...
Show More
"حتى أكتب عن الجنس، كان عليّ أن أفهم لماذا دنس إلى هذا الحد"
أنهيت الكتاب في يومين، وفي الواقع كنت أعيد قراءته للمرة الثانية، وجدت أن البعض قام بالاستخفاف براوية كويلو، وعن نفسي لا أنصح بها كراوية أولى للكتاب فكويلو أبعد من أن يفهم في حدود رواية أو روايتين أو رؤية ضيقة. قد يتسائل البعض عن سبب ترجمة هذه الرواية إلى اللغة العربية أصلاً ولكني أرى أنّ من حسن الحظ ترجمتها وضمها إلى مجموعة كتب باولو المترجمة، لأن ذلك من حظ القارئ العربيّ، ففي بعض الأحيان يصعب العثور على كتب كويلو بالعربية.
تعرض هذه الرواية موضوع الجنس بشكل حياديّ، على عكس الروايات العربية التي تدنسه جداً أو الروايات الأخرى التي تستعرضه كأنه محوري وأساسي في الحياة. باولو لا يشجع على الدعارة لكنه وجد في العاهرة القوة في أن تقول وتتجرأ بقوة أكبر مما يمكن أن تتحدث أي فتاة أخرى عن الجنس أو الجسد، ومنحها مطلق الحرية في التعبير وقول ما لم يستطع غيرها قوله.
كويلو عرض لنا جزءاً من حياة العاهرة بحقيقة وصدق تام، لم يحاول تجميل الموضوع أو تبريره أو جعله مبتغى ومراد، كل ما أراده كويلو هو الولوج في حياة الفئة التي لا يشتهيها المجتمع.
بالنسبة للعربي الذي في الراوية، ليس لكويلو أي خلاف مع العرب وللعلم بأنه قد استخدم شخصية العربي في عدة مواضع في رواياته وليس في موضع الشر كما صور البعض أو أن باولو يستهدف العرب، كلا فباولو يقدر الثقافة العربية، بل ويستنبط منها ويكتب عنها ويتناولها على محمل الجد. ووجود العرب في سويسرا أو غيره من ذوي النفوذ لا جدال فيه، وقد تناول أيضاً شرائح من العرب الكاتب العربي العراقيّ صموئيل شمعون في كتابه عراقي في باريس وكان حديثه عن العرب والدعارة أحيانا أكثر جدلاً وخدشاً للحياء فلندع كويلو يختار شخصياته دون أن ننظر للأمر بنظرة محدودة، وعلى كلٍ باولو تحدث على لسان عاهرة، والقصة حقيقية لذلك لا أستبعد وجود شخصيات متعددة في حياة هذه المرأة.
باولو يخوض دوماً في الروح، لكنه لا ينكر دور الجسد، ونجد في هذه الرواية ربطه المتقن بين علاقة الروح والجسد و"الضوء" المنبعث من الأشخاص، تلك الشرارة التي لا تخفت في نفوس الأشخاص وإن ظننا دوماً أنهم سيئيين. وجد "الضوء" لدى عاهرة نست نفسها ولم تكن تشعر بقيمتها، وفي الواقع كانت لا تشعر بالنشوة على الرغم من أنها عاهرة. لكنها في النهاية وجدت "الضوء" في عينيّ حبيبيها، ووجدت الحب والدفء وبذلك استطاع باولو فصل الجسد عن الروح وبعدها الإنتقال إلى علاقة الجسد بالروح.
يذكر في احدى عشر دقيقة الكاتب كويلو عدة معلومات تاريخية وجنسية، وقصصاً لابد أن تكون حقيقية كما دوماً يفعل باولو يستنبط أموراً من حياته الواقعية أو تجاربه السابقة أو اطلاعه السابق، لذلك أعطي الرواية خمسة نجوم لأنها تحدثت عن الجنس دون أن تشوهه وتحدثت عن عاهرة بحقيقة تامة، ولم تترك في النفس أثراً سيئاً كما تفعل الروايات العربية التي تتحدث عن الحب والجنس وان كانت العلاقة خارج نطاق الدين، الجنس لم يشوه، ماريا وإن كانت عاهرة ظلت في نظر كويلو شخص كسائر الأشخاص، ومن الممتع النظر والوغول في بعض الأحداث التاريخية التي كان العهر فيها شيئاً وارداً منسقاً منظماً وطبيعياً، بل ومقدساً في بضع المواضع.
في قطعه الوعد في بداية الرواية كويلو يعرض القصة دون تجريح أو خدش مما يجعلها قصة بمعنى حقيقي تجذب القارئ و لا تنفره بجو الكآبة أو الذنب(لنترك جانباً المعتقدات الدينية وننظر لها كقصة، وأذكر بأن باولو لم يمتدح الوظيفة بل نفر منها كما نفرت ماريا في النهاية وعزمت على الرحيل لكي لا تبقى في مصيدة الدعارة للأبد)
وعلى الرغم من أن ماريا فتاة من قرية بسيطة، إلا أنها عرفت نفسها جيداً، وعرفت كيف تتواصل مع روحها وتستنبط منها الحكمة، فلا عجب كونها كتبت بعض الكلمات الحكيمة رغم خلفيتها البسيطة، فهي في النهاية في الثالثة والعشرين ولديها تجارب في الحياة، هناك العديد من الفتيات من بيئات بسيطة يكتبون حديثاً فلسفياً، فلم نستنكر ذلك على ماريا؟
وفي النهاية، كويلو ينشر أفكاره من خلال الراوية، فدعونا من ماريا بذلك نجد أن كويلو استطاع فعلاً توضيح ما أراد إيصاله وبجدارة ككاتب مرموق حققت كتبه مبيعات هائلة.
أنهيت الكتاب في يومين، وفي الواقع كنت أعيد قراءته للمرة الثانية، وجدت أن البعض قام بالاستخفاف براوية كويلو، وعن نفسي لا أنصح بها كراوية أولى للكتاب فكويلو أبعد من أن يفهم في حدود رواية أو روايتين أو رؤية ضيقة. قد يتسائل البعض عن سبب ترجمة هذه الرواية إلى اللغة العربية أصلاً ولكني أرى أنّ من حسن الحظ ترجمتها وضمها إلى مجموعة كتب باولو المترجمة، لأن ذلك من حظ القارئ العربيّ، ففي بعض الأحيان يصعب العثور على كتب كويلو بالعربية.
تعرض هذه الرواية موضوع الجنس بشكل حياديّ، على عكس الروايات العربية التي تدنسه جداً أو الروايات الأخرى التي تستعرضه كأنه محوري وأساسي في الحياة. باولو لا يشجع على الدعارة لكنه وجد في العاهرة القوة في أن تقول وتتجرأ بقوة أكبر مما يمكن أن تتحدث أي فتاة أخرى عن الجنس أو الجسد، ومنحها مطلق الحرية في التعبير وقول ما لم يستطع غيرها قوله.
كويلو عرض لنا جزءاً من حياة العاهرة بحقيقة وصدق تام، لم يحاول تجميل الموضوع أو تبريره أو جعله مبتغى ومراد، كل ما أراده كويلو هو الولوج في حياة الفئة التي لا يشتهيها المجتمع.
بالنسبة للعربي الذي في الراوية، ليس لكويلو أي خلاف مع العرب وللعلم بأنه قد استخدم شخصية العربي في عدة مواضع في رواياته وليس في موضع الشر كما صور البعض أو أن باولو يستهدف العرب، كلا فباولو يقدر الثقافة العربية، بل ويستنبط منها ويكتب عنها ويتناولها على محمل الجد. ووجود العرب في سويسرا أو غيره من ذوي النفوذ لا جدال فيه، وقد تناول أيضاً شرائح من العرب الكاتب العربي العراقيّ صموئيل شمعون في كتابه عراقي في باريس وكان حديثه عن العرب والدعارة أحيانا أكثر جدلاً وخدشاً للحياء فلندع كويلو يختار شخصياته دون أن ننظر للأمر بنظرة محدودة، وعلى كلٍ باولو تحدث على لسان عاهرة، والقصة حقيقية لذلك لا أستبعد وجود شخصيات متعددة في حياة هذه المرأة.
باولو يخوض دوماً في الروح، لكنه لا ينكر دور الجسد، ونجد في هذه الرواية ربطه المتقن بين علاقة الروح والجسد و"الضوء" المنبعث من الأشخاص، تلك الشرارة التي لا تخفت في نفوس الأشخاص وإن ظننا دوماً أنهم سيئيين. وجد "الضوء" لدى عاهرة نست نفسها ولم تكن تشعر بقيمتها، وفي الواقع كانت لا تشعر بالنشوة على الرغم من أنها عاهرة. لكنها في النهاية وجدت "الضوء" في عينيّ حبيبيها، ووجدت الحب والدفء وبذلك استطاع باولو فصل الجسد عن الروح وبعدها الإنتقال إلى علاقة الجسد بالروح.
يذكر في احدى عشر دقيقة الكاتب كويلو عدة معلومات تاريخية وجنسية، وقصصاً لابد أن تكون حقيقية كما دوماً يفعل باولو يستنبط أموراً من حياته الواقعية أو تجاربه السابقة أو اطلاعه السابق، لذلك أعطي الرواية خمسة نجوم لأنها تحدثت عن الجنس دون أن تشوهه وتحدثت عن عاهرة بحقيقة تامة، ولم تترك في النفس أثراً سيئاً كما تفعل الروايات العربية التي تتحدث عن الحب والجنس وان كانت العلاقة خارج نطاق الدين، الجنس لم يشوه، ماريا وإن كانت عاهرة ظلت في نظر كويلو شخص كسائر الأشخاص، ومن الممتع النظر والوغول في بعض الأحداث التاريخية التي كان العهر فيها شيئاً وارداً منسقاً منظماً وطبيعياً، بل ومقدساً في بضع المواضع.
في قطعه الوعد في بداية الرواية كويلو يعرض القصة دون تجريح أو خدش مما يجعلها قصة بمعنى حقيقي تجذب القارئ و لا تنفره بجو الكآبة أو الذنب(لنترك جانباً المعتقدات الدينية وننظر لها كقصة، وأذكر بأن باولو لم يمتدح الوظيفة بل نفر منها كما نفرت ماريا في النهاية وعزمت على الرحيل لكي لا تبقى في مصيدة الدعارة للأبد)
وعلى الرغم من أن ماريا فتاة من قرية بسيطة، إلا أنها عرفت نفسها جيداً، وعرفت كيف تتواصل مع روحها وتستنبط منها الحكمة، فلا عجب كونها كتبت بعض الكلمات الحكيمة رغم خلفيتها البسيطة، فهي في النهاية في الثالثة والعشرين ولديها تجارب في الحياة، هناك العديد من الفتيات من بيئات بسيطة يكتبون حديثاً فلسفياً، فلم نستنكر ذلك على ماريا؟
وفي النهاية، كويلو ينشر أفكاره من خلال الراوية، فدعونا من ماريا بذلك نجد أن كويلو استطاع فعلاً توضيح ما أراد إيصاله وبجدارة ككاتب مرموق حققت كتبه مبيعات هائلة.