...
Show More
"لدى الفرنسيين عبارة تصف ذلك. الأوغاد لديهم وصف كل شيء وهم دائماً على حق:
أن تقول الوداع هو أن تموت قليلاً."
قرأت هذه الرواية بسبب "هاروكي موراكامي" الذي قال أنه قرأها فوق الستة مرات، وترجمها إلى اليابانية لشدة تأثره بأسلوبه، وبعدما انهيت الرواية نسيت هاروكي ووجدتني أقول لماذا لم نسمع بريموند تشاندلر كثيراً ويُذاع سيطه وتُترجم كتبه -الذي وجدت أنها كثيرة- فرواية "وداع طويل" بلا أدنى شك هي واحدة من أ��ضل روايات الجريمة والتحقيقات التي قرأتها في حياتي، والمحقق "فيليب مارلو" من أذكى المُحققين الذي قرأت عنهم، وذو شخصية فريدة للغاية، وذكاء يلمع بعينيه.
ما يُميز هذه الرواية عن أية رواية جريمة أخرى، أنها تحمل عُمقاً ومناقشات وقضايا مُعصدة تتشابك وتنحل لتتشابك أكثر، ثم تنحل في النهاية بإلتواءة جيدة، ومُفاجئة، والأكثر جاذبية أنه مُمهد لها طوال الأحداث، ولكننا لا نرى ذلك إلا بالتفجر الأخير عندما ظننا أن الرواية انتهت، ولكن كان هناك قنبلة في النهاية، ستُغير رأيك في أغلب الشخصيات، ولكنها ستجعلك واثقاً أن "فيليب مارلو" رجل ذو مبدأ مُحترم لا يخل به أبداً، وطوال أحداث الرواية ومُشاكسات "فيليب مارلو" الذي يعمل كمحقق خاص، مع الشرطة والعصابات، لكي يتوصل إلى الحقيقة، والحقيقة وحدها، طريق مُعذب مليء بالتساؤلات حتى حول نفسه، ينخرط "مارلو" في القضية حتى تصير حياته، لا عجب أنه عندما انتهت الحكاية ظل وحده بلا رفقة، فقد تأثر وانخرط فيها، ولمسها، ارتبط بها عاطفياً وليس فقط من البداية، ومُساعدته لأحد الشخصيات، ولكن طوال الأحداث وحتى النهاية.
الرواية أيضاً تستعرض الحقبة الزمنية بستينيات القرن الماضي، من خلال بعض الشخصيات التي مثلت الشرطة ورجال الأعمال ورجال العصابات، وأصحاب الصُحف، وكيف يخدمون بعضهم البعض، وقد يتعمدوا في تزييف الحقيقة من أجل المصالح المُشتركة. وكيف يُمكن أن يصل تزييف الحقيقة إلى التلاعب في الوقائع حتى، وتغيير مسار الأحداث، وكيف أن لغة المال هي اللغة الوحيدة السائدة حتى بين أعلى القيادات في الشرطة والقضاة وأيضاً الصحف ورجال العصابات، الكل عبداً للمال بشكلاً ما. ولم تُغفل الجانب الاجتماعي أيضاً وتأثير الحرب على الشخصيات، أحد الشخصيات حصل على ندبات بسبب الحرب، وبشكلاً ما كانت الحرب هي هزة نفسية له حولته كما رأينا في الأحداث، أيضاً وجود عنصر النساء كان فعالاً وحقيقياً، الإغواء الأكثر شراهة من المال، ولكن من قال أن الجمال لا يقتل؟
ختاماً..
رواية بوليسية كلاسيكية من الطراز الأكثر من جيد، مكتوبة بألغاز تُحل توالياً، حتى تتفجر عند النهاية، أحداثها جذابة غير مُملة على الإطلاق، وعملية التحقيق والبحث نفسها لم أقرأ مثلها من قبل، وجاءت الترجمة جيدة، لكنها كانت تحتاج مراجعة أخيرة من أجل التدقيق في بعض الكلمات.
بكل تأكيد يُنصح بها.