...
Show More
السنة التي تقرأ فيها الاستشراق يجب أن تكون في أهميّة السنة التي تخرجت فيها، أو حصلت على أول عملٍ لك، أو تزوجتْ. سنة فارقة؛ لأن الكتاب يشكّل بالفعل علامة فارقة في قائمة القراءات.
يتناول الكتاب تحليل "خطاب" الاستشراق، وينقسم إلى ثلاثة محاور: نطاق الاستشراق، أبنية الاستشراق وإعادة بنائها، الاستشراق الآن. ثيمة الكتاب أو الفرضية التي يقوم عليها تتلخص في أن (الاستشراق مذهب فُرِض فرضاً على الشرق) وهو (جهاز ثقافي ينحصر في العداء والنشاط وإصدار الأحكام وفرض "الحقائق" والمعرفة).
بأسلوبٍ عميق، ونثرٍ آسر، ودقة لافتة يعرض سعيد تاريخ "التحيّزات" التي تكتسي طابعاً علميا زائفا، والرسائل المضمرة في الاستشراق، وتواطؤه المريب مع السلطة. وهو يكرر في صفحاتٍ كثيرة رفضه لتصوّر وجود جوهرٍ ثابت للشرق (أو حتى الغرب). (الاستشراق يقدم الشرق في صورة أنماطٍ ثابتة مجردة)، وبذكاء يلاحظ (الاختلاف المضمر والأقوى القائم بين المستشرق والشرقي، هو أن الأول يقوم بالكتابة، والثاني هو المكتوب عنه، والسلبية هي الدور المفترض للثاني، وأما الأول فيفترض فيه القوة التي تمكنه من الملاحظة والدرس وهلم جرا).
سيجعلك المؤلف في النهاية تنفر من لغة التعميمات الفضفاضة، والحشو والتطويل، والأحكام الساذجة، والصور الموغلة في السلبية، والقوالب الفكرية المغلقة، والمواقف العدائية المُغرِضة، وضيق الأفق.
إنه كتاب في (تهافت) الاستشراق، يمتاز بقدرة رهيبة على تفحص عيوبه ومساوئه، وسعيد يخلص إلى أن (الاستشراق رغم أوجه فشله، ورطانته المؤسفة، ونزعته العنصرية التي لا تكاد تخفى، وجهازه الفكري الهزيل، يزدهر اليوم. بل أني أرى ما يدعو إلى الانزعاج في انتشار تأثيره إلى "الشرق" نفسه، إذ تحفل صفحات الكتب والمجلات المنشورة بالعربية (وبلا شك باليابانية وشتى اللهجات الهندية وغيرها من اللغات الشرقية) بتحليلاتٍ من الدرجة الثانية يكتبها العرب عن "العقل العربي" وعن "الإسلام" وغير ذلك من أقوال في عداد الأساطير).
يتناول الكتاب تحليل "خطاب" الاستشراق، وينقسم إلى ثلاثة محاور: نطاق الاستشراق، أبنية الاستشراق وإعادة بنائها، الاستشراق الآن. ثيمة الكتاب أو الفرضية التي يقوم عليها تتلخص في أن (الاستشراق مذهب فُرِض فرضاً على الشرق) وهو (جهاز ثقافي ينحصر في العداء والنشاط وإصدار الأحكام وفرض "الحقائق" والمعرفة).
بأسلوبٍ عميق، ونثرٍ آسر، ودقة لافتة يعرض سعيد تاريخ "التحيّزات" التي تكتسي طابعاً علميا زائفا، والرسائل المضمرة في الاستشراق، وتواطؤه المريب مع السلطة. وهو يكرر في صفحاتٍ كثيرة رفضه لتصوّر وجود جوهرٍ ثابت للشرق (أو حتى الغرب). (الاستشراق يقدم الشرق في صورة أنماطٍ ثابتة مجردة)، وبذكاء يلاحظ (الاختلاف المضمر والأقوى القائم بين المستشرق والشرقي، هو أن الأول يقوم بالكتابة، والثاني هو المكتوب عنه، والسلبية هي الدور المفترض للثاني، وأما الأول فيفترض فيه القوة التي تمكنه من الملاحظة والدرس وهلم جرا).
سيجعلك المؤلف في النهاية تنفر من لغة التعميمات الفضفاضة، والحشو والتطويل، والأحكام الساذجة، والصور الموغلة في السلبية، والقوالب الفكرية المغلقة، والمواقف العدائية المُغرِضة، وضيق الأفق.
إنه كتاب في (تهافت) الاستشراق، يمتاز بقدرة رهيبة على تفحص عيوبه ومساوئه، وسعيد يخلص إلى أن (الاستشراق رغم أوجه فشله، ورطانته المؤسفة، ونزعته العنصرية التي لا تكاد تخفى، وجهازه الفكري الهزيل، يزدهر اليوم. بل أني أرى ما يدعو إلى الانزعاج في انتشار تأثيره إلى "الشرق" نفسه، إذ تحفل صفحات الكتب والمجلات المنشورة بالعربية (وبلا شك باليابانية وشتى اللهجات الهندية وغيرها من اللغات الشرقية) بتحليلاتٍ من الدرجة الثانية يكتبها العرب عن "العقل العربي" وعن "الإسلام" وغير ذلك من أقوال في عداد الأساطير).