جمال الكون كله يتجسد في هذا الكتاب ، اذا قلنا أن البحتري هو ملك شعر الوصف فإن جبران ملك الوصف في النثر ، الحب والصدق والتضيحة والطبقية والفروقات الاجتماعية ، بالاضافة لجمال الاسلوب كلها عوامل جعلت هذه الرواية ترقى لأن تكون من اجمل ما كُتب في العصر الحديث
الكتاب: الأجنحة المتكسرة الكاتب: جبران خليل جبران عدد الصفحات: ٦٨ دار النشر: دار الجيل سنة النشر: ١٤٢٢ه-٢٠٠٢م تاريخ البدء: ١٤/شوال - ١٨ /٦ تاريخ الانتهاء: ١٦/شوال/١٤٤٠ه- ٢٠ /٦ /٢٠١٩م الملخص: عبارة عن رواية حب قصيرة يتخللها ثورة ضد العديد من عادات وتقاليد المجتمع الشرقي فيما يتعلق بالحب والزواج والمرأة والدين. يروي فيها جبران بصيغة المتكلم عن أول حبّ له عندما كان عمره ١٨ سنة. أحبَّ ابنة صديق والده القديم ولكنّ القدر فرّقهما حينما اضطرت للزواج بابن أحد القساوسة.
رأيي: تظهر في الرواية حكمة وفلسفة جبران كثيرًا، فمثلًا يعرضُ آراءه عن الحبّ الصحيح" فالمحبّة هي الحريّة الوحيدة في هذا العالم"، "وهي الزهرة الوحيدة التي تنبت وتنمو بغير معاونة الفصول"، "مجاعة عميقة تملأ القلب بالاكتفاء"، وماأجمل جبران وهو يتغزّلُ بجمال حبيبته وحبّها: "إنّ المرأة التي تمنحها الآلهة جمال النفس مشفوعًا بجمال الجسد هي حقيقة ظاهرة غامضة"، ""جمال سلمى لم يكن في كمال جسدها بل في نبالة روحها، "سكوتها موسيقيًّا ينتقل بجليسها إلى مسارح الأحلام البعيدة". ويقولُ عن الحزن والكآبة: "إن النفس الكئيبة تجد راحة بالعزلة والانفراد"، "اللوعة إذا عظمت تصيرُ خرساء".
في الرواية العديد من الرسائل التي أراد جبران إيصالها، فهو هنا يحملُ همّ امجتمع والأمّة ويسعى للرقيّ بهما، فالعبارة التي كررتها سلمى كرامة مرتبن والتي تحملُ عنوان الرواية" يارب شدّد جميع الأجنحة المتكسّرة" تحملُ في طيّاتها رسالة تعكس ظلم المرأة الضعيفة وخطورة الزواج القسري كما تدعو لمعاني التحمّل والصبر حيث لا مخرج من هذه المعاناة إلا بالصبر. فكرته في الأخير للهرب ليحيا حبهما ويعيشا سعيدين، تحملُ رسالة الثورة على المجتمع وعاداته الغبية وضرورة التحرّك لقمعها والتحرر، وفي الجانب الآخر عندما رفضت سلمى هذه الفكرة، التي حدث وأن فكرت فيها عي بنفسها، يعكسُ هذا الصراع والحيرة التي تُصاحب أفراد المجتمع بين رغبته في التحرر وخوفه من غضب الناس والمجتمع. فيه أيضًا رسالة على أهمية الارتقاء الروحي وكيف أنّه يحمي الإنسان في حالاته الشديدة الصعوبة مثلما أنقذ سلمى وصبّرها في ظل ظلم زوجها، ومثلما جعلها قوية في اتخاذ قرار الابتعاد عن حبيبها. ونقد أيضًا الأعراس الشرقية" إن بهرجة الأعراس الشرقية تصعد بنفوس الفتيان والصبايا صعود النسر إلى ماوراء الغيوم ثم تهبط بهم هبوط حجر الرحى إلى أعماق اليمّ"، كما يثورُ على الزواج القسري ومايترتّبُ عليه من معاناة وشقاء للمرأة" هكذا قبض القدر على سلمى كرامة وقادها عبدة ذليلة في مواكب النساء الشرقيات الناعسات"، "كانت سجينة مظلومة ولم تستطع الانعتاق"، ظهر أيضًا رأيه فيما يخصُّ وضع المرأة وظلم المجتمع لها حين تُجبَرُ على عيش حياةٍ حاكها لها الذكور الذين يُسمَحُ لهم بالعيش كما يحلو لهم وتتبع أحلامهم في هذه الحياة، فيقول على لسان سلمى كرامة" ماذا فعلت المرأة يارب فاستحقت غضبك؟"، "والمرأة العاقر مكروهة في كلّ مكان". كما يثور جبران على الإقطاعية" ولكن أيّ مسيحي يقدر أن يُقاوم أُسقفًا في سوريا ويبقى محسوبًا بين المؤمنين؟ أيّ رجل يخرج من طاعة رئيس زينه في الشرق ويظلّ كريمًا بين الناس؟". كما أشار لإهمال الآثار والتراث في البلد عندما وصف معبدًا مختبئًا بين الخرائب القديمة لا يعرفه أحد" فهو مثل أشياء كثيرة خطيرة في سوريا مختبئ وراء ستائر الإهمال".
الناحية الفنية: الرواية مشوّقة ولو كان فيها بعض الوصف الطويل الممل. هي قصة حبٍّ حزينة انتهت بالفشل وعدم الزواج، على شاكلة قصص الحبّ عند أغلب كتّابنا. وهي تمثّلُ مجتمعنا وتعكس نظرته للحبّ وللزواج وللمرأة. أرى أنّ جبران نجح في إيصال مشاعر الحبّ في بدايته وعند اللهفة والشوق ومشاعر الغبطة والسعادة التي تُصاحبه ومشاعر الأُنس والسكينة بالمحبوب، ثمَّ أخيرًا مشاعر الفراق والحزن على فقده.
اللغة: لا كلام على لغةِ جبران في هذا الكتاب، مثل ماسبق من كتبه، فهي لغة قوية تنضحُ بالجمال والتشبيهات الرائعة والأوصاف الجميلة، وهو أكثر مايعجبني في كتابته؛ حيث تستمتع وأنت تقرأ هكذا معاني قوية موصلة بلغة رقيقة كهذه.
ليست كذبة هذه القصة ، هذه الكلمات ومعناها العميق .. فلسفتهُ وحبه للمرأة التي أحبها .. ضاع جبران بين أحضان سلمى .. ومكث وفيًا لها رغم زواجها من ذلك الرجل الذي يملك مالًا ولا يملك بعضًا من دفء قلب الرجل ..
وماتت وهي على أمل أن تحظى بالآمان من طفلهِا .. فأخذها معها ..
يحكي جبران عن علاقته بسلمى كرامة و هي رواية مستوحاة من قصته الحقيقية ... لكن ما لفت انتباهي طوال هذه الرواية هي معاناة سلمى أكثر من حب و معاناة جبران . كان والد سلمى يبقيها في القصر .. تزوجت من رجل لا تحبه لانه طمع في أموال أبيها .. قد تتساءل و لماذا وافق أبوها من الأساس .. كان هذا الرجل هو ابن أخ المطران و كيف لأبوها أن يرفض طلبه بزواج ابنته .. لكان عارا رافقه طوال حياته (يظهر هنا تسلط رجال الدين في هذه الفترة ) مات أبوها و تركها مع جبران و بعلها (زوجها) كانت تلتقي جبران في هذا المعبد الذي رسم عليه صورتان إحداهما للمسيح المصلوب و إحداهما لعشتروت (إلهة الحب عند الكلدانيين ) و استوقفتني هذه السطور التي مضمونها أنه اذا رآهما الناس لإتهموا سلمي بالخيانة و كيف لهم أن يفعلوا و هي لا تحب زوجها و لا زوجها يحبها فعن أي خيانة يتحدثون ..! حبلت سلمى بعد خمس سنوات من الزواج و مات إبنها بعد ساعات من ولادته و تبعته سلمى و كأنه يقودها إلى الطريق الذي سيذهبون إليه . لم أستطع الحكم على قصتها بالخيال و المبالغة بالكآبة لأني حقا لا أعرف ما هي الأجزاء الحقيقة و ما هي التي ألفها جبران . أوليس من الظلم الحكم على هذه المعاناة التي قد تكون حقيقية بالمبالغة ؟ و لكني شعرت بالشفقة على هذا المراهق و هذه الفتاة الذي إنتهى حبهما الأول بموت إحداهما و قنوط و كآبة الآخر و إن كان وصفي غير دقيق لأحداث الرواية.
رواية تناقش أسوأ القضايا المتفشية في مجتمعنا بالكلمات العذبة وجمال العبارات ورقة المشاعر .. كأس مذهبة من الخل والعلقم ... حياة سلمي كرامة محبوبة جبران ولكن القدر قد اختار فصلهما مسبقا لتسير سلمي في طريق الحزن والتضحية وقلة الحيلة .. رحلت سلمي وتركت لنا قصة حياتها .. قصة تناقش استخدام الدين كسلطة وانعدام ضمائر البعض في استغلاله لزيادة ثرواتهم وتوسيع نفوذهم ، الزواج القسري للفتيات تحقيقا لرغبات وأطماع الآخرين ... رحلت سلمي وظل جبران يراقبها في صمت مشاركا إياها حزنها حتي عند موتها كان هو الوحيد من ارتمي علي قبرها يبكي ... n n
'' ان الانسان و إن ولد حراً يظل عبداً لقساوة الشرائع التي سنها آباؤه واجداده '' هل تُكمِن مشيئة الله في ابعاد المحبين عن بعضهم البعض ؟! ام ان العادات والتقالد التي وضعوها اباؤنا واجدادنا قبل مئات السنين هي الي تحكم على المتحابين بالموت المؤبد بسبب الفراق ؟! و كم من القوة اللازم وضعها في قلب حبيب لكي يحتمل بـعد حبيبته عنه وزواجها من غيره
آآه يا جبران.. ما فعلتَ بي؟ هذه الرواية سحر سحر! أول تجربة لي مع جبران خليل جبران.. لم أكن أقرأ كلامًا عاديًّا، لقد كان كلامًا استثنائيًّا لرجلٍ استثنائيٍ عظيم! الوصف، التصوير، والتشبيهات رهيبة! كل حرفٍ فيه قد مسَّ أعمق نقطةٍ منّي، والنهاية فطرت قلبي، رواية اسثنائية بالفعل.. أعتقد بأنني سأظل تحت تأثير هذه الرواية لمدة طويلة جدًّا.. وكيف يبطل تأثيرُ سحرٍ كهذا؟ جبران خليل جبران، أشعر أنّ الكلمات لا تكفي لوصف رجلٍ مثلك.. أردت أن أقتبس من الرواية، فوجدت أنني اقتبست الكتاب برمته تقريبًا! كل حرف فيه كان مؤثر.. هذا الإنسان عبقريّ عبقريّ.. بالتأكيد، من أفضل الروايات التي قرأتها على الإطلاق.