من أجمل أعمال نجيب محفوظ. من الصعب تصنيف هذا الكتاب, هو مزيج من الذكريات واسترجاع الماضي, ومن استخلاص الحكمة والموعظة من الحياة, ومن الأفكار المتأثرة بالتصوف والروحانيات, ومن الأفكار الفلسفية المجردة. بعض الفقرات تحكي موقفا محددا, وبعضها يرتفع فيه الرمز إلى مستويات شديدة الغموض. لكن هناك دائما رمز السيدة الجميلة التي يبدو أنها لا ترمز إلى شىء واحد فقط : أحيانا هي تجسيد للدنيا ومتعها, وأحيانا هي رمز لحب الحياة في مقابل الإنعزال والإعراض عنها, وأحيانا - خاصة في الفقرات الأخيرة- ترمز ربما للذات الإلهية على طريقة الصوفية في تشبيه عشقهم لله بالعشق الجسدي. الفقرات الأولي يغلب عليها الذكريات والحنين إلى الماضي وأيام الطفولة, وكلما تقدمنا في الكتاب قلت الذكريات وزادت فقرات الحكمة والفلسفة, ثم في الثلث الأخير يظهر الشيخ عبد ربه التائه, الذي يبدو نجيب محفوظ وكأنه يضع على لسانه خلاصة الحكمة والفلسفة التي خرج بها من الدنيا بعد حياته الطويلة الحافلة
مقتطفات صغيرة كـ كبسولات من التأمل والصوفية والحكمة والشطحات التي ترحل عنك، لتفكر وحيدًا. عجبني جدًا الكتاب كشيء مختلف عن روايات الكاتب نجيب محفوظ ✨ وخاصة الجزء الأخير الخاص بـ عبد ربه التائه.⭐
أول مره قريته قلت حاجه من اتنين اما الكتاب ده فعلا ضعييييف لدرجة انى مش فهمه او انه أعلى من ان عقلى يستوعبه وبعد قرايته للمره التانيه اكتشفت ان عقلى فعلا اقل من انه يفهمه من اول مره , بالذات الجزء بتاع الشيخ عبد ربه التائه
لما بدأت اقرأ الكتاب، تساءلت تُرى كيف هيكتب أديب عظيم مثل نجيب محفوظ عن أفكاره وخواطره وأرائه؟
لأجد نفسي متوغلة في (أصداء السيرة الذاتية)، كما توقعت أسلوب عرض مميز، فقرة أو بضع فقرات قصيرة في كل صفحة، شذرات كلمات فيها حكم أو عبر أو عن الحب والجمال، الحياة، الموت، نابعة من عقل وقلب نجيب محفوظ. من حياته.
كأنه صدى كلماته يتردد في أذني أثناء القراءة، لاح لي من بعيد وهو في أطوار حياته المختلفة وهو صبي، شاب، عجوز. وهو في حزنه وفرحه وسعادته وهو يشعر بالحب.تخيلته وهو الشيخ عبد الربه التائه. على حسب الفقرة التي قرأتها.
شعرت بالقرب منه وفهمت أكثر عن أرائه وتفكيره وهذا أسعدني جدًا وهيساعدني عندما أستكمل رحلتي في قراءة بقية أعماله.
كتاب أشبه بالسيرة الذاتية ولكن ليس كذلك. الله يرحمك يا عم نجيب محفوظ.
قال الشيخ عبد ربه التائه: "لا تلعنوا الدنيا فهى تكاد ألا يكون لها شأن بما يقع فيها."
وقال أيضا: حلمت بأننى واقف فى حظيرة أغنام مترامية الأطراف. وكانت تأكل وتشرب وتتبادل الحب فى طمأنينة وسلام. تمنيت أن أكون أحدها، فكنت جديا بالغ القوة والجمال.
دائمًا ما كنت أظن أن (أصداء السيرة الذاتية) عمل روائي، لكن أتضح أنها مجموعة من الخواطر والتأملات البليغة التي تطغى عليها الرمزية، بعضها رائع الجمال، وبعضها الآخر لم أفهم غرض الكاتب منه إلا أنها تشترك جميعًا في كونها تحمل الكثير من الأحاسيس والرؤى الفلسفية. انتابتني الكثير من المشاعر أثناء قراءتي للكتاب، ما بين الأسى والشجن والشعور بالخسارة. ربما لأن تلك هي المشاعر المسيطرة على الخواطر التي يتحدث أغلبها عن العمر الضائع، ودنو الموت، والصداقات التي تختفي، والأحباب الذين نفقدهم، والطفولة والشباب اللذان ينتهيان في لمح البصر دون أن ندرك. لم يعجبني إدخال بعض الخزعبلات الصوفية في جزء الشيخ عبد ربه التائه، كالأولياء والكرامات والسُكر والرقص وإلخ إلخ إلا أن هذا لا يمنع إعجابي بالكثير من أقواله. وها هي بعض مقتطفات مما أعجبني في الكتاب.
قال الشيخ عبد ربه التائه: الحياة نور يخفق بين ظلمتين.
الحياة دين ثقيل رحم الله من سدده.
ما بين كشف النقاب عن وجه العروس، وإسداله على جثتها إلا لحظة مثل خفقة قلب.
كتب على الإنسان أن يسير مترنحًا بين اللذة والألم.
حذار فإنني لم أجد تجارة هي أربح من بيع الأحلام.
سألت الشيخ عبد ربه التائه: لماذا يغلب عليك التفاؤل؟ فأجاب: لأننا مازلنا نعجب بالأقوال الجميلة حتى وإن لم نعمل بها.
سألت الشيخ عبد ربه التائه: كيف تنتهي المحنة التي نعانيها؟ فأجاب: إن خرجنا سالمين فهي الرحمة، وإن خرجنا هالكين فهو العدل.
سألت الشيخ عبد ربه التائه: متى يصلح حال البلد؟ فأجاب: عندما يؤمن أهلها بأن عاقبة الجبن أوخم من عاقبة السلامة.
قلت للشيخ عبد ربه التائه: سمعت قومًا يأخذون عليك حبك الشديد للدنيا! فقال: حب الدنيا آية من آيات الشكر، ودليل ولع بكل جميل، وعلامة من علامات الصبر.
رأيت شخصًا هائلًا ذا بطن تسع المحيط، وفم يبلع الفيل، فسألته في ذهول: من أنت يا سيدي؟ فأجاب باستغراب: أنا النسيان فكيف نسيتني؟
يطاردني الشعور بالشيخوخة رغم إرادتي بغير دعوة، لا أدري كيف أتناسى دنو النهاية، وهيمنة الوداع، تحية للعمر الطويل الذي أمضيته في الأمان والغبطة. تحية لمتعة الحياة في بحر الحنان والنمو والمعرفة. الآن يؤذن الصوت الأبدي بالرحيل. ودع دنياك الجميلة، واذهب إلى المجهول. وما المجهول يا قلبي إلا الفناء. دع عنك ترهات الانتقال إلى حياة أخرى، كيف، ولماذا، وأي حكمة تبرر وجودها؟ أما المعقول حقًا فهو ما يحزن له قلبي، الوداع أيتها الحياة التي تلقيت منها كل معنى، ثم انقضت مخلفة تاريخًا خاليًا من أي معنى. (من خواطر جنين في نهاية شهره التاسع)