Community Reviews

Rating(4 / 5.0, 98 votes)
5 stars
34(35%)
4 stars
28(29%)
3 stars
36(37%)
2 stars
0(0%)
1 stars
0(0%)
98 reviews
April 16,2025
... Show More

أشعر أني مصابة بالحمَّى و أن أصواتًا عديدة تصرخ في أذني، أشعر أني ورطّت
نفسي
في كارثة لا أستطيع التعبير عن فداحة تداعياتها...أشعر أني بُعثْتُ من جديد، والله أريد أن أبكي و أضحك و على الأغلب بعد كتابة هذه المراجعة سأرتدي زيي الرياضي و سأركض كما لم أركضْ من قبل.
القريبون مني يعرفون أني شخصية مفرطة الحساسية، تحزن بسرعة و بقوة و أقل التفاصيل ترد إليها سعادتها و أكون آنذاك كطفلة تصرخ و تضحك، هذه أنا و في كل ما أتعرض إليه تنتابني حماسة مرعبة، حتى في الشيء الوحيد الذي أجيده في هذه الحياة: القراءة..
أحب كتبًا كثيرة و أسعد بها و أنتشي بكل كلمة و أتخذ من كُتّابها أصدقاءَ لي و أحبَّة و أمقت الكتب الرديئة بعنف و ضراوة لا تعرف الرحمة و قد أرمي كُتَّابها بأقذع الألفاظ و أود قتله.

أحب المسيري و نجيب محفوظ و إيزابيل الليندي و ماركيز و بيجوفيتش و محمد عبد الله دراز و كثيرين و أمقت توفيق الحكيم و طه حسين و إحسان عبد القدوس و علاء الأسواني و أحمد مراد...و لكن وسط هذه الحروب المتأججة بداخلي من بغض و حب، لم ينتابني مثل هذا الشعور اللاهب، أن تقرأ هو عمل فريد و عظيم، و لكن أن يكون الكتاب مرآة عكست لك كل ندب و كل ذكرى و كل خاطرة، تشعر بالذهول، من هذا؟ هل أنا هذا الإنسان؟ كيف استطاع كاتب تفصل بيني و بينه قارات و محيطات أن يحكم على روحي و يكتشفها من جديد؟
طيب، قبل كل شيء و أنا أكتب هذه المراجعة تحضرني محاضرة أستمعت إليها من أستاذي في نقد الأدب الأموي، حينما كان يتحدث عن سر ولع الناس حتى الآن بأشعار قيس بن الملوح في عشقه لليلى العامرية و المعروف ب " قيس ليلى"، كان يفسر تسليط الضوء على هذين العاشقين بالذات على الرغم أن أغلب المصادر القديمة كالأغاني و الحديثة قد نفت وجود أي أساس فعلي لتلك الأسطورة.

كتب لنا جاستن باشلار كتابًا بعنوان " جدلية الزمن " يقوم فيه على أساس الفلسفة الشعورية باختراع فكرة لطيفة للغاية عن التراكبات الزمانية و ربطها بمنطقية اللغويات، نحن نعرف أن التعبير عن عناصر الحدث يتم من خلال ثلاثة مشتقات رئيسة، المصدر ثم الفعل ثم اسم الفاعل، فحينما أقول " كتب كاتب كتابة" فقد عبرت عن حدث الكتابة بصورته الغُفْل في صيغة المصدر " كتابة " ثم جاء الفعل مقترنًا بزمن يحدد الحدث " كتب " ثم عبرت عن ذاتية الحدث باسم الفاعل " كاتب".

من خلال هذه التراكبات الزمنية اللغوية أستطيع أن أصنع إسقاطًا على مشاعرنا و على طرقنا الأدبية في التعبير عنها بصدق، و لنأخذ تناول شعور الحب في أدبياتنا الشعرية:
سنقسم الحب إلى ثلاثة أنواع، الحب، و حب الحب، و حب حب الحب، ١ ،٢،٣ على الترتيب، الحب ١ يمثل الصورة الشهوانية للحب، صورة الحب الملوث بغريزة الطبيعة و وصف المحبوب بمحاسنه الجسدية، الحب٢ يجعلنا أقل التفاتًا لمثاليته الجسدية و ننتبه قليلًا لمفاتنه الوصفية و أفعاله، ثم يأتي الحب٣ ليمثل لنا قمة الحب المحض الذي يكون لذاته بلا أية إسقاطات شخصية، أن أتحدث عن الحب لذاته، أن أقوم بنوع من أنواع التعالي الشعوري و التسامي، و أخوض في حدث عام عن أنقى درجات الحب، حيث سيجد كل قارئ أو سامع بعض أشلاء قصته و إخفاقاته...فمن منّا لم يخض بقلبه في حرب شعواء أفقدته جزءًا من نفسه؟ و لا ننساها أبدًا مهما خاضت بنا الحياة في دروبٍ مختلفة، نحن انعكاسات لهزائمنا ضد أنفسنا.

ما علاقة كل هذا بهذه الرواية اللوسفرية؟
لأنني لم أرَ عملًا يمثل عبقرية الكتابة الروائية في ذاتها كهذا العمل، شعرت للمرة الأولى أن إنسانيتي كانت بكرًا قبل هذه الرواية، فقد رأيت كل شيء و سمعت صوت كل شخصية، أصبحت أنام و أتخيل انعكاس وجه خوليان في مرآة غرفتي، لم أقرأ بل انتهك الكاتب خصوصيتي و أغرقني في جرح غائر لقلوب دمرتها الكلمات و الحروب و الخيانة و الأمراض النفسية و الكذب و العلاقات الغبية، لم أبكِ و لم أضحك، بل حبست أنفاسي و كأن حياتي متوقفة على هذه الرواية، و كأنها أعطتني سببًا للحياة، فأنا أيضًا كنت أتتبع ظل كاراكس و أصبحت جزءًا من مقبرة الكتب.

هذه الرواية تذكرني بكلمات أغنية سمعتها منذ زمن ل johnny cash و بعدها أصبحت أعشقه
I hurt myself today, to see if i still feel
I focus on the pain, the only thing that real
The needle tears a hole
The old familiar sting
Try to kill it all away....but i remember everything
What have i become? My sweetest friend
Everyone i know goes away in the end
And you could have it all, my empire of dirt
I'll let you down, i will make you hurt



كنت أحلم قبل هذه الرواية أن أصير ناقدة أدبية، و لكن أنا عاطفية للغاية و لا أصلح للحكم بأصول منطقية، فأنا الآن أشارك على هذا الموقع بجمل مشحونة بشبق روائي و لهفة أدبية، تعبر عن تأرجحي بين حافتي الواقع و الخيال، و على الأرجح قد طرحت كل أسس الموضوعية و ضربت بها عرض الحائط، و لكن هذه الرواية تنتمي و بقوة إلى الحالة رقم ٣، إنها فعل الكتابة بكل جنونه و جموحه، إنها الطيران في أفق شيطانية قد تخاف عقولنا من مجرد التفكير بها، كما أن القلم اللاتيني دائمًا أشبهه بالطعام الحار في دفئه و قوته و وضوح نكهته، باستمرار تشعر بحرقة لاذعة و لكنك لا مندوحة من الغرق بكل جوارحك في عمل يضج بشخصيات تشعر أنهم أصدقاء يحكون لك وقائع حميمية خاصة مرعبة!



الرجل هو الأسلوب كما قال بوفون أو أن الأسلوب هو الرجل؟ لا أتذكر و لكن أسلوب كارلوس هو القارئ و القارئ هو أسلوب كارلوس، كأنك في قصيدة جاهلية تصف بخيلاء جمال و قوة ناقة، قد لا تفهم الألفاظ و لكن وقع الكلمات الغريبة المختفية من ألسنتنا يسحرك، يجعلك تقرأ و كأنها لغة تعاويذ، حيزوم غلباء ركبائ نجداء وجناء مهريسة....
هنا أيضًا نرى أسلوبًا ماجنًا قويًّا غير مفهوم كنهه و لكنه يجعلك تفقد عقلك و تصرخ " هل أصبحت أنا أيضًا جزءًا من مقبرة الكتب! "
أغلب النقاد القدامي يعيدون و يكررون في ثناء عمل " أسلوب سهل عبارة فاتنة لغة آسرة ..." و جمل متعاقبة مملة و كأن الكاتب اشترى ضميرهم الأدبي، هنا لن أستطيع وصف الأسلوب لإن الكاتب بشكل أو بآخر جعلني جزءًا من عالمه، أصبحت أدور في فلك هذه اللغة و هذه الإمكانيات الفتاكة على التلون بسرعة الحرباء عند كل شخصية، فهو يغير لغته عند كل شخصية و يستخدم معجمًا لكل شخصية!

عمل محبب إلى قلبي و لن أستطيع أن أصف ملخصًّا للأحداث لإنها لا توصف و لا يعبر عنها...شكرًا كارلوس أحييت فيَّ حبَّا جديدًا كنت قد نسيته، ممتنة لك إلى الأبد.

هدير
Leave a Review
You must be logged in to rate and post a review. Register an account to get started.