...
Show More
موبي ديك أو الحوت الأبيض, رائعة الكاتب الأمريكي هيرمان ميلفيل
يقول السيد ميكافيللي في كتاب الأمير بأن الرجل لا ينتقم إذا ظلمه ذو بأس شديد, ويخبرنا علماء الحيوان الآن بأن القرود والذئاب والحيوانات الأخرى, عندما تدخل في قتال مع أعضاء من نفس النوع تقاتل بكل شراسة, ولكنها عندما تشرف على الهزيمة تخنع وتنحني أمام الفائز الذي يتقبل انسحاب الطرف الآخر. وبهذه الآلية يحافظ النوع الواحد على أفراده. ويبدو أن البشر ورثوا هذه الآلية أو القانون أيضاً.
ولكن هناك بعض البشر يستخدمون سلاحهم الأكبر المتمثل في عقلهم, ليلتفوا على هذا القانون. فينظر الإنسان إلى الآخرين على أنهم حيوانات, حتى وإن كانوا حيوانات بيضاء رائعة الجمال بعيون زرقاء هادية. وكحيوانات يعطي لنفسه الحق في استغلالهم كما يشاء, فيمكنه أنه يقتلهم متى أراد ذلك ليستولي على خيراتهم وشحومهم. وإذا عارضوا ذلك وقاوموه, يعاود قتالهم بهستريا حتى وإن تمخض القتال عن فقدان إحدى ساقيه.
عند هذه المرحلة أو قبلها بقليل, تقوم الحيوانات فاقدة العقل بالانسحاب لألا تفقد حياتها أو تصاب إصابة خطيرة. ولكن صاحب العقل الكابتن "أهاب" بعقله يشقى. فقد استخدم عقله ليرسّخ في نفسه فكرة أنه لن يهزم أمام ذلك الحيوان, ويوماً ما سيستطيع الانتقام. فلقد اعتبر نفسه سابقاً -كما يخبرنا الكاتب- في مصاف الآلهة, فأطلق الوعود لرجاله وغامر بحياة كل من حوله للانتقام ممن رفضوا حريته في تسليم حياتهم الخاصة له.
وكما رأيتم, فالرواية رمزية بامتياز عن مالكي الحقيقة المطلقة كالآلهة, الذين يحقدون ويفرحون بالانتقام ممن يرفض الانصياع لهم كطفل سعيد في صباح يوم عيد الكريسماس.
والنهاية التي يتنبأ بها الكاتب, هي مقتل مدّعي الألوهية, وخسارة كل رجاله وأحبابه الذين ورّطهم معه لإشباع نزواته من كبرياء وغرور لا يقبل الاعتراف بالهزيمة, ولا بحق الآخرين كبشر مساويين له في حرية تقرير مصيرهم.
**
قرأت نسخة مختصرة من القصة, لأن العمر أقصر من أن أحيط بكل الروايات الكلاسيكية السابقة التي فاتتني. وأنا أريد فعلاً أن ألم بهم.
يوجد ترجمة كاملة للرواية بالعربية بعنوان "موبي ديك" لمن أراد الاستمتاع بها كاملة.
"هل الحوت يفكر؟ هل لديه خطة!!"n
يقول السيد ميكافيللي في كتاب الأمير بأن الرجل لا ينتقم إذا ظلمه ذو بأس شديد, ويخبرنا علماء الحيوان الآن بأن القرود والذئاب والحيوانات الأخرى, عندما تدخل في قتال مع أعضاء من نفس النوع تقاتل بكل شراسة, ولكنها عندما تشرف على الهزيمة تخنع وتنحني أمام الفائز الذي يتقبل انسحاب الطرف الآخر. وبهذه الآلية يحافظ النوع الواحد على أفراده. ويبدو أن البشر ورثوا هذه الآلية أو القانون أيضاً.
ولكن هناك بعض البشر يستخدمون سلاحهم الأكبر المتمثل في عقلهم, ليلتفوا على هذا القانون. فينظر الإنسان إلى الآخرين على أنهم حيوانات, حتى وإن كانوا حيوانات بيضاء رائعة الجمال بعيون زرقاء هادية. وكحيوانات يعطي لنفسه الحق في استغلالهم كما يشاء, فيمكنه أنه يقتلهم متى أراد ذلك ليستولي على خيراتهم وشحومهم. وإذا عارضوا ذلك وقاوموه, يعاود قتالهم بهستريا حتى وإن تمخض القتال عن فقدان إحدى ساقيه.
عند هذه المرحلة أو قبلها بقليل, تقوم الحيوانات فاقدة العقل بالانسحاب لألا تفقد حياتها أو تصاب إصابة خطيرة. ولكن صاحب العقل الكابتن "أهاب" بعقله يشقى. فقد استخدم عقله ليرسّخ في نفسه فكرة أنه لن يهزم أمام ذلك الحيوان, ويوماً ما سيستطيع الانتقام. فلقد اعتبر نفسه سابقاً -كما يخبرنا الكاتب- في مصاف الآلهة, فأطلق الوعود لرجاله وغامر بحياة كل من حوله للانتقام ممن رفضوا حريته في تسليم حياتهم الخاصة له.
وكما رأيتم, فالرواية رمزية بامتياز عن مالكي الحقيقة المطلقة كالآلهة, الذين يحقدون ويفرحون بالانتقام ممن يرفض الانصياع لهم كطفل سعيد في صباح يوم عيد الكريسماس.
والنهاية التي يتنبأ بها الكاتب, هي مقتل مدّعي الألوهية, وخسارة كل رجاله وأحبابه الذين ورّطهم معه لإشباع نزواته من كبرياء وغرور لا يقبل الاعتراف بالهزيمة, ولا بحق الآخرين كبشر مساويين له في حرية تقرير مصيرهم.
"ولأن رجلاً يكره شخصاً, فينتقم منه ويقتل نفسه ويقتل الجميع."n
**
قرأت نسخة مختصرة من القصة, لأن العمر أقصر من أن أحيط بكل الروايات الكلاسيكية السابقة التي فاتتني. وأنا أريد فعلاً أن ألم بهم.
يوجد ترجمة كاملة للرواية بالعربية بعنوان "موبي ديك" لمن أراد الاستمتاع بها كاملة.