...
Show More
لقد اقتنعت بعد هذا العمل بأنّ الكتابة لا تقتضي الكثير من المُتطلّبات لمُمارستها أو حتّى اتقانها، فدائمًا ما أضع صورة محفوظ -وهو من الكُتّاب المُفضّلين لدي بالمُناسبةّ- وهو في القهوة الشعبيّة التي تعمّ بالناس والكلام، ينظر حوله فتلهمه الأحداث والقصص التي من حوله، فتأكله يده وتنشأ لديه غريزة الكتابة، إلى أن وصل إلى نوبل!
ولست بصدد تفصيل الحياة المحفوظيّة هنا بقدر ما أريد الحديث عن شقيقه في الجائزة "سارماجو" فقد وَلَدَ هذه الرواية العبقرية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، رواية جنونيّة تضعك تحت تأثير الشك، أو لربما تُصوّر الخيط الرفيع بين الإمتلاك والفُقدان.
لم يكن لساراماجو الكثير من الإمكانيّات إلا قلم ومُخيّلة عظيمة، كان من قرية فقيرة، ووالداه أُمّيان لا يفقهون في القراءة ولا الكتابة شيئًا!
ساراماجو الذي لم يجلس على مكتب للأعمال الورقية إلا بعد ٤٠ عاماً من المعاناة، ولم ينل شهرته إلا بعد الستين، وأصبح مدوناً على الإنترنت وهو في الخامسة والثمانين من عمره!
أعود فأقول أنّها رواية عبقرية، ليس لأنّ الفكرة فقط فريدة من نوعها، بل لأنّه قد تمكّنت من أدق التفاصيل، التفاصيل التي تُثير عقلك وتُدهشك لتقول "كيف فعل هذا!"
هل تخيّلت يومًا أن يكون العمى مرضًا مُعديًّا، يتناقله الناس بالتلامس أو حتى عن بعد إذا كانوا على مسافة لا بأس بها، أم يمكنك التصور أنّ مدينة كاملةً يفقد أفرادها بالكامل حاسّة البصر، إنها حالة مأساويّة دون شكّ، فسترى سلوكيّات ثانويّة تخرج من "فسيولوجيا" الإنسان تساعده قليلًا وتدعم عدم نظره، تظهر مهارات جديدة، وتكون اليقظة لديه في أعلى مستوياتها، بل أعلى كثيرًا مما ينبغي!
هذا العمل دخل ضمن مُفضّلاتي هذا العام، الترجمة مُمتازة وأكثر من رائعة وأنا هنا أشكر المُترجم "محمد حبيب" على المُتعة التي أعطانيها بسبب لغته الإنسيابيّة في عمله هذا،
أخيرًا ساراماجو كان بمثابة اكتشاف عظيم بالنسبة إليّ، حتمًا سألقاه مرّات في أعمل أخرى.
يقول في آخر العمى :
"لماذا عمينا، فربما نكتشف الجواب ذات يوم، أتريد أن أخبرك برأيي.
نعم أخبرني..
لا أعتقد أنّنا عمينا، بل أعتقد أنّنا عميان، عميان يرون، بشر عميان يستطيعون أن يروا، لكنهم لا يرون"
ولست بصدد تفصيل الحياة المحفوظيّة هنا بقدر ما أريد الحديث عن شقيقه في الجائزة "سارماجو" فقد وَلَدَ هذه الرواية العبقرية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، رواية جنونيّة تضعك تحت تأثير الشك، أو لربما تُصوّر الخيط الرفيع بين الإمتلاك والفُقدان.
لم يكن لساراماجو الكثير من الإمكانيّات إلا قلم ومُخيّلة عظيمة، كان من قرية فقيرة، ووالداه أُمّيان لا يفقهون في القراءة ولا الكتابة شيئًا!
ساراماجو الذي لم يجلس على مكتب للأعمال الورقية إلا بعد ٤٠ عاماً من المعاناة، ولم ينل شهرته إلا بعد الستين، وأصبح مدوناً على الإنترنت وهو في الخامسة والثمانين من عمره!
أعود فأقول أنّها رواية عبقرية، ليس لأنّ الفكرة فقط فريدة من نوعها، بل لأنّه قد تمكّنت من أدق التفاصيل، التفاصيل التي تُثير عقلك وتُدهشك لتقول "كيف فعل هذا!"
هل تخيّلت يومًا أن يكون العمى مرضًا مُعديًّا، يتناقله الناس بالتلامس أو حتى عن بعد إذا كانوا على مسافة لا بأس بها، أم يمكنك التصور أنّ مدينة كاملةً يفقد أفرادها بالكامل حاسّة البصر، إنها حالة مأساويّة دون شكّ، فسترى سلوكيّات ثانويّة تخرج من "فسيولوجيا" الإنسان تساعده قليلًا وتدعم عدم نظره، تظهر مهارات جديدة، وتكون اليقظة لديه في أعلى مستوياتها، بل أعلى كثيرًا مما ينبغي!
هذا العمل دخل ضمن مُفضّلاتي هذا العام، الترجمة مُمتازة وأكثر من رائعة وأنا هنا أشكر المُترجم "محمد حبيب" على المُتعة التي أعطانيها بسبب لغته الإنسيابيّة في عمله هذا،
أخيرًا ساراماجو كان بمثابة اكتشاف عظيم بالنسبة إليّ، حتمًا سألقاه مرّات في أعمل أخرى.
يقول في آخر العمى :
"لماذا عمينا، فربما نكتشف الجواب ذات يوم، أتريد أن أخبرك برأيي.
نعم أخبرني..
لا أعتقد أنّنا عمينا، بل أعتقد أنّنا عميان، عميان يرون، بشر عميان يستطيعون أن يروا، لكنهم لا يرون"