هذه الكلمة تكفي لوصف الكتاب
جحيم جورج اورويل على الأرض in practice
يقول البرت اينشتاين 'The more I learn, the more I realize how much I don't know.
كلما قرأت أكثر ازددت جهلا
أيعقل أن كل ما في الكتاب حقيقي؟! يا لسذاجتي
ملحمة بجعات برية تؤرخ لصين القرن العشرين من خلال أجمل سيرة ذاتية يمكن قراءتها.
تبتدأ يونغ شانغ من حيث توقف ويل ديورانت في قصة الحضارة: الشرق الأقصى الصين.
تتبع حياة أجيال ثلاث، جدتها وأمها وهي. ولأن والديها كانا مسؤولين في الحزب الشيوعي، وهي كانت من الحرس الأحمر، وجدها كان جنرال حرب، فسنتعرف على الأحوال السياسية والاجتماعية والاقتصادية للبلاد.
لكنها تفيض إنسانية ورقة.
لكأنك تقرأ تاريخ أسرتك أنت.
كم تختلف حياتهم، عائلة غير عادية في بلد غير عادي بالمرة، أعتقد أن القرن العشرين كان الأكثر صخبا في تاريخ الصين.
الايام الاخيرة للامبراطورية الصينية ثم الكومنتانغ ثم الاحتلال الياباني ثم الحرب الأهلية ثم الجمهورية الشعبية، الاصلاح الزراعي والطفرة الكبرى للأمام، والمجاعات والثورة الثقافية ..
بلد يغلي بالأحداث
كم تأثرت بوالد يونغ شانغ، رجل المبادئ في بلاد نسيت المبادئ.
نشاهده شابا حالما بتغيير الصين وإنهاء الفقر، الحزب الشيوعي طريقه لتحقيق الحلم، ولما يصير مسؤولا رفيعا، يكون مضربا للمثل في الأمانة وتحمل المسؤولية، لكن الحزب سيتخلى عنه، الحزب في الثورة الثقافية ليس له صاحب
يعترض على ماو بصوت عال
وهنا الكفر
يذوي شيئا فشيئا
يؤمر بحرق كتبه التي هي كل ثروته
يصاب بالجنون
قصته تمزق القلب ولاتنسى
يذوي شيئا فشيئا بعد أن فقد كل شيء
وهو الذي خدم الحزب والثورة والصين بروحه وجسده
وتشاركنا يونغ شانغ تجربتها النفسية في ظل الفاشية
أجمل ما في الكتاب، وهو بالذات ما ستبرع يونغ شانغ في حكايته أكثر من غيرها من الكتاب.
نشأت يونغ شانغ على "عبادة" ماو- الأخ الأكبر نسخة الصين، درست مقالاته في المدارس، حفظت نصوصه، عملت مع كل الصينين في جمع الفولاذ لتحقيق رؤاه المتطرفة، ثم ما فتأت أن انضمت للحرس الأحمر في الثورة الثقافية لتكون مجندة ماو بشكل رسمي، ما الذي تتوقع غير ذلك؟
حرم عليها الاتصال بالأجانب أو قراءة غير ما هو مسموح من الكتب، نالت وجباتها في مطاعم شعبية وليس في جو أسري "برجوازي" تمنعه الثورة، لم يكن والداها متواجدين أغلب الوقت.
لم تشك قط في ماو
لكن مع خروجها من الطفولة العمياء، تبدأ تلاحظ، تفتح عينينها، وشيئا فشيئا ،ببطئ وحذر شديدين، يبدأ الشك، ويتصدع السور في نفسها.
يشارك ملايين الصينيين يونغ شانغ في التجربة هذه، نحن نطلع هنا على حياة جيل كامل في ظل ظروف لا ترحم.
نلاحظ في الكتاب، تلك النبرة المشمئزة من كل ما هو صيني، لكنها بالذات هي ما يميز صينيي القرن العشرين والثورة. من الطبيعي أن لاتتوقع كتابة خالية من الانحيازات بعد كل التجارب القاسية التي عاشتها العائلة نموذج المجتمع الصيني.
قراءة التاريخ بشكل قصة إنسانية لهي أفضل طريقة للفهم والمشاركة الوجدانية.
نعرف أن الصين ازدهرت وانطلقت بين دول العالم المتقدم بشكل إعجازي في ظل الماوية، وماو يبدو عظيما من الخارج، لكننا لن نعرف القصة كاملة حتى نسمع من الصينيين أنفسهم كيف كانت الحياة، لا من السياسيين المدفوعين.
أضمه لفئة الكتب ذات الأثر المدوي في النفس
واجب القراءة
هذا كتاب تقرؤه لتفهم الدنيا
مرة بعد مرة
لتعرف الحدود القصوى لما يمكن لحكومة فعله
لتسمع قصة أخفيت بحذر
وتستلهم مع جورج أورويل ما يخبؤه المستقبل..