مهلاً ولا تلجي يا اختاه، مهلاً! فعما قريب، اتركُ لكِ هذه البقية التلفة، فإنها تستفرغ صبرك بطول نزاعها. إنني اضنّ بجوعك ان يترقب تصرم هذه الهنينهات، لأن هذه القيود وإن كانت من اللهاث، فأن كسرها لعسير. ان رغبتي في الموت، وهي ابعدُ رغائبي، مُقيدةٌ بسلاسل رغبتي في الحياة، وهي ادنى رغائبي.
عفوكِ ايتها الرفيقة، فإنني متماهلٌ بطيء. هي الذكرى تُمسك بروحي فتعيد ��ليها تذكارات مضت فَتُريها مواكب الايام الذاهبة، ومرأى شبابٍ غابر قضيته في حلم وتشخص امامي وجهاً يأمرُ اجفاني بألا تغمض، وتعيد الى مسمعي صوتاً لا يزال صداهُ متردداً في اذني ويداً تلامسُ يدي ولا اراها.
عفوكِ ايتها الرفيقة، فقد طال انتظاركِ ! ولكن قد دنت الساعة وكل شيء عابر زائل: الوجه والعينان واليدان، والضباب الذي جاء بها. ها قد حُلت العقدة، قد تقطع الحبل. وذلك الذي ليس بالطعام ولا بالشرب قد تنحى وراح.
تقدمي يا رفيقتي الجائعة، تقدمي فقد اعدت المائدة والطعام حقير يسير لكنه يُقدم بمحبة. هلمي واغرزي منقاركِ في جنبي الايسر، واخرجي من بين قضبان قفصه هذا الطائر الاصغر، الذي لن يرفرف جناحاه فيما بعد بربكِ خذيه وحلقي به في رحاب الفضاء.
قالت صحيفة ورق بيضاء كالثلج :" قد برئت نقية طاهرة وسأظل نقية إلى الأبد ، وإنني لأوثر أن أحرق وأتحول إلى رماد أبيض ، على أن آذن للظلمة فتدنو مني وللأقذار فتلامسني" . " فسمعت قنينة الحبر قولها وضحكت في قلبها القاتم المظلم ولكنها خافت ولم تدن منها وسمعتها الأقلام أيضا على اختلاف ألوانها ولم تقربها قط. وهكذا ظلت صحيفة الورق البيضاء كالثلج – نقية طاهرة – ولكن ... فارغة. *** أحببتك أيتها المرأة الساهرة لياليها، مشفقا عليك. احببتك أيها الثرثار قائلا في نفسي: "إن للحياة كثير فتقوله" . وأحببتك أيها الأبكم قائلا في سري:" حبذا لو أسمع نطقا يعبر عما في صمته". ***
Khalil Gibran's "The Forerunner" is a short but captivating collection that showcases the author's remarkable eloquence and creativity. The language throughout the book is evocative and poetic, drawing readers into a contemplative mood with a lyrical style that is accessible. The storytelling is sufficiently creative, with each of the 24 morality tales offering a unique perspective on universal human concerns.
While the parables in "The Forerunner" are seemingly disjointed, a subtle thread connects them. This connection, though not immediately apparent, reveals itself through the shared themes and philosophical insights that Gibran weaves into each story. The book requires a thoughtful engagement, encouraging readers to ponder and piece together the overarching narrative that binds these individual tales. While not as impactful as "The Prophet", this earlier work is a worthy testament to Gibran's literary prowess, blending eloquent language and imaginative storytelling with a deep exploration of human nature and morality.
"من أعماق قلبي هبَّ طائرٌ وصعد محلِّقًا في الفضاء، وكان كلما حلَّق في الجو أكثر فأكثر يزدادُ كِبْرًا فكِبْرًا، فبدا أولًا كالخطاف، ثمَّ صار كالقُبَّرَة، فكالنسر، إلى أن أصبح كسحابة الربيع اتِّساعًا؛ فملأ السماوات المرصعة بالنجوم."
Read this because I liked quite a few poems from "The Prophet". I was also looking for the source of quote [1], which i found in the last chapter "the last watch". The only chapter I really enjoyed was "Values" which i've reproduced in it's entirety in quote [2] below to save you the time of reading this short 65 page book, which is available in its entirety here http://4umi.com/gibran/forerunner/ along with Gibran's other works. I also enjoyed "the dying man and the vulture", and a few select verses. Good enough book for a one-hour read
QUOTE 1: Thus with my lips have I denounced you, while my heart, bleeding within me, called you tender names. It was love lashed by its own self that spoke. It was pride half slain that fluttered in the dust. It was my hunger for your love that raged from the housetop, while my own love, kneeling in silence, prayed your forgiveness.
QUOTE 2: Values Once a man unearthed in his field a marble statue of great beauty. And he took it to a collector who loved all beautiful things and offered it to him for sale, and the collector bought it for a large price. And they parted.
And as the man walked home with his money he thought, and he said to himself, “How much life this money means! How can anyone give all this for a dead carved stone buried and undreamed of in the earth for a thousand years?”
And now the collector was looking at his statue, and he was thinking, and he said to himself, “What beauty! What life! The dream of what a soul!—and fresh with the sweet sleep of a thousand years. How can anyone give all this for money, dead and dreamless?”
"انت سابق نفسك يا صاح ، و ما الابراج التى أقمتها فى حياتك سوق أساس لذاتك الجبارة ، و هذه الذات فى حينها ستكون اساسا لغيرها ."
”و ما أمس سوى الموت مطرودا ، و لا الغد سوى الميلاد مقصودا “
” ان الاموات لا يملون الموت “
” ان تسترى قد فتح عيونكم ، و بغضى قد ايقط قلوبكم ، و الآن انتم تحبوننى ! انكم لا تحبون سوى السيوف التى تطعن قلبوكم و السهام التى تحرق صدوركم . لأنكم لا تتعزون إلا بجراحكم ، ولا تسكرون إلا بخمرة دمائكم “
*"Kendimi senin bildiklerinle doldurmuş olsaydım, bilmediklerini hangi odama yerleştirirdim." Kısa kısa felsefi hikayeler yer alıyor bu kitapta. Hikâye alanında zayıf kalmış ama yine de altı çizilecek cümleler var.
يضم كتاب " السّابق" أربعا وعشرين حكاية رمزية وقصيدة نثرية ، مهّد لها جبران بمقدمة " أنت سابق نفسك " ، حيث عرض بأسلوب شعري رمزي إيمانه بالتقمص وبوحدة الوجود . وهو الاتجاه الغالب على الكتاب كله. نجد هذا الاتجاه الصوفي في أربع قصائد نثرية هي " المحبة " و" طائر إيماني " و " المحتضر والشوحة " و " وراء وحدتي " . كما نجده في الحكايات الرمزية التي تشكّل ما تبقى من فصول الكتاب ، كقصة " البهلول " و " الملك الناسك " و " بنت الأسد" و " القديس" و " الذات العظمى " و " العالم والشاعر " وغيرها . إلا أن بعض حكايات الكتاب يحتمل تفسيرا صوفيا وتفسيرا اجتماعيا ، منها " الحرب والأمم الصغيرة " و " الشعراء " و " ملك أردوسة " و " المعرفة ونصف المعرفة ". فبالإضافة إلى مبادئ التصوف نجد فيها انتقاد الطمع في فصل بهذا العنوان ، وانتقاد الاقتتال ، وجهل الناس ، وقيمهم المختلفة ،وفي " الشعراء " مثلا كان يسخر جبران من الشعراء الذين حوّلوا الشعر إلى زخرف فارغ وتلاعب بالألفاظ . ولعل خير ما يقربنا من قراءة جادة لهذه النصوص أن نقف على أبرز أفكارها باستشهادات من داخلها . أولا :الاتجاه الاجتماعي والفاعلية في الحياة : الحرب والأمم الصغيرة ( قصة قصيرة ) (كان في أحد المروج نعجة وحمل يرعيان . وكان فوقهما في الجو نسر يحوم ناظرا إلى الحمل بعين جائعة يبغي افتراسه . وبينما هو يهمّ بالهبوط لاقتناص فريسته ، جاء نسر آخر وبدأ يرفرف فوق النعجة وصغيرها وفي أعماقه جشع زميله . فتلاقيا وتقاتلا حتى ملأ صراخهما الوحش أطراف الفضاء . فرفعت النعجة نظرها إليهما منذهلة ، والتفتت إلى حملها وقالت له : " تأمل يا ولدي ، ما أغرب قتال هذين الطائرين الكريمين ! أوليس من العار عليهما أن يتقاتلا ، وهذا الجو الواسع كاف لكليهما ليعيشا متسالمين ؟ ولكن صلّ يا صغيرين ، صلّ في قلبك إلى الله ، لكي يرسل سلاما إلى أخويك المجنحين !" فصلّى الحمل من أعماق قلبه !) يبرز في هذه القصة الرمزية الاتجاه الاجتماعي في أدب جبران ، حيث ينتقد اقتتال الناس والشعوب ، والغفلة التي تعتري الأمم الضعيفة حتى لا تفطن لمكائد الكبار المتصارعين على الظفر بها . وفي قصته " الصحيفة البيضاء" ، يبرز لنا الفكر الناقص وراء عدم الفاعلية في الحياة ، فمن يطلب السلامة ولا يروم المخاطر ولا يركب الصعاب في الدنيا ، من الممكن أن يسلم السلامة كما توهمها هو ، ولكنه سيحسب ميتا في سجل الحياة حتى قبل أن يفارقها ، وإن فارقها فليس ثمة ما يشيعه إلى قبره سوى الفراغ! (قالت صحيفة ورق بيضاء كالثلج : " قد بُرئت نقية طاهرة وسأظل نقية إلى الأبد . وإنني لأوثر أن أُحرق وأتحول إلى رماد أبيض ، على أن آذن للظلمة فتدنو مني وللأقذار فتلامسني " فسمعت قنينة الحبر قولها وضحكت في قلبها القاتم المظلم ولكنها خافت ولم تدنُ منها . وسمعتها الأقلام أيضا على اختلاف ألوانها ولم تقربها قط . وهكذا ظلت صحيفة الورق البيضاء كالثلج – نقية طاهرة – ولكن ... فارغة) . ثانيا : الحنين إلى المطلق : سبق وذكرنا أن جبران كان يميل إلى الاتجاه الصوفي في تأملاته وكتاباته ،وكذلك فإن الاتجاه الرومانسي واضح لديه من حيث بحثه الدائم عما يشبع تطلعه للوصول إلى المطلق . يتضح هذا من النص النثري ( طائر إيماني ) حيث يبرز فيه مناجيا روحه لتتحرر من قيود السجن الذي ترزح فيه ( من أعماق قلبي هبّ طائر ، وصعد محلّقا في الفضاء وكان كلما حلق في الجو ، أكثر فأكثر ، يزداد كبرا فكبرا . فبدا أولا كالخطاف ، ثم صار كالقبرة ، فكالنسر ، إلى أن أصبح كسحابة الربيع اتساعا ، فملأ السماوات المرصعة بالنجوم .... ومع ذلك فإنه ظل ساكنا في أعماق قلبي ... فيا إيماني ، يا معرفتي الجامحة القديرة ، كيف أحوّل هذا البحر الذي في أعماق نفسي إلى ضباب كثيف ، وأهيم وإياك في فضاء اللانهاية ؟.. هل يستطيع السجين في ظلمات الهيكل أن يرى قباب الهيكل المذهبة ؟ .. أجل يا إيماني الحليم ! أجل ، فإني مقيد بالسلاسل الحديدية في غيابات هذا السجن المحدود ، تفصلني عنك هذه الحواجز المصنوعة من اللحم والعظم ، وليس لي أن أطير معك الآن إلى عالم اللاحدود . ) نستطيع أن نفهم تطلعات جبران في كتابه "السابق" من مقالته الأولى والتي أوضح فيها مفهومه للسابق ، فهو شعار لإيمانه بالتقمص الروحي ، حيث يرى أن الموت نفسه ليس جمودا ، وإنما انتقال من دورة حياتية إلى دورة حياتية أخرى في سلسلة لا نهاية لها من الحيوات حتى يعود الإنسان إلى مصدر وجوده ويتحد به . لذلك نختم بمقالته والتي بعنوان " السّابق " لأنها تلخص لنا هدفه من هذا الكتاب كله : أنت سابق نفسك أنت سابق نفسك يا صاح ، وما الأبراج التي أقمتها في حياتك سوى أساس لذاتك الجبارة .وهذه الذات في حينها ستكون أساس لغيرها . وأنا مثلك سابق نفسي ، لأن الظل المنبسط أمامي عند شروق الشمس سيتقلص تحت قدمي عند الظهيرة . وسيعقب هذا الشروق شروق آخر ، فيحدث ظلا ثانيا أمامي ، ولكن هذا الظل عينه سيتقلص تحت قدمي أيضا في ظهيرة أخرى . منذ البدء ونحن سابقو نفوسنا ، وسنبقى سابقي نفوسنا إلى الأبد. وليس ما حشدنا ونحشد في حياتنا سوى بذور نعدّها لحقول لم تُفلح بعد . نحن الحقول ونحن الزارعون . نحن الأثمار ونحن المستثمرون . عندما كنتتَ يا صاح فكرة هائمة في الضباب كنتُ هنالك فكرة هائمة مثلك ، فنشدتك ونشدتني ، فكانت من تشوّقاتنا الأحلام ، والأحلام زمانا بلا قيود والأحلام كانت فضاء بلا حدود . وعندما كنتَ كلمة صامة بين شفتي الحياة المرتعشتين ، كنتُ أنا مثلك هنالك كلمة صامتة ، وما تلفظت الحياة بنا حتى برزنا إلى الوجود وقلبانا يخفقان بتذكرات الأمس والحنين إلى الغد . وما الأمس سوى الموت مطرودا ولا الغد سوى الميلاد مقصورا . وها نحن الآن بين يدي الله ، فأنت شمس منيرة في يمناه ، وأنا أرض مستنيرة في يسراه ، ولكن قوتك على الإنارة ليس بأفضل من قوتي على الاستنارة . وما نحن ، الشمس والأرض ، إلا بداءة لشمس أعظم و أرض أعظم ، وسنبقى بداءة إلى الأبد . أنت سابق نفسك أيها الغريب العابر بباب حديقتي ، وأنا مثلك سابق نفسي ، ولو كنت أجلس في ظلال أشجاري وأبدو ساكنا هادئا .
معلومات : اسم الكتاب : السّابق المؤلف : جبران خليل جبران دراسة وتحليل : الدكتورة نازك سابا يارد دار النشر : مؤسسة بحسون للنشر والتوزيع / لبنان – بيروت الطبعة : بيروت 2004 م
واو، كان هذا لسان حالي بعد الإنتهاء من كل ترنيمة، مناجاة، ترتيلة مرقوشة على صفحات السابق.
لم تفارقني الدهشة، لم تفارقني الابتسامة، لم تتوقف عيناي عن اللمعان. يتحدث عن جميع بنو البشر. وكأنهُ عايشهم جميعهم، بل وكأنهُ مزروع بدواخلهم، هو لا محاله عرابهم، عراب اللسان الذي لا ينطق، عراب السمع الملوث، عراب العين المغروسة بخنجر، عراب اليد التي تعبث، عراب الروح المارقة.
ألفُ نجمةً ونجمة للسابق، وللسابق لعصره أيضًا. نضجت وأرتصنت مفردات جبران هُنا أكثر من في كتابه الأول، المجنون.