...
Show More
بعدما أنتهي من إحدى ملاحم نجيب محفوظ، أعجز عن إيجاد الكلمات لمراجعتها، وأبحث طويلًا عن الأفكار فتتلاشى، ولكن هناك دائمًا من الثوابت ما يبقى، لم يقدم أحدًا حديثًا عن الحارة أو بلسانها أفضل من نجيب محفوظ. وإن تحدثنا عن القصة القصيرة - التي أعتقد أن حكايات حارتنا هي تجربتي الأولى مع نجيب محفوظ - فالحق أنه برع فيها محدثًا هذا التزواج بين القصة القصيرة (النوادر) والحارة. كان معلمي الكاتب "ممدوح رزق" يردد علينا دائمًا أن براعة خلق القصة القصيرة تكمن في ما قل من الكلمات وما حملت تلك الكلمات القليلة من أحداث ومعانٍ وتأويلات. وهنا، لم تتعدى أي من نوادر حارتنا الصفحتين على الأكثر، بالإضافة إلى تلك الخاتمة اللي تُنهى بها كل نادرة والرابطة اللي تجمعهم جميعًا وهي (الراوي والحارة ذاتها).
***
"وتعلمني الخبرة مع الأيام أن حارتنا تقدس طائفتين: الفتوات والبلهاء!
وتحوم أحلام صباي حول الطائفتين.
أحلم حينًا بالفتونة وجلالها.
وأحلم حينًا بالبلاهة وبركاتها!"
"أهل حارتنا لا يفهمون إلا لغة واحدة هي اللغة المشتقة من همومهم، الحاوية لعذاباتهم، المقدسة بأوردة الكائن المرجو عند الشدة الذي تريد أن تنزعه من قلوبهم."