قرأت هذه الثلاثية قبل سنوات، وخربشت وقتها بعض الأفكار حولها، ولكن لأنني لم أكن حينها مهتم بنشر مراجعاتي للكتب، فبقيت هذه الأفكار في حالة غير مكتملة في ملف نصي مهمل، فلذا أعتذر مقدماً عن الحالة الغريبة التي قد تبدو بها هذه المراجعة، اعتبروها مراجعة معتقة نوعاً ما.
صدر الجزء الأول من ثلاثية نيويورك (مدينة الزجاج) سنة 1985 م، ثم صدر الجزءان التاليان (الأشباح) و(الغرفة الموصدة) في السنة التالية، وصارت الروايات الثلاث منذ ذلك الحين تصدر معا ً، تقدم الثلاثية عادة على أنها رواية تحري، ويمكننا فهم هذا بسهولة حالما نقرأها.
الترجمة العربية قام بها كامل يوسف حسين، صدر كامل ترجمته بمقدمة ركز فيها على مكانة أوستر في الأدب الأمريكي، وأبعاد عالمه الروائي، وجماليات المكان في ثلاثية نيويورك.
قبل أن نبدأ في تناول الروايات،كل رواية على حدة، من المهم أن نحدد الموضوعات (الثيمات) التي تنتظم الثلاثية، سنحددها بشكل عام، ثم سنرى مدى انطباق كل موضوعة على كل رواية.
الموضوعة الأولى: فتش عن الكتاب !!
هناك كتاب ما، كتاب حقيقي في كل رواية من روايات الثلاثية، هذا الكتاب مفتاح من مفاتيح الرواية، أي أنه يعبر عن فكرتها.
الموضوعة الثانية: الصدفة !!
أول ما نلاحظه في عالم أوستر هو فكرة الصدفة لديه، ففي الصفحة الأولى من الثلاثية يقول الراوي: "وعقب ذلك بوقت طويل، عندما غدا بمقدوره التفكير بالأمور التي وقعت له، كان قد توصل إلى أنه ما من شيء حقيقي إلا الصدفة"، وسنلاحظ نوعين من الصدفة لديه، الصدفة التي تنطلق ككرة الثلج فتجرف كل ما يأتي بعدها، والصدفة التي لا يحدث من ورائها شيء، صدفة تقع فنتعجب من وقوعها، ولكننا نمضي بعدها كما كنا.
الموضوعة الثالثة: أحداث غريبة بلا تفسير !!!
ففي كل رواية نجد أحداث غريبة، لا تفسير منطقي لها، ربما يكون لها تفسيرات رمزية، ولكنها في أحيان أخرى تبدو كتحدي للقارئ !!!
الموضوعة الرابعة: لعبة الأسماء.
لدى أوستر هوس كبير بالأسماء وتشابهاتها، وقد تعودنا من الروائيين الحذر في تعاملهم مع الأسماء، ومحاولتهم الدائمة ابتكار أسماء تبعدهم عن المشاكل، وأيضا ً عدم تكرار الأسماء داخل الرواية حتى لا يرتبك القارئ، ولكن لأوستر شأن آخر.
تنبيه: ما سيأتي يكشف حبكة كل رواية من الروايات الثلاثة.
* مدينة الزجاج
ملخص الرواية:
تبدأ القصة والتي تروى على لسان راو ٍ لا نتعرف عليه في البداية، باتصال خاطئ يرد إلى دانييل كوين، كاتب الروايات البوليسية، والذي لا يكتبها باسمه الصريح وإنما باسم (وليام ولسون)، وبطله فيها تحري اسمه ماكس ورك، المتصل بكوين يطلب محادثة (بول أوستر) !!! وهو رجل متخصص بالتحريات، فيدعي كوين أنه هو أوستر ويذهب للقاء المتصل الغامض، فيجد أمامه شاب أشقر يرتدي ملابس بيضاء بالكامل ويتحدث بطريقة غريبة، هذا الشاب يدعى بيتر ستيلمان ويفهم من كلامه أنه كان محبوسا ً في الظلام لمدة 13 عاما ً على يد والده، وتكمل فيما بعد زوجة ستيلمان القصة فتخبر كوين عن والد بيتر، الدكتور الجامعي المتفوق والذي حبسه لسنوات طويلة حتى تسبب حريق في كشف ما فعله بابنه فأودع عندها السجن، وها هو قد خرج الآن ويهدد ابنه بالموت، فلذا يحتاج الزوجان إلى تحري خاص يقوم بمتابعة الأب حال وصوله إلى المدينة ويراقب سلوكه، يستعرض كوين حال عودته إلى المنزل بعض قصص الأطفال الذين تعرضوا لتجربة مماثلة، ويلفت انتباهنا إلى أن اسم ابنه المتوفى هو بيتر أيضا ً، بعد عشاء وثرثرة يشتري كوين دفترا ً أحمر، ثم يذهب بعد هذا إلى مكتبة جامعة كولومبيا حيث يحصل على كتاب ألفه ستيلمان الأب، الكتاب يتناول فكرة الفردوس وبرج بابل، ويرى فيه أن الإنسان سقط من الفردوس وسوف يستعيده ببناء بابل الجديدة، وهي أمريكا حسب رؤية هنري دارك، وهو قس إنجليزي جاء إلى أمريكا وألف كتابا ً اسمه (بابل الجديدة) وهو كتاب احترقت نسخه ووجد ستيلمان نسخة وحيدة ناجية منه في علية أهله في كامبردج، الكتاب يحمل رؤية تنبؤية بأن أمريكا ستبدأ في التصاعد ابتداء ً من عام 1960 م، لتكون بابل الجديدة التي ستوحد الناس على لغة واحدة، ليعودوا إلى الفردوس، يتنبه كوين أن هذا هو نفس العام الذي حبس فيه ستيلمان ابنه، يذهب كوين بعد هذا إلى محطة القطار لمراقبة وصول ستيلمان، وهناك تحدث مصادفة وحادثة غريبة، المصادفة هي أن يجلس إلى جوار فتاة تقرأ كتابه، ولكنه لا يستطيع إخبارها بذلك لأنه متنكر باسم بول أوستر، أما الحادث الغريب فهو عندما يصل ستيلمان العجوز، حيث يرى كوين ستيلمان آخر شاب وذو حالة جيدة، ويحتار من يتبع منهما ولكنه في النهاية يتبع العجوز إلى الفندق الذي يسكن فيه، وعلى امتداد أسبوعين يتتبع كوين ستيلمان في جولاته داخل نيويورك، ويكتب كل ما يفعله في كراسته الحمراء، ونكتشف أن ستيلمان يملك هو بدوره كراسة حمراء، خلال هذه الأيام يكتشف كوين أن جولات ستيلمان تشكل في كل يوم حرفا ً، لتكون في النهاية كلمة (برج بابل) !!! يقرر كوين الاقتراب من ستيلمان فيجلس إلى جانبه في حديقة، ويقدم نفسه على أنه دانييل كوين – لا ننسى أنه الآن متنكر باسم بول أوستر، فكأن أوستر صار اسمه الحقيقي، وكوين شخصيته التي يختفي ورائها -، ويتحاوران فيخبره ستيلمان بمشروعه لاختراع لغة تعبر عن الإنسان تماما ً، في اللقاء الثاني يدعي كوين أنه هنري دارك، فيخبره ستيلمان بأن هذا غير ممكن، لأن شخصية هنري دارك وهمية اخترعها هو ليضع على لسانه بعض أفكاره، في اللقاء الثالث يدعي كوين أنه بيتر ابن ستيلمان، بعد هذه اللقاءات الثلاث يختفي العجوز من الفندق، يذهب كوين للقاء بول أوستر، ولكنه يكتشف أن بول أوستر الذي يلتقي به ليس إلا كاتب، ولا علاقة له ببول أوستر التحري، فيتحدثان عن رواية دون كيشوت، ثم تأتي زوجة بول أوستر سيري وابنه دانييل، فيغادر كوين بعدما يلفت انتباهنا إلى تشابه اسمه مع اسم ابن أوستر، يحاول كوين الآن التخلي عن المهمة عن طريق الاتصال بزوجة ستيلمان، ولكنه يجد الخط مشغولا ً طيلة الوقت، يتجول كوين عندها في نيويورك بجولات يصفها الكاتب بدقة – ولا أدري هل هي تكون كلمة أو حرفا ً بدورها !!! -، ثم يستقر في النهاية أمام البناية التي يسكنها بيتر وزوجته، ويكرس نفسه للمراقبة بشكل جنوني، وتمر شهور عليه وهو بهذه الحال !!! وعندما ينفد ماله يحاول الاتصال ببول أوستر للحصول منه على شيك أتعابه الذي أعطاه لأوستر لأن زوجة ستيلمان سجلته باسمه، يخبره أوستر عندها بأمرين الأول أن الشيك تم رده من البنك، والأمر الآخر أن ستيلمان قد انتحر، يذهب كوين عندها إلى شقته ليجد أنها قد أجرت لغيره، وأن أغراضه كلها قد اختفت، فيذهب إلى منزل ستيلمان ليكتشف أنه خال ٍ تماما ً، فيذهب عندها إلى غرفة قصية ويتعرى لينام مع كراسته الحمراء، عندما ينهض يجد طعاما ً فيأكل ويبدأ في الكتابة، ويبدأ الظلام في التزايد كل يوم حتى تنتهي الكراسة، يخبرنا الراوي عندها عن عودته إلى نيويورك وذهابه مع صديقه بول أوستر إلى منزل ستيلمان حيث يكتشفان الكراسة، ولا أثر لكوين.
أسئلة وإجابات:
لا أظن أحدا ً قرأ هذه الرواية إلا وخرج منها بحزمة لا بأس بها من الأسئلة، وبقليل من الإجابات، وأظن أن هذه سمة من سمات الرواية الجيدة، أي أنها تثير فينا الأسئلة، ولكن بشرط أن تكون أسئلة منصرفة إلى معنى ومغزى الرواية، لا أسئلة تحاول فك رموز غامضة، لا معنى يرجى ورائها.
لا يمكنني تصنيف كتابات أوستر إلى أي النوعين تنتمي، وإن كانت العبارة التي رصدها المترجم في مقدمته نقلا ً عن الناقد الأدبي لصحيفة الاندبندنت، والتي يقول فيها "تكمن قوة أوستر في أنه يلطم القصص معا ً، كالحصى الصلد فتقعقع وتقدح شررا ً، وتتردد أصداء الارتطام، ولكنها لا تخرج شيئا يسهل انتزاعه ويمكن أن نسميه المعنى"، هذه العبارة صدمتني، وجعلتني أتوجس من الولوج إلى عالم روائي غامض، تتوالد فيه الغرائب والأحجيات.
فلنفتش عن الكتاب:
ذكرت أنه في كل رواية يوجد كتاب، هذا الكتاب مرتبط بفكرة الرواية، بحيث يمكننا فهم سبب وروده فيها، في (مدينة الزجاج) كان الكتاب (دون كيخوت) لسيرفانتس، وكانت الفكرة مطاردة الإنسان لأحلامه، فعندما ذهب كوين للقاء بول أوستر دار بينهما حوار حول كتاب دون كيخوت، مغزى ذلكم الحوار هو أن دون كيخوت هو كاتب حكايته، هو الذي رتب لأن يرويها الآخرون بالطريقة التي يريدها، هذه الفكرة استخدمها بول أوستر ليكتب روايته، وسنقوم الآن بتوزيع الأدوار لنرى كيف تتطابق الفكرتان.
سيرفانتس في روايته يحاول إقناع القارئ بأن المؤلف هو السيد حميد بن نجلي، وأنه وجد المخطوط في سوق طليطلة فاستعان بمن يترجمه من العربية إلى الأسبانية، من هو حميد بن نجلي؟ هو تجميع لأربعة أشخاص، أحدهم سانشو تابع دون كيخوت، والذي أملى حكايات سيده على آخرين، فكتبوها بالأسبانية ثم ترجمت إلى العربية، حيث يعثر سيرفانتس على المخطوط، فيقوم بترجمته من جديد إلى الأسبانية، وهذا يقودنا إلى أن سيرفانتس هو دون كيخوت.
بول أوستر المؤلف يحاول إقناعنا بوجود راو ٍ للرواية، وهو راو ٍ لا نعرف أي شيء عنه، هذا الراوي استعان بمخطوط ليحكي لنا الحكاية، أي الكراسة الحمراء لدانييل كوين – لنلاحظ الحرفين الأولين من اسمه والتي تتشابه مع الحرفين الأولين من اسم دون كيشوت -، دانييل كوين هو دون كيخوت الرواية، له ذات الشغف بقصص التحري التي كان يكتبها – كما شغفت دون كيخوت قصص البطولات والفرسان -، وله ذات الجنون الذي يدفعه إلى الهوس والانغماس في التحري، وبما أن سيرفانتس هو دون كيخوت، فلذا أوستر هو دانييل كوين، وقد صرح أوستر في لقائه مع جمانة مراد، أن فكرة الرواية جاءته عندما تلقى اتصالا ً حقيقيا ً يسأل فيه أحدهم عن وكالة تحري، فلذا في الواقع استقبل المكالمة بول أوستر، ولكن في الرواية كان دانييل كوين، والذي انقلبت حياته رأس على عقب بسبب هذا الاتصال، واندمج في شغفه الذي كان يمارسه كتابيا ً، أي التحري، ليقوم بالتحري بنفسه، ونلاحظ كيف ينجرف كوين في هذا، حتى يختفي.
مصادفة أم قدر؟
ذكرت أن هناك نوعين من المصادفات لدى أوستر، الصدفة التي تنطلق ككرة الثلج فتجرف كل ما يأتي بعدها، هكذا كان اتصال ستيلمان بكوين، وهناك الصدفة التي لا يحدث من ورائها شيء، وهذه تمثلها في الرواية صدفة الفتاة التي يجلس إلى جانبها كوين ويكتشف أنها تقرأ كتابا ً له، وكذا امتلاك كوين وستيلمان لكراستين حمراوين.
أحداث غريبة ورموز:
تأتي بعد هذا مسألة الأحداث الغريبة في الرواية، مثل رؤية كوين لنسختين من ستيلمان، أحدهما عجوز والآخر شاب، ما تفسير هذا؟ أنا لم أصل لشيء حول هذه الحادثة، وكذا تحركات ستيلمان العجوز التي ترسم حروفا ً، ومثله الاختفاء الغامض لبيتر ستيلمان وزوجته،أما الحالة التي يصبح عليها كوين وهوسه بالمراقبة لأشهر، ثم نهايته الغريبة، أي تعريه وبقائه في تلك الغرفة، والطعام الذي كان يوضع بين يديه، ثم الظلام الذي صار يتكاثف حتى اختفى كوين، فهذه فسرتها أولا ً بدخوله في حالة من الاندماج مع الشخصية التي يقوم بها، أي التحري، بحيث يتخلى عن حياته الطبيعية، ويصبح كبطله ماكس ورك، أما نهايته فهناك تشابه كبير بينها وبين حالة بيتر ستيلمان الابن، فبيتر ستيلمان كان محبوسا ً في الظلام يضع له والده الطعام، ثم خرج من ذاك الظلام إلى النور، كوين كان يعيش في النور ثم دلف إلى تلك الحالة التي تشبه العودة إلى الرحم، حيث يتعرى، ثم يبدأ في الدخول المتقطع في حالات إظلام متزايدة، حتى يختفي، وهناك من يضع له الطعام، ولكننا لا ندري من يكون.
تحتوي الرواية على رموز أيضا ً، مثل الكراسة الحمراء– بالمناسبة قام أوستر فيما بعد بإصدار كتاب مذكرات في التسعينات واسماه (الكراسة الحمراء) -، أيضا ً رمزية البيض – الصفحات 148، 173 -، القمر–ص 150-، الفردوس وبابل الجديدة، وهي أشياء تتكرر في روايات أوستر التالية كما سنرى.
لعبة الأسماء:
أما ما نسميه تجوزا ً مسألة الهوية في روايات أوستر، فهذه مسألة أوسع وأعقد، فالراوي مثلا ً مطلع على كل شيء تقريبا ً، ولكننا لا ندري من يكون !!! فهو ليس راو ٍ عليم، لأنه موجود في الرواية، وخاصة في صفحاتها الأخيرة، هذا الراوي صديق لبول أوستر الكاتب،لدى أوستر ابن اسمه دانييل، بطل الرواية اسمه دانييل كوين وهو كاتب روايات تحري، يكتبها باسم مستعار هو (وليام ولسون) وهو الاسم الحقيقي للاعب بيسبول كما سنعرف– واسم قصة قصيرة لإدغار آلان بو أيضا ً-، لكوين ابن ميت اسمه بيتر، وهذا هو الاسم الأول لعميله بيتر ستيلمان الابن، والذي يلتقي به كوين مدعيا ً أنه المحقق بول أوستر، كما سيدعي في حالة أخرى أنه بيتر ستيلمان ذاته، وسيدعي أنه هنري دارك، وهنري دارك شخصية وهمية صنعها بيتر ستيلمان الأب ليضع على لسانها بعض أفكاره، وهكذا نرى كل هذه الوصلات الصغيرة بين شخصيات الرواية.
كما أننا مع شيء من التأمل في الشخصيات سنكتشف أننا لا نعرف أي شيء عن الراوي، فلذا وجوده بالنسبة لنا ناقص، أو لنقل وجود غير متحقق، دانييل كوين ورغم أنه بطل الرواية إلا أنه يختفي مخلفا ً كراسة حمراء، وهذا يجعلنا نشك في وجوده، بول أوستر بدوره موجود ككاتب وله منزل وزوجة وطفل، ولكن هناك بول أوستر آخر، محقق لا نعرف عنه شيئا ً، سينتحل كوين شخصيته، بيتر ستيلمان الابن يختفي هو الآخر، وكذا زوجته فيرجينيا، ويختفي كل ما يرتبط بهما، هذا غير ترديده طيلة حواره مع كوين أن بيتر ستيلمان ليس اسمه الحقيقي، بيتر ستيلمان الأب يختفي ونعرف من أوستر أنه انتحر، هنري دارك نكتشف أنه شخصية خيالية، يبدو الأمر وكأن كل شخصية لها وجود، ولها ما ينقض هذا الوجود ويلغيه.
* الأشباح
ملخص الرواية:
تدور أحداث هذه الرواية في نيويورك، في سنة 1947 م، حيث يكلف رجل يدعى وايت، تحريا ً يدعى بلو بتتبع ومراقبة رجل يدعى بلاك، يستقر بلو في الشقة المقابلة لبلاك بحيث تسهل عليه مراقبته، حيث يلاحظ أنه يقضي وقته في الكتابة والقراءة في كتاب (والدن) لهنري دايفد ثورو، فيما يقضي بلو وقته في تذكر فترة عمله مع معلمه في فن التحري السيد براون، والقضايا التي قاما بحلها مثل قضية السيد جراي الذي فقد ذاكرته وصار السيد جرين، يكتب بلو بعد هذا تقريره الأول ويرسله إلى السيد وايت، ويواصل تتبعه لبلاك في جولاته والتي تقودهما إلى مكتبة يجد بلو فيها بالصدفة كتاب والدن، ويكتشف أن ناشر الكتاب يدعى والتر بلاك، ولكنه بالتأكيد ليس السيد بلاك الذي يتتبعه، يشتري بلو الكتاب، ويكمل تتبعه حيث يدخل بلاك إلى مطعم ويلتقي بسيدة تبكي خلال اللقاء، ويفترق الاثنان، في هذا الوقت بدأ بلو يشعر بنوع من التوحد مع بلاك بحيث صار يهمل مراقبته، يذهب بلو لمباريات البيسبول والسينما، ويرى في إحدى جولاته حبيبته متعلقة بذراع رجل، وعندما تراه أمامها تضربه، يتلاعب بلو بالتقرير الذي يكتبه للسيد وايت ويراقب مكتب البريد ليرى من سيستلم البريد، حيث يستلمه رجل مقنع يطارده بلو ولكنه يفر، وعندما يأتي الشيك من السيد براون بعد أيام يحمل عبارة تأنيبية، يتنكر بلو في صورة متسول عجوز ويتحاور من بلاك حول والت ويتمان، وهنري دايفد ثورو، وآليك هاوثورن الذي أغلق على نفسه لـ 12 عاما ً يكتب فيها القصص القصيرة، منها قصة السيد ويكفيلد الذي يدبر مقلب لزوجته بأن يختفي، ولكنه لا يرجع للمنزل وتمر عشرين عام قبل أن يطرق باب منزله، ويخبر بلاك بلو أن الكتاب أشباح لأن الكتابة تستولي عليهم، ويرسل بلو تقريره الجديد ولكنه لا يذكر أي شيء عن حواره مع بلاك، فيكتب له السيد وايت: لماذا تكذب؟ يتبع بلو بعد هذا بلاك إلى فندق ويجلس معه مدعيا ً أنه بائع وثائق التأمين، فيخبره بلاك أنه تحري، وأن مهمته مراقبة شخص ما، يتنكر بلو في شكل بائع فراشي ويدخل إلى شقة بلاك، ثم يدخلها مرة أخرى ولكن في غياب بلاك، ويستولي على أوراقه، ليكتشف أنها تقاريره هو، يذهب بلو إلى شقة بلاك فيواجهه بمسدس، وبعد حوار قصير يهاجم بلو بلاك ويضربه حتى الموت، ويأخذ المخطوط الذي يعمل عليه بلاك ليقرئه عندها يفهم ويغادر الغرفة !!!
كتاب والدن والحالة الشبحية !!!
الكتاب الذي تدور حوله الرواية هو (والدن) لهنري دايفد ثورو، حيث يقرأه السيد بلاك، ويشتريه بلو فيما بعد، ويتحاوران حوله، والفكرة التي تربط بين الكتاب والرواية التي بين أيدينا هي عزلة الكاتب، حيث يخبر السيد بلاك السيد بلو المتنكر في زي متسول أثناء حوارهما الأول أن الكتاب أشباح، لأن الكتابة تستولي عليهم، وتجعلهم يعيشون في نوع من العزلة، حالة شبحية، يكون فيها الكاتب موجودا ً وغير موجود، نشاهد هذا يحدث لبلاك الذي يقضي وقته في الكتابة والقراءة، ماذا يقرأ؟ يقرأ كتاب (والدن) وهو كتاب انعزال مؤلفه هنري دايفد ثورو، كما يشير بلاك إلى انعزال إليك هاوثورن صديق ثورو، وسنلاحظ أن بلو ينعزل بدوره لا ليكتب وإنما ليراقب بلاك، فلذا تبدو لنا نهاية القصة عندما يغادر بلو الغرفة، كنوع من كسر الحالة الشبحية، ولكن الجملة الأخيرة والخبيثة "ومن هذه اللحظة فصاعدا ً لا نعرف شيئا ً"، تكشف لنا أن الكاتب يفقد حالته الشبحية عندما يتخلى عن هذه العزلة، ولكنه لا يكتسب وجودا ً، وإنما هو يفقد وجوده تماما ً، الحالة الشبحية على الأقل كانت بين بين، ولكن الخروج منها هو خروج اختفاء، فالسيد بلو بكل بساطة خرج ليصير لا شيء، كان هنا، كنا نقرأ عنه، ولكنه الآن انتهى فقد وجوده الشبحي وانتهى.
الصدفة:
وهي موجودة في هذه الرواية في اكتشاف بلو لكتاب (والدن) أمامه في مكتبة يدخلها وهو يتتبع بلاك، وكذا كون ناشر كتاب والدن اسمه الأخير بلاك، ، وكما نلاحظ كلا الصدفتين من النوع الثاني.
أحداث بلا تفسير:
لا يوجد أحداث غريبة في هذه الرواية بالمعنى الذي استخدمناه، صحيح أننا لا نعرف من هو السيد وايت؟ ولم َ كانت التقارير التي يرسلها بلو إليه تنتهي إلى السيد بلاك؟ هل كان وايت مكلف من قبل بلاك مثلا ً؟ هل عبارة بلاك "لا يا بلو، كنت بحاجة إليك منذ البداية، ولولا وجودك لما أنجزت شيئا ً" تدل على هذا؟ ربما.
القصة في تفسيري النهائي عبارة عن حلقة متصلة، وايت يكلف بلو بمراقبة بلاك، يراقبه بلو ويرسل تقاريره لوايت، أثناء حوار لبلو مع بلاك يخبره بلاك أنه تحري وأنه مكلف بمراقبة شخص ما طيلة الوقت، وفيما بعد يكتشف بلو أن بلاك لديه كل تقاريره، فكأن بلاك صار مراقبا ً لبلو، فيما بلو يراقبه، وعندما يتواجهان في نهاية القصة يؤكد بلاك لبلو أنه استخدمه وأنه كان يحتاج إليه ولكنه الآن لم يعد بحاجة إليه، وأخيرا ً لا أنسى أن الأحداث في الرواية تبدأ في تاريخ محدد هو الثالث من فبراير سنة 1947 م، وهو تاريخ ميلاد بول أوستر.
لعبة الأسماء والرموز:
نلاحظ في هذه الرواية تخلي أوستر عن الأسماء واعتماده على الألوان، ولا أجد تفسيرا ً لذلك، لأنه يعشق لعبة الأسماء، فلذا بدى لي وكأنه يركز هنا على الفكرة ويتخلى عن موضوعة الهوية.
* الغرفة الموصدة
ملخص الرواية:
يصف لنا الراوي في البداية علاقته بفانشو صديق طفولته، ويروي تلقيه رسالة من زوجة فانشو الجميلة صوفي تطلب فيها لقائه، وعندما يلتقي بها يكتشف اختفاء فانشو منذ ستة أشهر، وفشل تحري يدعى كوين في العثور عليه، كما يكتشف وصية فانشو لصوفي بأن تعطي كتاباته لصديقه – راوينا الذي لا نعرف اسمه -، بحيث يقرر ما هو صالح منها للنشر، كما نعرف أن صوفي ولدت في غياب فانشو ابنا ً سمته بن، يخبرنا الراوي في استعادة للذاكرة حكايات من طفولته مع فانشو، كرمه الذي يجعله يتخلى عن هديته لصديقهما الفقير دنيس والدن، وهو ابن لأب سكير وأم مجنونة توصد على نفسها غرفتها، كما يخبرنا عن قصة التحري التي كتبها فانشو، تجربتهما الجنسية الأولى معا ً، انعزال فانشو في الثانوية، وتفكك أسرته بعد إصابة والده بالسرطان ووفاته في النهاية، ينشغل الراوي بعد هذا بترتيب أوراق فانشو تأهبا ً لنشرها، وتتوثق علاقته بصوفي، كما ينشر أول رواية لفانشو، وتصبح علاقته بصوفي أقوى، وتصله رسالة من فانشو، يطالبه فيها بالزواج من صوفي وتبني ابنه بن، ويحذره من تتبعه، يتزوج الراوي صوفي، ويبدأ بالتفكير في كتابة سيرة عن فانشو، والتي سرعان ما تتكشف أنها مجرد فكرة يختفي ورائها عزم على تتبع فانشو والوصول إليه، يبدأ الراوي بلقاء أم فانشو لتساعده في الكتابة عن ابنها، ولكنهما يمارسان الجنس في النهاية، ثم يستحوذ البحث عن فانشو على الراوي ويؤدي هذا إلى توتر علاقته بصوفي، وظهور نزعة في داخله إلى قتل فانشو والقضاء عليه، يقوم الراوي بمراجعة رسائل فانشو إلى أخته إيلين علها تدله عليه، حيث يكتشف انعزال فانشو في مزرعة في فرنسا لمدة عام كامل، يبحث الراوي بعد هذا عن التحري كوين، ثم يسافر إلى باريس لاستكمال تحرياته، وهناك يلتقي بآن صديقة فانشو التي تخبره أول ما يلتقيان بأنها ظنته في البداية فانشو، يعاني الراوي في هذه الفترة من نوع من فقدان الزمن، ويخبرنا بطريقة غريبة ولحظة عجيبة أن النهاية هي التي جعلته يكتب هذا الكتاب، وأن (مدينة الزجاج) و(الأشباح) هي القصة نفسها، يذهب الراوي بعد هذا إلى بار وهناك يلتقي بشاب أمريكي يخاطبه على أنه فانشو ولكن الشاب يخبره أنه بيتر ستيلمان، وبعد مطاردة يعتدي ستيلمان على الراوي ويضربه بقوة، يعود الراوي إلى نيويورك، وينفصل عن صوفي لعام ومن ثم يعودان إلى بعضهما ويرزقان بطفل يسميانه بول، وفي سنة 1982 م تأتي الراوي رسالة من فانشو يدعوه فيها إلى زيارته في بوسطن، فيذهب إلى هناك ويدخل بناية متداعية حيث يجد فانشو مختفيا ً في غرفة مؤصدة، وقد مر عليه عامين هناك، ويخبره أن كوين كان يطارده وأنه وجده مرتين، إحداهما في نيويورك والأخرى في الجنوب، ويخبره أنه كان يتنقل تحت اسم هنري دارك، ثم يطلب منه أن يأخذ كراسة حمراء، فيأخذها الراوي ويخرج ويقوم بتمزيقها بعد قراءتها.
فانشو... الكتاب المفقود:
في سنة 1828 م نشر الروائي الأمريكي ناثانيل هاوثورن أول محاولة روائية له، كان قد كتب قبلها عددا ً من القصص الصغيرة، ولكن (فانشو) كانت روايته الأولى، ويبدو أنه كان متخوفا ً جدا ً من التجربة، فلذا قام بنشرها مغفلة اسم المؤلف، الرواية فشلت نقديا ً وتجاريا ً ولم يلتفت لها أحد، ولم تبع إلا نسخا ً محدودة، فلذا قام هاوثورن بإطعام النار بقية النسخ غير المباعة، وصارت الرواية في حكم المفقودة، في ظل اختفاء النسخ القليلة التي بيعت والتي دمر بعضها في ظروف مختلفة، احتفظ هاوثورن لنفسه بسر هذا الكتاب الموءود، حتى أن زوجته صوفيا لم تدري بهذه الرواية التي كتبها زوجها قبل زواجهما بسنوات طويلة، توفي هاوثورن سنة 1864 م بعدما نشر عددا ً من الروايات والقصص القصيرة، وبعد وفاته بأعوام عثر على نسخة من الكتاب وأعيد طبعه من جديد.
هذا هو الكتاب الذي تدور حوله هذه الرواية، أما الفكرة فهي رفض الكاتب لأعماله ومحاولته القضاء عليها، فكما رأينا كان فانشو كتابا ً مرفوضا ً رفضه صاحبه، وحاول القضاء عليه، ولكنه عاش أطول من صاحبه وعاد للظهور بعد موته، في عالم أوستر يتحول فانشو الكتاب إلى كاتب يرفض أعماله، ويتخلى عنها، بل يتخلى عن زوجته وابنه، ويدخل حالة من الهروب الدائم، والعزلة الغريبة.
لا صدفة:
يبدو أن أوستر تخلى عن شغفه بالصدفة في هذه الرواية، فهي بلا مصادفات من أي نوع.
الأحداث الغربية والرموز:
الغرابة في الرواية تبدو لنا بعد قراءة الروايتين السابقتين أقل، وكأننا صرنا نتقبل كل ما يمكن أن يحدث، فتخلي فانشو عن زوجته وابنه وأعماله وانعزاله، رأيناها في رواية الأشباح، في عزلة الكاتب وشبحيته، هوس الراوي بتتبع صديقه فانشو، رأيناه في هوس كوين وكذا هوس السيد بلو، حالة فقدان الذاكرة أو لنقل الوجود التي يدخل إليها الراوي رأينا شبيها ً لها في حالة كوين، بل حتى ظهور ستيلمان وكوين في هذه الرواية تبدو لنا وكأنها من طرائف أوستر، وليس لها ذلك التأثير الكبير، وكذا اسم هنري دارك، وبالطبع ظهرت رموز أوستر العتيدة، الكراسة الحمراء، والقمر – ص 480 -.
The New York Trilogy by Paul Auster - three captivating postmodern novels published back in the mid-1980s. Here's my write-up of each individually:
CITY OF GLASS - Book 1 City of Glass reads like Raymond Chandler on Derrida, that is, a hard-boiled detective novel seasoned with a healthy dose of postmodernist themes, a novel about main character Daniel Quinn as he walks the streets of uptown New York City.
I found the story and writing as compelling as Chandler's The Big Sleep or Hammett's The Maltese Falcon and as thought-provoking as reading an essay by Foucault or Barthes. By way of example, here are three quotes from the novel coupled with key concepts from the postmodern tradition along with my brief commentary.
On the first pages of the novel, the narrator conveys mystery writer Quinn's reflections on William Wilson, his literary pseudonym and Max Work, the detective in his novels. We read, "Over the years, Work had become very close to Quinn. Whereas William Wilson remained an abstract figure for him Work had increasingly come to life. In the triad of selves that Quinn had become, Wilson served as a kind of ventriloquist, Quinn himself was the dummy, and Work was the animated voice that gave purpose to the enterprise." ---------- Michel Foucault completely rejected the idea that a person has one fixed inner self or essence serving them as their individual personal identity. Rather, he saw personal identity as defined by a process of on-going, ever changing dialogue with oneself and others. ---------- And Quinn's interior dialogue with Work and Wilson is just the beginning. As the novels progresses, Quinn takes on a number of other identities.
In his role as hired detective (quite an ironic role since Quinn is a fiction writer and has zero experience as a detective), he goes to Grand Central Station to locate a man by the name of Peter Stillman, the man he will have to tail. This is what we read after Quinn spots his man, "At that moment Quinn allowed himself a glance to Stillman's right, surveying the rest of the crowd to make doubly sure he made no mistakes. What happened then defined explanation. Directly behind Stillman, heaving into view just inches behind his right shoulder, another man stopped . . . His face was the exact twin of Stillman's." ---------- The double, the original and the copy, occupies the postmodernists on a number of levels, including a double reading of any work of literature. Much technical language is employed, but the general idea is we should read a work of fiction the first time through in the conventional, traditional way, enjoying the characters and the story.
Our second reading should be more critical than the first reading we constructed; to be good postmodernists, we should `deconstruct' the text to observe and critically evaluate such things as cultural and social biases and underlying philosophic assumptions. And such a second reading should not only be applied to works of literature but to all our encounters with facets of contemporary mass-duplicated society.
"As for Quinn, it is impossible for me to say where he is now. I have followed the red notebook as closely as I could, and any inaccuracies in the story should be blamed on me." ---------- One key postmodern idea is that a book isn't so much about the world as it is about joining the conversation with other books. ---------- Turns out, the entire story here is a construction/deconstruction/reconstruction of a book: Quinn's red notebook. Life and literature living at the intersection of an ongoing conversation - Quinn's red notebook contains references to many, many other books, including Diary of Marco Polo, Robinson Caruso, Holy Bible, Don Quixote, Baudelaire. And the story the narrator relates from Quinn's red notebook is City of Glass by Paul Auster. Again, Raymond Chandler on Derrida.
One final observation. Although no details are given, Quinn tells us right at the outset he has lost his wife and son. Quinn's tragedy coats every page like a kind of film. No matter what form a story takes, modern or postmodern or anything else, tragedy is tragedy and if we empathize with Quinn at all, we feel his pain. Some things never change.
GHOSTS - Book 2 Ghosts (1983) reads like the square root of a hard-boiled detective noir novel, an off-the-wall, bizarre mystery where there is no crime and the whodunit is replaced by a meditation on the nature of identity. Here are the opening few line: "First of all there is Blue. Later there is White, and then there is Black, and before the beginning there is Brown. Brown broke him in, Brown taught him the ropes, and when Brown grew old, Blue took over." Blue is a detective and it is Blue we follow on every page of this sparse (less than 100 pages) novel set in 1947 New York City.
To gain an initial feel for the novel, please go to Youtube and watch a snippet of one of those 1940s black-and-white noir films, like The Naked City. You will see lots of hard-talking tough guys in gray suits and gray hats running around city streets socking one another in the jaw and plugging one another with bullets -- plenty of action to be sure. And that's exactly the point - a world chock-full of police, detectives, crooks and dames is a world of action.
But what happens when one of those 1940s detectives is put on a case where all action is stripped away, when the only thing the detective has to do is look out his apartment window and keep an eye on a man across the street in another apartment sitting at his desk reading or writing? This is exactly what happens in Ghosts. So, rather than providing a more detailed synopsis of the story (actually, there is some action and interaction), I will cite several of Blue's musing along with my brief comments on Blue's relationship to literary and artistic creation:
"Until now, Blue has not had much chance for sitting still, and this new idleness has left him at something of a loss. For the first time in his life, he finds that he has been thrown back on himself, with nothing to grab hold of, nothing to distinguish one moment from the next. He has never given much through to the world inside him, and through he always knew it was there, it has remained an unknown quantity, unexplored and therefore dark, even to himself." --------- So, for the first time in his life, Blue is given a taste of silence and solitude, the prime experience of someone who is a writer.
"More than just helping to pass the time, he discovers that making up stories can be a pleasure in itself." ---------- Removed from the world of action and building on his experience of silence and solitude, Blue is also given a hint of what it might mean to be a fiction writer, one who sits in isolation, exploring the inner world of imagination in order to create stories. And, on the topic of stories, the unnamed narrator conveys how Blue reflects on many stories, including the building of the Brooklyn Bridge, stories from the lives of Walk Whitman and Henry David Thoreau, and several stories Blue reads in his all-time favorite magazine: True Detective. Auster's short novel is teeming with stories.
"For the first time in his experience of writing reports, he discovers that words do not necessarily work, that it is possible for them to obscure the things they are trying to say." ---------- Blue discerns it is possible that words cannot adequately articulate the depth and full range of human experience. And what is true of a detective's report is truer for works of great literature: there is a rich, vital, vibrant world of feeling and imagination beyond the confines of words and language.
"Finally mustering the courage to act, Blue reaches into his bag of disguises and casts about for a new identity. After dismissing several possibilities, he settles on an old man who used to beg on the corner of his neighborhood when he was a bog - a local character by the name of Jimmy Rose - and decks himself out in the garb of tramphood . . ." ---------- During the course of the novel, Blue take on a number of different identities and with each new persona he experiences life with a kind of immediacy and intensity. Spending a measure of his creative life as a screenwriter and director, Paul Auster undoubtedly had many encounters with actors thriving on their roles, energized and invigorated as they performed for the camera. I suspect Auster enjoyed placing his detective main character in the role of actor at various points.
Ghosts can be read as a prompt to question how identity is molded by literature and the arts. How dependent are we on stories for an understanding of who we are? In what ways do the arts influence and expand our sense of self? Do we escape purposelessness and boredom by participating in the imaginative worlds of art and literature?
THE LOCKED ROOM - Book 3 “It seems to me now that Fanshawe was always there. He is the place where everything begins for me, and without him I would hardly know who I am.” So begins The Locked Room.
We encounter the narrator, a writer by profession, navigating the choppy waters of passion and commitment, forever brooding on an entire range of topics: life and death, self and other, childhood and memory, friendship and fatherhood, love and hate, reading and writing, self-definition and self-identity.
In a strange, offbeat way, all the philosophic reflections and ruminations give Auster’s short novel an irresistible drive. Fanshawe was a writer, leaving boxes of novels, journals, poetry and plays to be read and judged. Fanshawe also leaves his beautiful wife, Sophie, and his baby boy. Sophie contacts the narrator, who was Fanshawe’s dearest friend, to do the reading and judging. To tell more than these few facts would be to tell too much. Let me simply say that once I started reading The Locked Room, I couldn’t put it down.