نجيب محفوظ قادر إنه يصيغ روح الحارة الحقيقية في كلمات مع شئ من العظة والفلسفة بطريقة مثيرة للدهشة، وكإنك من أهل الحارة وفي نفس الزمن وعايش واقع الحكايات. السرد جميل ومبهر والحقيقة إنه القراءة للعم نجيب بقت إدمان خلاص.
الحكايه 77: اني كائن بين ملايين الكائنات المنظوره وغير المنظوره في كره ارضيه تهيم وسط مجموعه شمسيه لاسلطان لي عليها والمجموعه ضائعه في سديم هائل والسديم تائه في كون لا نهائي وان الحياه التي انتمي اليها مثل نقطه الندي فوق ورقه شجر فارعه وان علي ان اسلم بذلك كله ثم اعيش لاهتم بالاحزان والافراح لذلك لا اتمالك نفسي من الضحك
There is this common belief that the secret of longevity in some parts of Italy is people living in tight communities. Since millions of years, we have been exposed and thrived by co-existing with our kind, relatives, friends and other people of the tribes. It also has a logical sense to it, living on its own used to mean increased susceptibility to death by predators and other perils. Nowadays when external threats are not as prevalent, living in tight communities brings the perceived value added of a feeling of belonging, and a bunch of good hormones for the overall health are secreted in the frequent interactions with the community members.
Despite these clear advantages, it is a given one renounces privacy when they deciding to be part of a tight community. People are curious and want to know everything about everyone. And this book is an inventory of people’s lives and their stories. Having visited it 3 years ago as a tourist and being shocked by the way cars navigate its insane traffic, finishing this book was a nice way to get to know Cairo a bit more intimately. It is not my first Arab world book, so a lot of habits and traditions were already familiar, however, I do think that it is a very good manner of being immersed into this particular culture.
I read the French translation of this book and was impressed by the flow of the writing, and the subtle humour that pierces through its pages. Later realised it is actually noble prize winning author.
- ماذا يضحكك؟ فيجيبني وهو لا يكف عن الضحك: تذكرت أنني طالب بين طلبة متنافسين، في مدرسة تجمع بين طلبة الأزقة المتخاصمة، في حارة وسط حارات متعادية، وأني كائن بين ملايين الكائنات المنظورة وغير المنظورة، في كرة أرضية تهيم وسط مجموعة شمسية لا سلطان لي عليها، والمجموعة ضائعة في سديم هائل، والسديم تائه في كون لا نهائي.. وأن الحياة التي أنتمي إليها مثل نقطة الندى فوق ورقة شجرة فارغة، وأن عليَّ أن أسلم بذلك كله ثم أعيش لأهتم بالأحزان والأفراح، لذلك لا أتمالك نفسي من الضحك.
هذه الرواية، أو المتتالية القصصية هي التجلي المحف��ظي لعبق الحارة وسحر حكاويها، ولثرثرته الفاتنة التي تأخذك بين ثناياها فلا تمتلك غير الإعجاب. 78 حكاية، تجد نفسك في دهشة لهذه الطاقة السردية التي لا يُمكن أن يمتلكها سوى نجيب محفوظ. الحكايات تحدثّت عن كل شيء، وتنقلّت بين عوالم وشخوص متباينة؛ حيث السياسة والفتونة والحب والتكية والموت!
لا اعتقد بأن هذه القصص حقيقية ولو أنها تحدثت عن مواقع معروفة في القاهرة وحالات رأيناها في الافلام وربما بعضها (اذا أُخذت على محمل الجد) قد تكون صحيحة مثل الفتوة والفقر والحواري المزدحمة والمخدرات وغيرها مما ذكر في قصص او حكايات هذا الكتاب.
لنفترض بأن الحكايات خلقت من عقل الكاتب؟ فماذا يقصد بها ؟ هل هو ينتقد المجتمع المصري؟ او ربما ينتقد كل المجتمعات لان الصفات المذكورة قد تشمل كل البلدان في العالم! فهناك الجهل والفقر والقتل والغيرة والحسد وكل ما يرنو بالنفس البشرية من افعال متدنية ومزعجة الى درجة نكران الحالات الاصيلة لشعورهم بأن هذا الانسان ربما يهذي.
قد تحدث هذه القصص في كل المجتمعات ولكنها قد تكون من نسج خيال الكاتب وقد استخدمها مخرجي الافلام ليأطروا بها افلامهم. ولكن لا بد ان اتخيل النجيب وعبقريته! كيف بإنسان ان يعلم خفايا النفس البشرية الى هذا الحد؟ عجيب امر هذا النجيب.
اقتباسات:
لا تخش أن یأخذ الناس الحیاة مأخذ العبث إذ إنها أمانة ملقاة علىنا، ولا مفر من حملها بكل جدیة وإلا هلكنا.. وإذا أمكن أن ُیوجد أحیانا أمثال الخّیام وأبي نواس فإنما یوجدون لا بفضل فلسفتهم ولكن بفضل الجادین الكادحین الذین یقومون بحمل الأمانة عنهم، ولو اعتنق الجمیع مذهب العبث فمن یصنع لهم الخبز والخمر والریاض؟ وإذن فلا تخش أن یأخذ الناس الحیاة مأخذ اللهو إن وجدوا أنفسهم في عالم بلا إله! لا مفر من الجدیة، ومن الإبداع، ومن الأخلاق، ومن القانون، ومن العقاب، وقد یستعینون أیضا بالعقاقیر الطبیة لمقاومة الضعف في السلوك والتفكیر كما یستعینون بها في مقاومة الأمراض، وسیفعلون ذلك بإصرار، ولن تهن عزیمتهم بسبب أنهم بجدون أنفسهم في سفینة بلا مرشد في بحر بلا شطئان في زمن بلا بدایة ولا نهایة، ولن تختفي البطولة ولا النبل ولا الاستشهاد
تذكرت بأني طالب بين طلبة متنافسين، في مدرسة تجمع بين طلبة الازقة المتخاصمة ،في حارة وسط حارات متعادية، وأني كائن بين ملايين الكائنات المنظورة وغير المنظورة، في كرة ارضية تهيم بين مجموعة شمسية لا سلطان لي عليها، والمجموعة ضائعة في سديم هائل، والسديم تائه في كون لا نهائي، وان الحياة التي انتمي اليها مثل نقطة الندى فوق ورقة شجرة فارعة،وإن علي ان اسلّم بذلك كله ثم اعيش الهام بالاحزان والافراح، لذلك لا اتمالك نفسي من الضحك.
متتالية قصصية لها وحدة المكان وهو الحارة مهد نجيب محفوظ ووحدة الزمان وهي طفولته. قصص قصيرة تلقي الضوء على الحارة والحياة الاجتماعية بها في ذلك الوقت. طبعاً أسلوب نجيب محفوظ عذب لا خلاف في ذلك.
في ثمانية وسبعين حكاية يأخذ عم نجيب محفوظ القارئ في صحبته إلى أجواء الحارة القديمة ليقرِّبه من أجواءها، ويعرِّفه على أُناسها وعاداتها وتقاليدها، ثم يسبح القارئ بعد ذلك في أرجاء الحارة فتُعبب نفسه وتطيب عينه بينما تنساب الحكايات من أمامه في سلاسة على شاشةِ صفحاتٍ كتبها العظيم عم نجيب محفوظ.
الحكايات بسيطة إلى حد كبير في التعبير ولكنها أعمق ما يكون في الفكرة والهدف والمضمون، وأكثر ما يميزها صدقُ التعبير، وقد أحسست أن الحروف تنساب وتتجمع كالماءِ مكونة كلمات في عقل عم نجيب، فيزخرفها ويصيغها للقارئ في صورة حكايات عظيمة.
أعجبتني كل الحكايات ولكن بالأخص الحكاية رقم 73 وجزءًا من الحكاية رقم 77، وسأذيلهما في نهاية المراجعة، وبعد قراءتي لهذه الرواية إضافة إلى رواية قلب الليل وجزءٍ من رواية حضرة المحترم لا أُنكر أن نجيب محفوظ سحرني بعالمه الفلسفي المدهش، وكتاباته العميقة المؤثرة التي يتخلل فرائصها الأهداف الإنسانية الجميلة، والتقييم للرواية: 8 من 10.
الـحـكـايـة رقـم 73:
«أريد أن أصوّر لك حقيقة لا شكّ فيها. فيسأله أبي ساخرًا: ألا تؤمن بالله؟ فيبتسم قائلًا: بلى، لا حيلة في ذلك. ثم يواصل حديثه: ولكنه لا يتّصل بي وأنا عاجز عن الاتصال به، بيننا صمت قاتل وأرى في الحالة شرًّا لا تفسير له، وأرى في الطبيعة عجزًا ونقصًا، ولا أفهم لذلك معنى، فلم أشكّ في أنّه -سبحانه-قرّر أن يتركنا لأنفسنا، بلا اتّصال وبلا عنايه... ويصارحه أبي بأنّه يجدّف تجديفًا خطيرًا، ولكن الدهشوري يستمر قائلًا: وإذن فالإيمان بالله يقتضي الإيمان بتجاهله لعالمنا، كما يقتضي مننا الاعتماد الكلّي على النفس وحدها. وسأله أبي غاضبًا: أتتخيل حال الناس لو آمنوا بفكرتك؟ - لن يكونوا أسوأ ممّا هم بحال من الأحوال وثمّة أمل بأن يكونوا أحسن. ثم يشرح فكرته قائلًا: لا تخشَ أن يأخذ الناس الحياة مأخذ العبث إذ أنها أمانة ملقاة علينا، ولا مفرّ من حملها بكلّ جدّية وإلّا هلكنا، وإذ أمكن أن يوجد أحيانًا أمثال الخيّام وأبي نوّاس فإنّما يوجدون لا بفضل فلسفتهم ولكن بفضل الجادّين الكادحين الذين يقومون بحمل الأمانة عنهم، ولو اعتنق الجميع مذهب العبث فمَن يصنع لهم الخبز والخمر والرياض؟، وإذن فلا تخشَ أن يأخذ الناس الحياة مأخذ اللهو إن وجدوا أنفسهم في عالم بلا إله، لا مفرّ من الجدية، ومن الإبداع، ومن الأخلاق، ومن القانون، ومن العقاب، وقد يستعينون أيضًا بالعقاقير الطبية لمقاومة الضعف في السلوك والتفكير كما يستعينون بها في مقاومة الأمراض، وسيفعلون ذلك بإصرار، ولن تهن عزيمتهم بسبب أنّهم يجدون أنفسهم في سفينة بلا مرشد في بحر بلا شطئان في زمن بلا بداية ولا نهاية، ولن تختفي البطولة ولا النبل ولا الاستشهاد. ويتريّث قليلًا متسامحًا مع غضب أبي وسخريته ثمّ يستطرد: وذات يوم سيحقّق الإنسان نوعًا من الكمال في نفسه ومجتمعه، وعند ذاك، وعند ذاك فقط، ستسمح له شخصيّته الجديدة بإدراك معنى الألوهيّة وتتجلّى له حقيقتها الأبدية... ويتواصل النقاش حتى ينال منهما التعب، ثمّ يتساءل مصطفى الدهشوري باهتمام: كيف يمكن أن أنشر أفكاري في حارتنا؟ فيقول له أبي بحدّة: أهل حارتنا غارقون في هموم الحياة اليوميّة، يطحنهم الفقر والجهل والبطش والعداوة. - ولكنها مشكلات لا تحلّ الحلّ الأمثل إلّا بأفكاري؟ أهل حارتنا لا يفهمون إلّا لغة واحدة هي اللغة المشتقّة من همومهم، الحاوية لعذاباتهم، المقدسّة بأوراد الكائن المرجوّ عند الشدّة الذي تريد أن تنزعه من قلوبهم.»
جـزء مـن الـحـكـايـة رقـم 77:
«أنور جلال جالس على سلّم السبيل الأثريّ وهو يضحك عاليًا. أنظر إليه فيخطر لي أنه سكران أو مسطول فأمضي نحوه وأجلس إلى جانبه ثم أسأله: ماذا يضحكك؟ فيجيبني وهو لا يكف عن الضحك: تذكرتُ أنّني طالب بين طلبة متنافسين، في مدرسة تجمع بين طلبة الأزقّة المتخاصمة، في حارة وسط حارات متعادية، وأنّي كائن بين ملايين الكائنات المنظورة وغير المنظورة، في كرة أرضيّة تهيم وسط مجموعة شمسيّة لا سلطان لي عليها، والمجموعة ضائعة في سديم هائل، والسديم تائه في كون لا نهائيّ، وأنّ الحياة التي أنتمي إليها مثل نقطة الندى فوق ورقة شجرة فارعة، وأن عليّ أن أسلّم بذلك كله ثمّ أعيش لأهتمّ بالأحزان والأفراح، لذلك لا أتمالك نفسي من الضحك. فأضحك معه طويلًا حتّى يحدجني بنظرة ساخرة ويسألني: هل تضمن أن تشرق الشمس غدًا؟ فأقول بثقة: أستطيع أن أراهن على ذلك. فيقول وهو يضحك: طوبى للحمقى فهم السعداء.»