحلامنا وننظر لها بمنطقية!؟، بعض الأحلام مستني بشكل شخصي لا يصدق خصوصاً تلك التي تتحدث عن ذكرى الحبيبة والعائلة والبيت القديم والأصدقاء.