...
Show More
يعتبر أريستوفانيس من أعظم كتّاب الكوميديا الإغريقية (اليونانية القديمة) ومن أعمدة المسرح الإغريقي، كان من طبقة ملاك الأراضي في أثينا، عبّر عن سخط طبقته من جراء تدهور الأحوال فيها نتيجة الحرب مع إِسبرطة ولتخبط الفئة الحاكمة التي تولّت زمام الأمور في عصره. كما عبّر عن تطلعات طبقته إِلى العودة بأثينا إِلى عصرها الزاهي السابق، سواء من ناحية أمجادها العسكرية وانتصاراتها على إِسبرطة أم من ناحية تماسك نظامها السياسي واستقرار نظامها الاجتماعي، ومن هنا كانت وقفته المحافظة إِزاء مختلف تطورات الحياة السياسية والاجتماعية والفكرية في عصره.
ألَف أريستوفانيس نحو خمسين مسرحية ويقال سبعين تغطي جوانب الحياة الأثينية في زمنه، لم يبق منها إِلا إِحدى عشرة ملهاة هي: الأخارنيون 425ق.م والفرسان 424ق.م، الزنابير422 ق.م، السلام 421 ق.م، الطيور 414 ق.م، النساء في أعياد الثيموفوريا 411 ق.م والضفادع 405ق.م، برلمان النساء (392ق.م، بلوتوس إِله الثروة388ق.م. قبل الميلاد. والملاحظ أن ترجمات أريستوفانيس إِلى العربية لا تتعدى «الضفادع» و«السحب» وبعض الشذرات, وذلك بسبب ارتباط الملهاة عادة بالعادات والمرددات واللهجات المغرقة في المحلية.
انتقد أريستوفانيس تدهور الأحوال السياسية في أثينا وتلاعب السياسيين بعواطف الشعب من خلال الخطابات الديماغوجية والوعود الكاذبة وتقلب الأهواء. ويدخل في هذا الباب هجاؤه المقذع للعسكريين الذين يعلقون مصالحهم الخاصة على فرصة الحرب، ويزينونها للناس ويوهمونهم بأنها السبيل الوحيد لتحقيق المصالح الوطنية والأمجاد القومية، في حين أنها، في حقيقتها، لا تجلب سوى الدمار والويلات والخراب. ومن هنا يمكن أن يعد أريستوفانيس من أعداء الحرب ومن أنصار السلم.
تناول في هجومه الأفراد والمؤسسات السياسية، فصبّ جام غضبه على (كليون) زعيم أثينا الذي بلغ أوج المجد في تلك المرحلة بسبب ما أحرزه من انتصارات حربية. ولم تسلم من نقده المجالس العامة كمجلس الشيوخ والجمعية العمومية والمحاكم.
وانتقد أيضا ً تدهور الأخلاق وانحطاط العلاقات الاجتماعية في عصره، وركز على الفساد الجنسي والإِباحية المتفشية في شبيبة أثينا، وطالب باستعادة القيم الأخلاقية كالنبل والصدق والطهر، وبث روح العمل الجاد والإِخلاص بين المواطنين.
هاجم أريستوفانيس أصحاب الفكر الجديد من السفسطائيين ورماهم بأقذع التهم، ولم يترك أي فرصة تمر في مسرحياته من دون أن يستثمرها لتسفيه الفلاسفة بوجه عام،وفي مقدمتهم سقراط، حيث يهاجمه في ملهاة «السحب» و التي تعدُّ من أجمل ما كتبه، يهاجم الفلسفة في شخص سقراط ويضعه وجهاً لوجه أمام رجل عادي من الشعب ليُحدث الأثر الفكاهي الناتج عن المفارقة. إِن هذا الرجل العادي يرغب في أن يصير سفسطائياً لكي يتعلم كيف يتهرّب من دفع ديونه،وينظر بإِجلال إِلى سقراط،وخاصة حين يُخبره أحد تلامذته كيف أنه يشغل وقته في دراسات قيّمة وأسئلة مهمة مثل: كم ضعفاً تبلغ المسافة التي يقفزها البرغوث بالنسبة إِلى طول إِحدى قوائمه؟
وتعتريه الدهشة عندما يرى الأستاذ سقراط متربعاً في سلة معلقة في الهواء كما يليق برجل فوق مستوى البشر العاديين، وعندما يسأله ماذا يعمل هناك في العلاء يجيب سقراط: يجب أن أعلق دماغي وأمزج جوهر عقلي الخفي بالهواء ذي الطبيعة المماثلة كي أتمكن من النفاذ إِلى أمور السماء بوضوح، ولو بقيت على الأرض أتأمل من تحت الأمور السفلى لما استطعت اكتشاف شيء لأن الأرض بجاذبيتها تجذب عصارة الدماغ إِليها كما يحدث في حالة بعض النباتات المائية الزاحفة.
وخلاصة ما تقوله «السحب» إِن سقراط يفسد شبيبة أثينا بأسئلته الفلسفية، ويستطيع المرء أن يتصور أن أريستوفانيس أضحك أهل أثينا كثيراً من سقراط ولكن على المرء ألا ينسى أن هذه التهمة نفسها هي التي أودت بحياة سقراط فيما بعد.
وإِضافة إِلى مبادرات أريستوفانيس الرائدة في مجالات النقد السياسي والاجتماعي والفكري فإِنه يُعدّ من رواد النقد الأدبي اليوناني ولاسيما في مسرحية «الضفادع» المبدعة التي تعرَّض فيها للموازنة بين زميليه أسخيلوس وأوروبيدس من حيث الشاعرية،والمكانة المسرحية، والموقف الأخلاقي، أي إِن موازنته تناولت الشكل والمضمون معاً.كما تعتبر «الضفادع» شاهداً حياً على الإِسهام المبكر للمسرح في النقد الأدبي.
ويبدو نقده أوسع أفقاً حيث اشتملت مسرحياته الكوميدية المعروفة على نقد ساخر للكتاب والمفكرين في عصره وانصبّت انتقاداته بوجه خاص على أوروبيدس و اتصفت أحكامه بذوق متطور ورؤية نافذة.
يمكننا باختصار القول أنه ناقد ٌ أدبي ٌ بامتياز، لكن بشكل ٍ (مسرحي ٍ كوميدي) لم يسر كثيرون على خطاه التي بدأت من حوالي 2400 سنة.
من أفضل الجمل في المسرحية
" إذهب وبعها للمصريين، هذه الخوذات تنفعهم في مكيال المسهلات "
" لا خير في اسنان بيضاء لا تمضغ شيئاً "
ألَف أريستوفانيس نحو خمسين مسرحية ويقال سبعين تغطي جوانب الحياة الأثينية في زمنه، لم يبق منها إِلا إِحدى عشرة ملهاة هي: الأخارنيون 425ق.م والفرسان 424ق.م، الزنابير422 ق.م، السلام 421 ق.م، الطيور 414 ق.م، النساء في أعياد الثيموفوريا 411 ق.م والضفادع 405ق.م، برلمان النساء (392ق.م، بلوتوس إِله الثروة388ق.م. قبل الميلاد. والملاحظ أن ترجمات أريستوفانيس إِلى العربية لا تتعدى «الضفادع» و«السحب» وبعض الشذرات, وذلك بسبب ارتباط الملهاة عادة بالعادات والمرددات واللهجات المغرقة في المحلية.
انتقد أريستوفانيس تدهور الأحوال السياسية في أثينا وتلاعب السياسيين بعواطف الشعب من خلال الخطابات الديماغوجية والوعود الكاذبة وتقلب الأهواء. ويدخل في هذا الباب هجاؤه المقذع للعسكريين الذين يعلقون مصالحهم الخاصة على فرصة الحرب، ويزينونها للناس ويوهمونهم بأنها السبيل الوحيد لتحقيق المصالح الوطنية والأمجاد القومية، في حين أنها، في حقيقتها، لا تجلب سوى الدمار والويلات والخراب. ومن هنا يمكن أن يعد أريستوفانيس من أعداء الحرب ومن أنصار السلم.
تناول في هجومه الأفراد والمؤسسات السياسية، فصبّ جام غضبه على (كليون) زعيم أثينا الذي بلغ أوج المجد في تلك المرحلة بسبب ما أحرزه من انتصارات حربية. ولم تسلم من نقده المجالس العامة كمجلس الشيوخ والجمعية العمومية والمحاكم.
وانتقد أيضا ً تدهور الأخلاق وانحطاط العلاقات الاجتماعية في عصره، وركز على الفساد الجنسي والإِباحية المتفشية في شبيبة أثينا، وطالب باستعادة القيم الأخلاقية كالنبل والصدق والطهر، وبث روح العمل الجاد والإِخلاص بين المواطنين.
هاجم أريستوفانيس أصحاب الفكر الجديد من السفسطائيين ورماهم بأقذع التهم، ولم يترك أي فرصة تمر في مسرحياته من دون أن يستثمرها لتسفيه الفلاسفة بوجه عام،وفي مقدمتهم سقراط، حيث يهاجمه في ملهاة «السحب» و التي تعدُّ من أجمل ما كتبه، يهاجم الفلسفة في شخص سقراط ويضعه وجهاً لوجه أمام رجل عادي من الشعب ليُحدث الأثر الفكاهي الناتج عن المفارقة. إِن هذا الرجل العادي يرغب في أن يصير سفسطائياً لكي يتعلم كيف يتهرّب من دفع ديونه،وينظر بإِجلال إِلى سقراط،وخاصة حين يُخبره أحد تلامذته كيف أنه يشغل وقته في دراسات قيّمة وأسئلة مهمة مثل: كم ضعفاً تبلغ المسافة التي يقفزها البرغوث بالنسبة إِلى طول إِحدى قوائمه؟
وتعتريه الدهشة عندما يرى الأستاذ سقراط متربعاً في سلة معلقة في الهواء كما يليق برجل فوق مستوى البشر العاديين، وعندما يسأله ماذا يعمل هناك في العلاء يجيب سقراط: يجب أن أعلق دماغي وأمزج جوهر عقلي الخفي بالهواء ذي الطبيعة المماثلة كي أتمكن من النفاذ إِلى أمور السماء بوضوح، ولو بقيت على الأرض أتأمل من تحت الأمور السفلى لما استطعت اكتشاف شيء لأن الأرض بجاذبيتها تجذب عصارة الدماغ إِليها كما يحدث في حالة بعض النباتات المائية الزاحفة.
وخلاصة ما تقوله «السحب» إِن سقراط يفسد شبيبة أثينا بأسئلته الفلسفية، ويستطيع المرء أن يتصور أن أريستوفانيس أضحك أهل أثينا كثيراً من سقراط ولكن على المرء ألا ينسى أن هذه التهمة نفسها هي التي أودت بحياة سقراط فيما بعد.
وإِضافة إِلى مبادرات أريستوفانيس الرائدة في مجالات النقد السياسي والاجتماعي والفكري فإِنه يُعدّ من رواد النقد الأدبي اليوناني ولاسيما في مسرحية «الضفادع» المبدعة التي تعرَّض فيها للموازنة بين زميليه أسخيلوس وأوروبيدس من حيث الشاعرية،والمكانة المسرحية، والموقف الأخلاقي، أي إِن موازنته تناولت الشكل والمضمون معاً.كما تعتبر «الضفادع» شاهداً حياً على الإِسهام المبكر للمسرح في النقد الأدبي.
ويبدو نقده أوسع أفقاً حيث اشتملت مسرحياته الكوميدية المعروفة على نقد ساخر للكتاب والمفكرين في عصره وانصبّت انتقاداته بوجه خاص على أوروبيدس و اتصفت أحكامه بذوق متطور ورؤية نافذة.
يمكننا باختصار القول أنه ناقد ٌ أدبي ٌ بامتياز، لكن بشكل ٍ (مسرحي ٍ كوميدي) لم يسر كثيرون على خطاه التي بدأت من حوالي 2400 سنة.
من أفضل الجمل في المسرحية
" إذهب وبعها للمصريين، هذه الخوذات تنفعهم في مكيال المسهلات "
" لا خير في اسنان بيضاء لا تمضغ شيئاً "