فانتازيا نجيب محفوظ .. بره الحالة .. بره الزمان

(مات كثيرون فشبعوا موتا، وولد كثيرون لا يشبعون من
الحياة. هبط من الأعالي قوم وارتفع من القعر قوم، أثرى أناس
بعد جوع وتسول آخرون بعد عز، وفد على مدينتنا عدد من
أخيار الجن وأشرارهم…)

جميلة ومُلهمة .. تصب جميع حكاياتها في حكمة واحدة وهي
إن الإنسان حرًا فيما يختار وهو مسئول عن اختياره .. وكلٌ مُحاسَب على فعله

n  

"إن شر ما يبتلى به الإنسان أن يتوهم أنه إله."

n
n  n

يستلهم نجيب محفوظ من ليالي ألف ليلة وليلة روايته هذه التي يأخذنا فيها إلى عالم السلطان شهريار بعد أن قرر أن يتوقف عن بطشه بالفتيات العذراوات وقتلهن. رواية مليئة بالحكايات العجائبية التي تتخذ من الحي عالمها، ومن الحي كذلك تُبنى شخصياتها.

لا يغيب عن ذهن القارئ بأن نجيب محفوظ ينتقد فيها الحكم الاستبدادي وفساد الحكّام وقيم الحرية التي إن غابت اهتز العالم واختل.

رواية بديعة ذكية.

n  

"عجيبة هذه السلطنة بناسها وعفاريتها.. ترفع شعار الله وتغوص في الدنس!!"

n
n  n

....

أول مرة أحس ان خمس نجوم مش كفاية! ♥️

أول قراءة لأعمال الأديب الكبير نجيب محفوظ بعد إنقطاع دام سنوات
تسببت فيه روايته الأشهر أولاد حارتنا ولا أنكر إنها كانت بداية خاطئة مني . أن أبدء له بهذا العمل الشائك
ليالي ألف ليلة ..
قد تبدو لك الرواية في البداية وكأنها نفس النص الأصلي لحكايات ألف ليلة وليلة بمذاقها الإبداعي الشعبي وسحرها الشرقي الذي أرتبط معنا بليالي رمضان ولكنك ستنتهي من هذه التحفة بقلم محفوظ لتدرك إنها نص مختلف تماماً مشبع بعبقريته وإبداعه
في اللغة والسرد والأحداث العجيبة والغريبة وفلسفته الراقية وإسقاطاته التي مزجت هذا الموروث الشعبي بعالمه العجيب والماورائي بالواقع الإجتماعي والسياسي ومهازل الحكم فيه وصراع الخير والشر
الصراع بين قمة الفجور وقمة التقوى بقلب راجل واحد بأسلوب حكي بالغ الدقة والروعة
مهما حاولت أن ألخص روعة هذا العمل وما بداخله من رسائل وأدبيات لم أقابلها في أى عمل آخر لن أستطيع
رواية كُتبت لتُدرس وليس لتُقرأ فقط ...

كنت أتصور أني توقفت عن الانبهار مع نجيب محفوظ ، لكنه مصمم على أن يجعلنى مخطئا دائما.

هذا عمل عبقري هذا أقل ما يمكن أن أقوله عنه

دائما ما كانت ألف ليلة وليلة منبعا لحكايات اللاحقين فهي منبع ضخم للحكايا والشخصيات وحاول الكثيرون استنطاقها كما فعل عبدالفتاح كيليطو مثلا ، لكن نجيب محفوظ هنا يستنطق الشخصيات نفسها .

تخيل أنت تقرأ قصة ما فتجذبك الشخصية نفسها ، تخرجها من مسار القصة، ثم تبدأ في رسم عالمها المتكامل ، ترسم حياتها الاجتماعية ، توجهاتها ، ميولها . هذا ما فعله نجيب محفوظ.

نجيب من الشخصيات التي تحب أن تظهر التباين البشري في أضيق نطاق ممكن. لذا فدائما ما كانت الحارة هي ميدانه ، تلك المساحة الصغيرة التي تنطق بالتنوع البشري ، ثم أصبحت العائلة هي محوره ويظهر تباينها في أجيالها ليظهر لك أن البشر بطبعهم مختلفون عن بعضهم البعض لا يتشابه أحد ولكل منهم مساره حتى بداخل العائلة الواحدة فتجد التقي وتجد الفاسق وتجد المجنون وتجد القاتل ، ها هنا جعل ميدانه عالم الغرائب في ألف ليلة وليلة فتجد شخصيات السندباد وشهريار وشهرزاد وعلاء الدين ومعروف الاسكافي ماثلة أمامك باختياراتها وارائها ونزعاتها النفسية ، جعل من تلك الشخصيات السطحية عالما ثلاثي الابعاد يضج بالافكار والاختلافات فرسم لك عالما موازيا عبقريا .

في تلك الرواية الكل شهريار ، قلما تجد أحدا فيهم نقي ، فكلهم موصومون يتنازعهم الخير والشر ولكنهم ينتظرون فقط وقت الاختبار الحقيقي ، تجد ذلك التاجر التقي الذي ما أن يوضع في ضغط ما فتجده يرتكب جريمة بشعة كالاغتصاب والقتل ، وذلك الثوري المتدين الذي ما أن يوهب " طاقية الاخفاء " ويأمن على نفسه من ألا يراه أحد فيرتكب أفظع الجرائم .

كانت شهرزاد ترى في شهريارها التائب ظلا لمجرم اعتاد قتل العذارى ، فيخبرها نجيب أن كلنا يحمل بداخله شهريار ولكنه ينتظر وقتا محددا ليخرج فقط وكأن البشر موصومون بخطيئة آدم فعزّ عليهم النقاء. كما جاء في القصة الأخيرة لشهريار الذي قضى عليه فضوله " الخطيئة الأولى " بأن يخرج من جنة سعادته لأرض شقائه .

شخصية الشيخ البلخي هي النموذج الأعلى والنقي من البشر، تلك الشخصية القانعة الرائعة التي تجعلك مشدوها امام كلماتها وصبرها ، هي الشئ المضي الوحيد في تلك المدينة الموصوفة.

رفقا بنا يا نجيب فقد تعبنا .

قرر أن نجيب محفوظ أن عالم شهريار و شهرزاد لم ينتهي بعد ، هناك في جبعته المزيد ...
لكن ليس عند شهرزاد و حكاياتها ، بل عن المملكة ..
مملكة شهريار و رعايه ، قصص رجال السلطة و المال و الفقراء و الحكماء ..
قصص عن الحب و القبح و الرغبة و الشهوة و الطمع و الخيانة و الجنون
عن الجن المؤمن ، و الجن الكافر .
كل فصل من فصول الكتاب تناول قصة رجال من السلطة و السلطان أو الأثرياء أو الفقراء .
أما القصة الأخيرة ذات التسع صفحات ، فهي تستحتق مكتاب منفردًا بها ، البكاءون
الذين اختاروا العيش في الماضي ، و البكاء علي ما فقدّ .. هذه القصة قد أشعلت حربًا في عقلي !
يا عم نجيب ، كيف لك أن تخبرنا في تسعة صفحات من السحر أن علينا نترك الماضي و أن البكاء عليه لا فائدة منه ، و نصدق و نأمم و ربما نفعل .
أنا لا أملك أن أقول عنها ، أنها قطعة من السحر ، خلقت لتقرأ و تقرأ ثم تقرأ .

رواية عشت فيها عالماً مختلفاً عالماً من الخيال يعبق بالسحر، سحر الاسلوب وسحر الحكايا التي لا تخلو من الحكمة بين ثناياها، هنا يكمل نجيب محفوظ الليلة ما بعد الألف، يبدأها بعفو الملك شهريار عن شهرزاد ليتخذها زوجة له بعدما رضخ الملك واستكان ورجع إلى رشده، وقد شغفه حبها وروضته حكاياتها، فكف عن سفك دم العذارى.

فقصصنا هذه المرة ليست في حكايا شهرزاد وإنما في واقع ذلك العصر.. بالرغم من أن الحكايا كانت بعيدة كل البعد عن الواقع..!! كانت حكايا من الخيال تحكي قصص الإنسان مع العفاريت، قصص لن يصدقها عقل، قد صيغت بلغة راقية وفخمة، حكايات جعلتي أعيش ذاك الزمن في بساطته وفخامته أتنقل بين القصور الفخمة والممرات الواسعة انظر للجمال تارة وقبح النفوس تارة أخرى، وأرى الأرائك الملكية الزاهية بالنقوش، وحياة البسطاء في الأكواخ، أجول بين هيمنات النفس البشرية فأرى فيها من تحول الأشخاص والأحوال الشيء العجيب، ففيها من كان ذليلاً فصار عزيزاً في قومه وآخر عزيزاً قد ذُل، فارتفع قوم وهبط قوم لنرى غرائب وعجائب الأخبار وتحول الأحوال من حال إلى حال، لنعلم أن الزمن متقلب ولا يثبت على حال فلا نأمن، فتلك حال الدنيا وما اختلفت تلك الحكايات عنها إلا في الخيال.

كنت اترقب الأحداث بشغف .. حتى لا يمكنني توقع أو تكهن ما سيحدث فلم تكن معظم حكاياته بنهاية متوقعة.. استخدم المعجزة الخارقة لإنقاذ بعض أبطاله، اما اذا وجدتني انتظر معجزة فيكون عكس توقعي فإذا بها نهاية واقعية.. وقد تنقل من حكاية إلى حكاية بأسلوب سلس فقد تسلسلت الأحداث وترابطت الحكايات مع بعضها بشكل محكم، احببت اسلوبه وصياغته للكلمات، استطاع ان ينقلني إلى ذاك العصر بأسلوبه السلس وصياغته الفاخرة في وصف المكان والمعاني، فلا أملك إلا أن أعجب بأسلوبه.

ملاحظة: لا أنصح بقراءة رواية ألف ليلة وليلة التي تنسب لكاتب مجهول، قد قرأت بعض الصفحات منها ولم أكملها لأنها كانت بمثابة لطمة على وجهى وقد كنت في بدايتي في القراءة. أصفها برواية منحطة..

أما هذه الرواية فجميلة جداً ^^

“إذا سلمت منك نفسك فقد أديت حقها، وإذا سلم منك الخلق فقد أديت حقوقهم.”
― نجيب محفوظ,

شهريار، شهرزاد، الشيخ، مقهى الأمراء، صنعان الجمالي، جمصة البلطي، الحمال، نور الدين ودنيا زاد، مغامرات عجر الحلاق، أنيس الجليس، قوت القلوب، علاء الدين أبو الشامات، السلطان، طاقية الاخفاء، معروف الإسكافي، السندباد، البكاؤون

ليالى ألف ليلة لنجيب محفوظ بكل ما فيها من خيال مذهل وجن وعفاريت واختراق حواجز الزمان والمكان سيدهش جدا من هذه الإشارات العبقرية المضمنة فى النص التى تسمح بقراءات وتفسيرات غاية فى المعاصرة والاشتباك مع واقع الحياة السياسية والاجتماعية والفكرية فى مصر والعالم العربى كله زمن كتابة الرواية (أواخر السبعينيات ومطالع الثمانينيات من القرن الماضى).

يسأل محمد سلماوى نجيب محفوظ فى حواراته معه:
ـ قلت‏:‏ روايتك جاءت معاصرة جدا‏،‏ برغم احتفاظك بأجواء (ألف ليلة وليلة) والكثير من شخصياتها؟

ـ يجيب محفوظ‏:‏ إن نظرى دائما على الواقع فى كل أعمالى، مهما تكن الرواية تتحدث عن التاريخ، أو تستلهم التراث‏،‏ فالحاضر هو الذى يحركنى حتى وأنا أكتب عن الماضى».

تبدأ الرواية من حيث انتهت (ألف ليلة وليلة) الأصلية، بعد الليلة الواحدة بعد الألف، حيث من المفترض أن يتوقف مسلسل قتل العذارى بإعلان زواج شهريار من شهرزاد والعفو عنها بعد أن أسرته بحكاياتها التى يصفها شهريار بـ«حكاياتها السحر الحلال، تفتحت عن عوالم تدعو للتأمل».

وتنبنى الرواية هيكليا على مدخل يستعرض الشخصيات الأربعة الرئيسية، واثنتى عشرة حكاية فيها أبرز تيمات الليالى العجائبية والغرائبية، وخاتمة.

وخلال ذلك يحشد محفوظ شخصياته العجيبة الساحرة من الوزراء، والأعيان، والولاة، وقادة الشرطة، عدا بسطاء الناس ممن اجتمعوا فى «مقهى الأمراء» بالحارة الشعبية المعروفة فى مدينة العصور الوسطى الإسلامية، يُظللهم الجن والعفاريت!

تقيم «ليالى ألف ليلة» من «مقهى الأمراء» نموذجا للمجتمع الشعبى البسيط الذى يعج بآلام وأنات ساكنيه، ويعج بآمالهم وأشواقهم المخلوطة بعذاباتهم أيضا، ويجعل محفوظ من المقهى أو «حارة الليالى» الصورة المصغرة للعالم الأكبر، نرى فيها الماضى السحيق والحاضر القريب. تقول الكاتبة والمترجمة اليونانية المعنية بأدب محفوظ؛ بيرسا كوموتسى، فى كتابها عنه:

«فى أجواء أسطورية رائعة مستخرجة من نواة الشرق الحالم البعيد، فنان الكلمة العظيم يذهب بنا بالقرب من عالم التاريخ القصصى القديم، هذا الكتاب بالتحديد يحمل كنوزا أثرت فىّ وغيرت تماما وبدون أى مبالغة فكرتى عن العالم».

يا إلهي على العظمة!

بدايةً، الرواية رغم أن رسائلها واضحة وهادفة، إلا أن تفاصيل بعض قصصها لا تُناسب غير الكبار.

الرواية تتمثل بمجموعة من الأشخاص بمختلف المسميات والطبقات الاجتماعية، اجتمعوا بفعل واحد وهو أنهم نصبوا أنفسهم حكامًا للخير والشر والنوايا الكامنة وراء أي فعل يصدر من أي شخص، إلى أن يجدوا أنفسهم يفعلون ما استنكروا من أفعال غيرهم!
لذلك، الشخص الصالح لا أعتبره صالحًا حقًا حتى يُختبر ويكون في موضع يسهل عليه ممارسة أفعال مُنع و نُهي عنها دينيًا وأخلاقيًا بعيدًا عن الأعين، لأن الجوهر الحقيقي لا يتبدل بظهور "الفرصة"، والرواية زادت من قناعتي بهذا الخصوص.

النظرة الأولى للكتاب تُرى وكأنه عبارة عن قصص مجزأة، لكنها أحداث متسلسلة ومتداخلة ببعضها بطريقة سرد روائية ممتعة إلى حد ما، لا يتخللها الملل. وخلال قراءتي، غلب عليَّ طابع المفاجأة المتواجد في طريقة سرد الأحداث وتبدل أحوال الأبطال بشكل صادم.