توقعت صياغة أخري عصرية للحكي، لكن محفوظ احتفظ بنفس طريقة السرد في الف ليلة وليلة الأصلية، مضافا إليها بعض الغموض اللذيذ وجو صوفي دافئ خلت منه النصوص التراثية.

أعجبني كثيرا التوصيف الغامض والضبابي للعفاريت وطريقة حديثها وحضورها وانصرافها، تأمل العبارة:"شعر بنفاذ وجود جديد هيمن علي المكان فآمن بمقدم عفريت آخر وأيقن بالضياع" .. وصف عبقري

كانت الروايه الوحيده اللى لسه مقرتهاش لنجيب محفوظ .. كنت عارف انها فيها فانتازيا و ده نوع من الادب عمره ما استهوانى .. من عشرين سنه و نجيب كاتبي المفضل و برضه مقرتهاش له .. الروايه لفت انتباهي فيها كذا حاجه .. فيه كتير من الحوار الحكيم على لسان البلخى هو فعلا اقوال ماثوره وردت اغلبها على لسان تابعين او صوفيه .. مش قصدى ان ده ميزه ولا عيب .. هى مجرد ملاحظة .. الملاحظة التانيه ان الروايه في صلبها فيها ايمان كاسح بالعنف كجل للخلاص من الاشرار .. شخصية كبير الشرطه ( المجنون )اللى هو قرين الخير على طول الروايه هو عمليا مجرد
قاتل .. الروايه مكتوبه سنة 1982 وواضح جدا التاثر باللحظة الضاغطه والحماس الشعبي الجارف للاغتيال كحل وحيد للخلاص من رؤساء دولة يوليو ممن لا سبيل
للخلاص منهم الا بالاغتيالات .. يتهيألى ده السبب لتجاهل الدراما المصرية طول خمسة و تلاتين سنه تحويلها لعمل درامى .. فيه تقديس للمعارضه باعتبارها الخير و العكس مع السلطة اللى هى رمز الشر و باستثناء المجنون فكل رجال الشرطة والحكام فسده، مع العلم ان المجنون نفسه كان فاسد اما كان في الشرطه برضه .
الخيال في الروايه مبهر .. و فكره الكلام عن عالم شهريار و شهرزاد من غير ولا حكايه لشهردان فكره فى منتهى الذكاء.. الراجل ده كان صايع و شديد الذكاء .. قدم العالم الخيالى من غير ما يقع فى رتابه و هنا ادرك شهرذاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح و توته توته خلصت الحدوته .. عموما انا بحب نجيب

يا للروعة
يا للجمال
يا للإبداع
يا لها من تحفة أدبية
يا لها من رحلة ماتعة
نجيب محفوظ أبى أن يترك بعده أي مجال للإبداع
نصيحة مني لا تقرأ أبدا هذه الرواية و إلا ستفقد متعة قراءة ما سواها
هكذا يكون الإبداع
نجيب محفوظ لا يستحق نوبل أبدا .. لأن الجائزة أقل من أن تفيه حقه
في هذه الرحلة أبحرت في عالم آخر
عالم سحري
به من سحر ألف ليلة و ليلة .. و من سحر خيال محفوظ .. و من رشاقة إبداع قلمه .. و من ألم الواقع الإنساني المرير

نسج نجيب محفوظ تحفة خالدة عن النفس البشرية و نزاعاتها و شهواتها و شياطينها و لكن في عالم به من سحر شهريار
قرأت الكثير عن جمال هذه الرواية .. و كان أقل بكثسر من أن يفيها حقها

وصف دقيق قام به نجيب محفوظ للنفس البشرية و نزاع الخير و الشر .. و شهوة السلطة .. و سلطة الشهوة
عن تبدل الأحوال و الأمم .. و عن مس الشيطان .. و شياطين الإنس

من يقرأ هذا الإبداع سيتأكد أن الأدب العربي عقم عن أن ينجب مثله
و سيتأكد آسفا أن كل ما نقرأه من أدب حديث ما هو إلا زبد سيذهب جفاء

لأنها أقصر من حلم جميل تعمدت تقطيرها على امتداد شهر كامل كانت خلاله جرعتي اليومية من الجمال والخيال والسحر والانفصال المحبب عن واقعي..
لا أضيف جديدًا بذكر شوقي الآن إليها، وهو شعور قائم منذ بدأت أقرأها.. كنت أفتقدها بين اليوم والليلة..

تبدأ الرواية حيث تنتهي رواية الف ليلة وليلة حيث شهريار يتوقف عن قتل الفتيات ويتزوج من شهرزاد.

أهل الحي وشخصياتهم تشعر انها من المجتمع العربي والمصري بشكل خاص، شخصيات واضحة ولكل منهم مهمة محددة.

الحاكم وقائد الشرطة يتم تغييرهم كثيرا بسبب تسلطهم كأن هذا الكرسي لا يمكن الجلوس عليه الا ويتغير الشخص الى الاستبداد والظلم.

كما في حكايات الف ليلة وليلة عفاريت تتلاعب بالبشر والوعد بالغنى والجاه الزائف ليوقع الأشخاص بارتكاب الشر ثم يتخلى عنهم.

الخير دائما ينتصر في النهاية، والشخص الوحيد الذي لا يخضع لقوة العفريت ينصره أهل الحي الفقراء.

مبدع نجيب محفوظ في هذه الرواية التي عبارة عن مجموعة قصص الأهل الحي.

لا أدري أي روح أو أي عقل الذي كتب هذه الرواية! فهي ليست مجرد بداية لما بعد الليالي الألف، ولكنها ملحمة للعدل والحق والخير والشر والحب والعبادة و...! هي -في رأيي- خلاصة روح نجيب محفوظ في دنيا الله، أعطاها لنا في عالم ساحر مليء بحكايات عن الجن والبشر جديرة بأن تنضم إلى عوالم "ألف ليلة وليلة"، لتعيش مثلهم ألاف السنين
مازلت أشعر أن كلماتي لا تكفي لوصفها، ولا أعلم كيف يبدو عالم خيالي بهذه الحقيقة! من أروع ما قرأت، لكنها لا تأخذ في عوالم الأدب من الاهتمام ما تستحق

الإيحاءات اللي في الأسلوب عظيمة!

غنية بقصص مذهلة عن نزعات النفس البشرية إتجاه الشرور تاره والإصلاح تاره أخرى وكل ذلك بقصد الخلاص.
لا يسعني إلا تأملها مراراً وتكراراً.

"ليس العلم بكثرة الرواية، إنما العلم من اتبع العلم واستعمله."

متأكدين إنها رواية من ٤٢ سنة بس؟

رمزية نجيب محفوظ تتجلى فى أبهى صورها ..

فالأن أصبح شهريار عادلا فهل تستقيم أمور المملكة أم ان على الشعب أن يصبح عادلا مع نفسه أولاً ؟
...
و ماذا يفعل المرء اذا قابل شهوة أو سلطة - من تقييمه - أعلى منه,
هل يستجيب لها أم يقاوم الغواية ؟
هل الانسان الصالح لان الظروف هيئت له ام ان الصلاح هو هداية القلب و طمأننة السريرة مهما قابل الانسان من تغيرات ؟

كتاب لكل العصور عن غرائز البشرو كيف إن الحياة يمكن شق طريقها باختياراتك مهما حدث .. أنصح به كل قارئ

أقف بأحترام ...لتأمل تلك المقطوعه الادبيه
التي ألقي عليها من التراث غلاله من السحر ..ودعمها محفوظ بآيات من فلسفته ...فولدت هكذا تحفه أدبيه تحبس الانفاس تنساب أفكارها بسلاسه الى العقل وتسلل برقة الى القلب ...

تلك الرواية أهديت لي منذ نحو عامين في ليلة (شم النسيم) لازلت أذكر اليوم جيداً ...وأذكر اني قرأتها على عجاله ...أعجبتني او بمعنى أدق أزجت وقت فراغي ...لكن أراني اليوم عند أعادة قراءتها أكتشف سر مخبوء كان ينتظرني وكم مررت وعدوت في محيطه ولم أكتشفه ...كنت أحتاج أن أصل لحاله معينه من الصفاء القلبي لأكتشافه ...وأظنني قد وصلت لها ..

بدأت الرواية من حيث تنتهى ألف ليله وليله ...فها هو شهريار يعفو عن حكاءته وزوجته شهر زاد ويعطي الامان للحسان من الفتيات ...لا مزيد من الدم ولا مزيد من القتل
بعدأن هذبت حكايات شهرزاد في نفسه ميوله الانتقاميه و روضته بحلو الكلام ...من هنا بدء محفوظ في استحضار بعض من حكايات التراث ونسجها بحرفيه وأتقان ليمدد من عمر الروايه وليعطي لنا تصور جديد ...ماذا سيفعل شهريار بعد ان تسكت شهر زاد عن الكلام المباح وينضب معين حكاياها ...!

نلتفت لشهريار السلطان الذي يحكم مملكه من الرعيه ...وكأي مملكه يعاني من فيها من الظلم والجور الواقع على الرعيه ...

وبين مجموعه من الحوادث الغريبه تدور احداث الروايه ..ونشهد تحولات عدة لشخصيه جمصة البلطي (الذي كان يوما صاحب الشرطة وباع نفسه للشيطان وكان أداة في يد حاكم ظالم قبض ع أهل الرأي والعلم وتستر على المجرمين أصحاب النفوذ)
بين الارادة ...والعقل ...والروح
يتقلب أبطال الرواية ...
الارادة (والمقدرة على الفعل)...والتفكير (في مآل الافعال)والروح التي تتحمل نتائج الافعال الاحمق منها و الذكي ...

عبدالله البلخي ..
الشيخ الصوفي والمعلم الذي كان بمثابه النية الطيبة ...فهو أرادة خيرة لا تفعل شيئاً نجده يقدم النصائح ويطلق آيات الوعظ والارشاد...لا يحيد عن الحق ...ولا يبذل الجهد لأرساء قواعده على الارض.

ــــــــــــــــــــــ
أقف عاجزة تماما امام صرح بهذه الروعه والعملقه ...وأجد أن اي كلمة تكتب فيه او عنه ستبخسه حقه ..

نجيب محفوظ مبدع في واقعه كما هو مبدع في خياله أيضاً، يسمو بالواقع إلى مرتبة الخيال، ويهبط بالخيال إلى منزلة الواقع، ويعيد تشكيلهما من جديد فيما يشبه الهذيان عند الحمى أو بالحلم عند غفوة قصيرة...

نجيب محفوظ في هذه الرواية الفاتنة يجعلك تنتشي بالخيال والسحر ولكنه سرعان ما يهوي بمطرقة الواقع على الرأس مباشرة ليجعلك تدرك من أنت وفي أي عالم تعيش...

شخصيات كثيرة، أحداث كثيرة، مصائر غامضة، غرائب وعجائب، هذيان وحلم، سكر وعربة، ولذائذ كثيرة "تطيح بالعقل وتجعله يركع "ولغة فصيحة جميلة تأسر القلب في حميمية لذيذة...

تتوارى خجلاً وتشعر بالخزي والعار، وضعف النفس البشرية أمام المهلكات الثلاث (السلطة، المال، الجمال) وهوان أمرها، وتذبذبها بين الخير الشر، وهشاشة الحياة وتفاهتها.
هذه المشاعر المصاحبة للرواية والأفكار التي تدور برأسك وأنت تقرأها، وربما هذا مقصد نجيب محفوظ وغاية مراده...

التقييم:٥/٤.٥